المصرى اليوم
حمدى رزق
وداعًا يا قبطان
آخر رسالة من الدكتور إبراهيم البحراوى، على «الواتس» البقاء لله، العزاء بمسجد القوات المسلحة أمام سيتى ستارز، الخميس القادم بعد صلاة المغرب.
الله يرحمك يا قبطان، كلمته الأثيرة فى وصف من يحب، وكان قلبه مفعمًا بالحب، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون، يرحمك الله يا من أخصلت فى حب وطنك، وتوفرت على خدمة وطنك، وكنت جنديا مجندا، وأديت الفروض الوطنية كاملة.

وداعًا يا قبطان، يا من شغلت بمصر حتى نسيت دواءك، واستولى عليك داؤك، لم تشكُ يوما، وامتلكت ناصية أمرك، وتخصصت فى أشق الفروع جميعا، الشؤون الإسرائيلية، كنت خبيرها المؤتمن، والمعتمد، مصداقية تمتنها خبرة، وعلم ودراسة واختصاص، كنت يا قبطان تبحر فى هذا الملف بخبرة السنين الطوال، وأيقونتك الباقية «حافظوا على مصر.. ولا تغفلوا الجانب الآخر» (منقولة من صفحة الصديق الدكتور طارق فهمى).

أملك سجلا لتعليقاتك على مقالاتى على الواتس، كلها تحوى كلمة قبطان، فأسميته «القبطان البحراوى» باعتباره يبحر فى بحر الظلمات، بحر الدراسات الإسرائيلية، وأتذكر حسن صنيعه وكلماته الطيبات عندما ادلهمت الخطوب، وكيف كان مرشدا هاديا، قطبانا وصفا وصفة واسما لاحقا.

لم يكن يكتب إلا بعد أن يحكم ضميره، ويتوفر على ما فيه مصلحة وطنه، ولا يغمس قلمه إلا فى حبر الوطن، كان مؤذنًا فينا، بأن احذروا، هناك على الجانب الآخر من يتربص بكم الدوائر، وتوفر على الدراسات الإسرائيلية توفر العلماء.

ويعد القبطان البحراوى، أشهر أساتذة الدراسات الإسرائيلية، وقام بالتحقيق مع الأسرى الإسرائيليين فى الفترة ما بين 1967 و1973، وأصدر دراسة فى اتجاهات ومشاعر أسرى الحرب الإسرائيليين من خلال المقابلات بالسجن الحربى المصرى فى حرب 1967 وحرب 1973، كما أصدر دراسة تيارات الفكر الدينى والعلمانى المتصارعة فى المجتمع الإسرائيلى عبر الأدب العبرى المعاصر.

لم تقصر يا قبطان، نحن من قصرنا فى السؤال عن الحال والأحوال، وشغلنا عن الأحباب حتى حم الغياب، الدنيا تلاهى، تلهينا عن عود الأحباب، تلهينا عنك يا قبطان فى أيامك الأخيرة التى مضت بك ترقب سفننا الصغيرة تمخر فى العباب داعيا بالنجاة، ولم تبد تبرما، ولا ضيقا، ولم تطلب لنا سوى التوفيق.

القبطان الكبير يبحر رحلته الأخيرة إلى الآخرة مشيعًا بالدعوات الصالحات، البقية فى حياتنا جميعًا، ولأسرته الصبر والسلوان، ولتلاميذه وصية استكمال الطريق، من عرف لغة قوم أمن مكرهم، وتخصص القبطان فى عصب الأمن القومى المصرى، حمله رسالة، وأدى الأمانة، وعلى الطريق يستوجب المسير ممن تربوا على يديه أستاذًا ومعلمًا وحكيمًا، كان قبطانا خبيرا، خلع اللقب على المحبين ونسى نفسه، يرحمه الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف