الوطن
محمد صلاح البدرى
الأتراك الذين «سرقوا مال النبى»!
«تركيا فخورة بحماية الأمانات المقدسة، وشعبها الأكثر قدرة على حمايتها واحترامها، وهناك من يتهم الدولة العثمانية بأنها سرقته، وهذه اتهامات غير صحيحة لأنها حمت الآثار وحكمت البلدان بعدل وإنصاف، وأرسلت أمانات الرسول إلى إسطنبول لتمنع انتقالها إلى المتاحف الأوروبية، وسيكون الأمر شفيعاً لنا يوم القيامة».

كانت تلك هى كلمات رجب طيب أردوغان، الرئيس التركى، فى ديسمبر ٢٠١٧.. عقب تزايد المطالبات العربية عامة والسعودية خاصة بإعادة مقتنيات النبى التى تم نقلها منذ أكثر من مائة عام من المدينة إلى إسطنبول بحجة حمايتها من نهب الأوروبيين لها..!!

تصريحات «أردوغان» لاقت معارضة شديدة فى الأوساط العربية، التى استنكرت «وقاحة» الأتراك لصوص الحضارة، لدرجة أن الكاتب السعودى خالد عباس طاشكندى قد رد على تفاخر الرئيس التركى بأجداده فى مقال بعنوان «حقيقة فخر أردوغان» وقال فيه: «إن ما نهبه الأتراك والمعروض فى متحف طوب كابى فى إسطنبول الآن هو خير شاهد على إنجازات جد أردوغان». أزمة كبيرة عانى منها الأتراك حين قرر زعيمهم الدموى سليم الأول أن يغزو الشرق وينصّب نفسه خليفة للمسلمين.. أزمة عنوانها «الشرعية» التى كانوا يبحثون عنها لخلافتهم..

أزمة ظهرت فى نقل الخليفة العباسى لإسطنبول عقب معركة مرج دابق.. وفى البحث بنهم شديد عن المقتنيات النبوية الشريفة لنقلها إلى عاصمتهم لإضفاء قدسية «ما» عليها.. أو لتصبح عاصمة «تصلح» للخلافة على الرغم من أصلها غير العربى أو بعدها جغرافياً عن الدولة الإسلامية بالكامل..!

لقد حاول سليم الأول أن يعثر على السيف النبوى الذى كان يعرف بسيف العضب.. وبردة النبى التى كان يرتديها فى خطبة الجمعة.. تلك المقتنيات النبوية التى أتت مع الخليفة العباسى لمصر.. والتى كانت محفوظة فى مسجد الصحابى بهاء الدين بمنطقة «أثر النبى» -التى سميت بهذا الاسم بسبب وجود تلك المقتنيات بها لفترة ليست بالقصيرة- ولكنه فشل فى العثور عليها بعد أن أخفاها المصريون منه فى مدفن السلطان قنصوه الغورى نفسه.. ورفضوا كل المغريات لتسليمها أو الإفصاح عن مكانها.. بل ولم تخرج منه إلا بعد إنشاء غرفة المقتنيات النبوية بمسجد الحسين فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى لتظل فيه حتى الآن..!

فشل الأتراك فى العثور على المقتنيات الموجودة فى مصر جعلهم لفترة طويلة يحاولون نقل المقتنيات الأخرى الموجودة فى المدينة المنورة.. ولكن صرامة أهل المدينة تجاه هذا الأمر ورفضهم الشديد جعلهم عاجزين عن ذلك.. حتى أتت الحرب العالمية الأولى.. واكتشف السلطان عبدالحميد الثانى، آخر سلاطين الدولة العثمانية، أن الوقت مناسب لنهبها.. فأصدر أمره للوالى التركى فخرى بك، والى المدينة، أن ينقل كل المقتنيات النبوية من المدينة المنورة إلى إسطنبول بحجة الخوف عليها من الأوروبيين!!!

جدير بالذكر أن كثيراً من المقتنيات قد فقدت فى الطريق إلى إسطنبول.. فبعض المصادر تذكر أن فخرى بك قد قرر نقل محتويات المكتبة المحمودية كلها فى ١٤ صندوقاً.. وأثناء نقلها وحين وصلت دمشق.. فاض عليها نهر بردى وضاعت كلها!!

ما زالت المطالبات العربية لاستعادة تلك المقتنيات يعلو صوتها كل حين.. ولكننى أعتقد.. وبعد أن أظهرت تركيا ما تضمر نحو الأمة العربية كلها فى عهد حكم ذلك الموتور.. أن يبدأ العرب فى خطوات جادة فى هذا الأمر.. فلم يعد هناك مجال للاعتراف بشرعية خلافة زالت.. لم يكتسبوها إلا بأن «يسرقوا مال النبى».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف