الوطن
وليد طوغان
الكلام ده حرام؟!
للآن الكلام عن التجديد على ودنه.. يومئ رجال الدين بالموافقة.. وننتظر.. لكن لا رجال الدين يجدّدون.. ولا مللنا نحن الانتظار.

هل التجديد حرام؟

أبداً.. فالتجديد هو الانتقال من حال قديم إلى حال جديد.. مع حفظ الأصل.. وفى الدين يعنى إعادة استنباط أحكام شرعية من المصادر الأصلية.. حتى لو خالفت الأحكام الجديدة ما استقر عليه الأولون.

تغيّر الزمان، وتغيّرت الثقافات وتغيّرت الأرضيات المعرفية للبشر. معارف المسلمين فى عصر الآى باد والإنترنت.. غير ثقافة ووعى المسلمين فى عصر أبوبكر وعمر وعثمان بن عفان، رضى الله عنهم جميعاً.

ثم إن الحاجة للتجديد موجودة حتى فى عصور الإسلام الأولى. أبوبكر، رضى الله عنه، رفض توريث جدة مات ابن ابنها فى حياتها، لأنه لم يجد نصاً فى القرآن.. ولما راجعه الصحابة.. ورّثها بالفرض قياساً على الأم.

كان هذا تجديداً.. ولو لم يكن.. لما ورثت الجدة.. بينما ترث الأم.

والإمام الشافعى أيّد بعض آراء الإمام مالك.. ورفض بعضها. وأحصى الإمام الليث بن سعد على مالك سبعين خطأً.. منها إقرار «مالك» بجواز استقرار الجنين فى بطن أمه ثلاث سنوات!!

رأى «الليث» أنه لا يمكن الاعتداد بهذا الكلام.. لأنه لا شرع فى ما خالف العقل!!

فى الزواج، اختلف الإمامان فى مفهوم الكفاءة.. يعنى من يصلح للزواج بمن؟ ومن الذى لا يجوز زواجه ممن؟

أفتى «مالك» بعدم جواز زواج القريشى إلا من قريشية.. ولا عربى إلا بعربية.. بينما قضى «الليث» بأن كل مسلم كفء لكل مسلمة.. فإذا كان للمسلم الزواج بكتابية.. فكيف لـ«مالك» منع مسلمة عن مسلم؟

ولما قضى «مالك» فى المدينة بأن للمرأة مؤخر صداقها متى شاءت أخذته.. ولو ما زال الزواج قائماً.. رأى الإمام الليث إمكانية كيد بعضهن لأزواجهن.. فيفسدن حياتهن.. أو يفسدن حياة أزواجهن.. فحرم المؤخر إلا بطلاق أو لوفاة.

كلها أمور حياتية.. لها علاقة بتفسير النص وتأويله.. وإعادة قياسه على الواقع.

خلافات الأولين نموذج لمرونة الدين.. ولاتساع مدى الاجتهاد.. ولجواز التعامل مع القديم.. بأحكام جديدة.

المعنى أن الاستدلال بأحكام شرعية مغايرة سهل وجائز.. وحلال. ومعناه الأهم أن التفسير أساسه المصلحة.. لا ما يبدو من النص.

لما أجاز الإمام مالك ضرب الجانى لإجباره على الاعتراف.. حماية للأموال المسروقة.. تساءل الإمام الليث: فإذا ثبت على المتهم البراءة؟ ما التعويض؟ وكيف؟ وأقر «الليث» تقديم مبدأ حماية البرىء قبل عقاب المذنب.. فإن يفلت عشرة جناة من العقاب.. أولى من ظلم برىء!

فى جرائم القتل، اعتبر «مالك» القصاص هو قتل جميع الشركاء، لكن الليث نهى عن قتل الجميع، لأن النفس بالنفس.. وقال بأن يقتل صاحب الضربة القاتلة.. فلا يتساوى من قتل.. بمن شارك بلا قتل.

الكلام صحيح.. ومهم.. ومعقول. وإذا كان خطأ فى الاستدلال.. فلا يخفض الخطأ مرتبة.. ولا الاجتهاد يلغى المكانة.

لكن يبدو حالياً من بعضهم حرصهم على الدين.. أكثر من هؤلاء.. تصدق؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف