على أثر مقتل قاسم سليمانى، الجنرال المزيف، انطلقت الأسئلة فى بعض الإعلام الغربى، وتحديداً الأمريكى، ومن ينتمون للديمقراطيين هناك، عن جدوى استهدافه، وهل كان قتله فعلاً استفزازياً، وتصعيداً مع إيران؟ وأسئلة أخرى.
والحقيقة أن أدق عبارة هى التى قالها الرئيس ترامب: «كان يجب التخلص من سليمانى منذ عدة سنوات» لتجنب إراقة الدماء التى تسبب بها فى المنطقة، وليس فى صفوف الأمريكيين فى العراق فقط. الإشكالية فى بعض من ينتقدون استهداف سليمانى، فى أمريكا، أو المنطقة، هنا بين ظهرانينا، ليست فى القصور السياسى، وإنما فى الدوافع الأيديولوجية، والمؤدلج أعمى عن الحقائق، لا يراها وإن أمعن النظر فيها. «سليمانى» كان الرجل الثانى، فى تركيبة نظام الملالى، بعد المرشد، وليس الرئيس أو خلافه، بسبب «سليمانى» استقال وزير الخارجية جواد ظريف غضباً بعد ما جلب «سليمانى» بشار الأسد إلى طهران، وظهر بجانبه مع المرشد الإيرانى دون علم، أو وجود «ظريف»، الذى عدل عن الاستقالة لاحقاً بعد أن اعتذر له «سليمانى» بالقول إن «ظريف» هو المسئول عن ملف الخارجية.
«سليمانى» كان القائد الأول ميدانياً، وصاحب مشروع وتأسيس، والاستعانة، بالميليشيات الشيعية المسلحة، وقام بدعمهم فى لبنان، حزب الله، وكذلك العراق، بعد عام ٢٠٠٣، وهو من جلب المرتزقة إلى سوريا، وتسبب بمقتل ما يزيد على نصف مليون سورى، وتشريد ما يزيد على خمسة ملايين هناك. «سليمانى» هو من يدرب رجاله الحوثيين فى اليمن، وهو المسئول عن الدم، والصراع الطائفى فى العراق. هو ليس بساحر، ولا شخصية خرافية، هو ببساطة الرجل الذى لا يأخذ قراراً إلا من المرشد الإيرانى، ولذلك حظى بالقوة، والسطوة، واستفاد من التساهل الغربى تجاه إيران، وبالذات أمريكا أوباما، ولذلك بلغ «سليمانى» ما بلغه، بل وصل الغرور به حد مخاطبة الرئيس «ترامب» عام ٢٠١٨ بالقول فى مقطع فيديو: «أقول لك يا سيد ترامب المقامر.. أقول لك.. اعلم أننا قريبون منك فى مكان لا يخطر لك أننا فيه»! ولذلك عاث «سليمانى» فى منطقتنا الفساد، وليس الآن وحسب، بل منذ قرابة عشرين عاماً، وإلى مقتله، فعل ذلك فى العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، وكذلك فى دعم حماس والجهاد، اللذين نعياه، وهما من المصابين بعمى الأدلجة.
صحيح أن «سليمانى» كان برتبة جنرال، وحظى بدعم المرشد الإيرانى، لكن عندما ينظر لـ«سليمانى» بعين الواقع، ووفقاً لكل القوانين والأنظمة، فهو جنرال مزيف مثله مثل أبوبكر البغدادى، وأبومصعب الزرقاوى، وأسامة بن لادن، ولا يختلف عنهم بالأفعال، والنوايا، واختلافه الوحيد عنهم أنه كان يأتمر بأمر دولة، مما يجعل أفعاله إرهاب دولة، ورغم كل ذلك سكت عنه من قبل أمريكا أوباما، الذى أراد مكافأة طهران باتفاق جائر، رغم استهداف إيران، بقيادة «سليمانى»، الجنود الأمريكيين، واستهداف أمن الدول العربية، ووحدتها، حيث عمَّق فيها «سليمانى» آفة الطائفية، وجلب مرتزقة مسلحين، وقتل وشرد الأبرياء، مستفيداً من المؤدلج الأعمى، إلى أن جاء الرئيس «ترامب» غير المصاب بداء الأدلجة.