مجدى سرحان
لله والوطن .. تحالف أنقرة وطهران !!
يحتار المرء في محاولة فهم رد الفعل التركي على عملية قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني التي نفذها الجيش الأمريكي بأمر صادر من الرئيس ترامب.
الرئيس التركي «لص أنقرة».. سارع بالاتصال بالرئيس الإيراني ليبلغه تعازيه وشعوره بالأسى لفقدان «الشهيد قاسم سليماني»..!!
<< شهيد؟!
أليس «سليماني» هذا هو من يساهم بقواته في حماية نظام بشار الأسد الذي يحاربه لأردوغان ويغزو أراضيه؟!.. أليس سليماني هو العدو الأكبر الذي قتل الآلاف من دواعش سوريا ـ وخصوصا في حلب ـ الذين يدعمهم الرئيس التركي ويرسلهم الآن الى ليبيا لحماية حليفه الإخواني فايز السراج؟!.. ثم أليس الذي قتل سليماني هو «ترامب» الذي سلم سوريا لأردوغان وساند غزو الأتراك للأراضي السورية بزعم حماية حدودهم من هجمات الأكراد؟!.
ما هذا التناقض العجيب والمريب؟.. هل الأتراك والإيرانيون أعداء متحاربين أم أصدقاء متحالفين؟!.
<< لم يعد خافيًا
إن هناك «تحالفًا استراتيجيًا» يجمع بين الإيرانيين وقيادات التنظيم الدولي للإخوان.. وعلى رأسهم أردوغان.. رغم ما يبدو من خلاف وتناقض بين مشروعيهما الإسلاميين.. مشروع الخلافة الإسلامية السنية الذي تقوده تركيا والمشروع الإيراني الصفوي الشيعي الهادف لإعدة إحياء الإمبراطورية الفارسية من جديد.
بالأمس تحدثنا عن العلاقة الوطيدة التي أقامها الإخوان في عهد المخلوع محمد مرسي مع طهران.. وعن تفاصيل الزيارة السرية التي قام بها قاسم سليماني الى القاهرة للالتقاء بقيادات الإخوان والترتيب لإنشاء حرس ثوري مصري مشابه للإيراني.. لحماية مرسي وليكون بديلاً للأجهزة الأمنية الرسمية وموالياً للإخوان.
كما أنه من المعلوم أن نظام الإخوان البائد قد سعى الى تطبيع العلاقات بالكامل مع طهران.. بعد قطيعة بين البلدين امتدت لعقود.. وتمثل ذلك في الزيارة التي قام بها مرسي الى إيران لحضور قمة منظمة دول عدم الانحياز أوائل شهر سبتمبر 2012 ثم الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى القاهرة لحضور مؤتمر القمة الإسلامي.. وهي أول زيارة لرئيس إيراني لمصر منذ قيام الثورة الإيرانية قبل 34 عامًا.
•• ولا شك
أن علاقة تنظيم الإخوان الدولي الإرهابي بمحور الشر القطري التركي الإيراني.. تعكس الطبيعة التآمرية والانتهازية للتنظيم.. والتي تعيد تأكيد ما هو معلوم عنه من طبيعة سياسية.. غير دينية.. وأنه ليس مؤسسة دعوية حسبما يشيعون.. بل هم متاجرون بالدين لأغراض سياسية.. كما تعكس هذه العلاقة كذب الإخوان وتناقض أفعالهم بين ما يرتكبونه من جرائم إرهابية وما يزعمونه من تسامح و«سلمية» ونبذ للعنف والتعصب والتناحر المذهبي البغيض.
ومن قبل.. كشفت أجهزة سيادية مصرية معلومات عن لقاء مغلق نظمته مؤسسة شيعية إيرانية في لندن لقاء مغلقاً جمع بين بعض رموز الإخوان وقيادات إيرانية.. تحت ستار ما يسمى «منتدى الوحدة الإسلامية» الذي يعقد مؤتمره السنوي في العاصمة البريطانية.. وكان الهدف الخفي من هذا اللقاء ـ وفقًا للمعلومات الأمنية ـ هو بحث سبل إقامة تحالف استراتيجي بين الإخوان والنظام الإيراني.. في إطار تحركهم التآمري لضرب استقرار منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ودول الخليج العربية ومصر بشكل خاص.. والذي يتحالفون فيه مع أعتى تنظيمات الإرهاب.. مثل «داعش» وحركة «حسم» الإرهابية المسئولة عن جميع جرائم الإرهاب الخسيسة التي وقعت في مصر.
ولا ننسى أيضا ان هناك طرفًا ثالثًا في هذه العلاقة التآمرية.. هو النظام القطري الحليف لطهران.. التابع لها والمنقاد وراءها.. وهو التحالف الذي يستقوي به الحاكم القطري «القزم».. فالأتراك هم الطرف الثالث في العلاقة التآمرية بين نظام الدوحة وتنظيم الإخوان.. وخاصة بعد أن فتح الحاكم القطري أبواب أراضيه لجحافل الجيش التركي.. بالإضافة الى التواجد العسكري الإيراني والأمريكي أيضا في قطر.
<< نعود الى السؤال:
هل الأتراك والإيرانيون أعداء متحاربين أم أصدقاء متحالفين؟!.
المؤكد أنه رغم اختلاف المشروعين التركي والإيراني فى استراتيجيات سعيهما إلى تحقيق أهدافهما الإقليمية.. إلا أنهما يجتمعان على عدة أهداف مشتركة تفرض عليهم التعاون والتنسيق.. وعلى رأس هذه الأهداف محاولة السيطرة على الدول العربية وثرواتها وإضعاف دورها الإقليمي.. وخاصة مصر التي يحاولون الآن استدراجها إلى الحرب في ليبيا بغرض استنزاف مواردها ووقف مسيرتها الإصلاحية.. وهو ما تعيه القيادة السياسية المصرية جيدًا.. وتتعامل معه بأقصى درجات الحذر والقوة في نفس الوقت.. وهذا هو التحدي الكبير للدولة المصرية.. شعبًا وجيشًا وقيادة.