الأهرام
د . شيماء سراج عمارة
أفريقيا في عيون رئيسنا
أفريقيا في عيون رئيسنا

لا يخفى على أحد الدور المحوري الذي لعبته وتلعبه مصر بالنسبة إلى دول القارة الأفريقية، فإذا ما تحدثنا تاريخياً، لنبدأ من أعقاب 1952، فسنجد أن مصر اعتمدت بذكاء على قوتها الناعمة، والمتمثلة فى الإعلام والفن، وكذلك جهاز المخابرات العامة المصرية، لتتحول مصر إلى قبلة لقادة حركات التحرر الوطنى الأفريقي، كما كانت شركة النصر للتصدير والاستيراد مدعم رئيسي للوضع المالي والنفوذ السياسي وربما العسكري لمصر في قارة أفريقيا، لتأخذ مصر بيد دول القارة الأفريقية في تحقيق الاستقلال، لتنقل مصر إلى مرحلة أخرى من المساندة الأفريقية، والتوجه نحو توحيد الصف الأفريقي، من خلال الدعوة إلى إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، ليتم الإعلان عنها عام 1963 كمنظمة إقليمية تستهدف الحفاظ على سيادة واستقلالية الدول الأفريقية، لتترأسها مصر ثلاث مرات عام 1964، 1990، 1994.

وعلى الرغم من السعي المصري التاريخي لمحاولة الحفاظ على دعم أواصر التواصل الأفريقي، إلا أن تلك الجهود مرت بمراحل أعادتها إلى إلى نقطة البداية، لتنقطع أواصر التعاون المصري الأفريقي، وتفقد مصر ريادتها المعهودة، وأهم تلك التحديات المؤثرة على الريادة المصرية للقارة السمراء، تأتي محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق في أديس أبابا عام 1995 على رأس تلك العقبات، ليخيم التوتر على العلاقات بين مصر وأشقائها، لتتسع الفجوة عام 2002 بعد اختيار أديس أبابا كمقر للاتحاد الإفريقي، خلفاً لمنظمة الوحدة الأفريقية، لينسحب بساط الريادة الأفريقية من مصر، ويستكمل ترهل النسيج المصري الأفريقي عقب عواصف 2011، وكنتيجة طبيعية للوهن الاقتصادي والسياسي الذي أصاب مصر، تزداد الهوة اتساعاً، وتتحطم تماما العلاقات المصرية الأفريقية بتعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي عام 2013.

إلا أن القدر لا يحتمل انهيار الروابط الطبيعية المصرية الأفريقية، لتعود مصر إلى عضوية الاتحاد الأفريقي عقب الانتخابات الرئاسية في 2014، وتبدأ مصر جولة جديدة من الريادة التنموية لدول القارة، لتتوج برئاسة الاتحاد الأفريقي عام 2019، وما بين عامي 2014 و2019، توالت الزيارات الرئاسية للعديد من الدول الأفريقية، ليتجاوز عددها 30 زيارة رسمية، بهدف تعزيز التعاون المصري الأفريقي، ودعم فرص التنمية القارية.

لتتوج مصر فترة رئاستها للاتحاد الإفريقى عام 2019 بتدعيم العديد من المشروعات التنموية، وأهمها مشروعات الربط الكهربائى بين عددٍ من الدول الأفريقية لتبدأ بدول شرق أفريقيا، ثم المناطق الجنوبية والشمالية من القارة، على أن يكون هناك خطوات جادة لاستغلال موقع مصر بهدف الربط الكهربائي بين إفريقيا وآسيا. بالإضافة إلى تدشين عدد من المشروعات الاقتصادية المشتركة بين السودان وتشاد في مجالات الثروة الحيوانية والزراعة والأدوية، وإحياء فكرة الربط بواسطة خط للسكك الحديدية يمتد من جنوب القارة إلى شمالها "كيب تاون-القاهرة".

ويحسب للرئيس السيسي أثناء رئاسته لأعمال القمة الإفريقية الاستثنائية في النيجر، نجاحه في إطلاق اتفاقية التجارة الحرة القارية، والتي تعد علامة فارقة في مسيرة التكامل الاقتصادي للقارة الأفريقية لتصبح أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، وهو ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة في مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمي، ليتم وضع تصور للإطار التنفيذي الخاص بأجندة الاتحاد الأفريقي ومشروعاته الرائدة خلال السنوات العشر الأولى، وهو الأمر الذي يدفع باستراتيجية أفريقيا 2063 والتي وضعتها الأمم المتحدة منذ عام 2015 على طريق التنفيذ، لتصبح القارة الأفريقية في مصاف الدول الكبرى المهتمة بتفعيل آليات التنمية المستدامة، وذلك بريادة مصرية.

وها هي مصر تشارك في أعمال القمة البريطانية الأفريقية للاستثمار يناير 2020، لتؤكد على أهمية الاستثمار في القارة الأفريقية في المجالات المختلفة المرتبطة بالبنية التحتية المستدامة، والتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، وتبادل الرؤى والخبرات في مجال التنمية البشرية والاهتمام بالاستثمار التعليم، ودوره في الحد من الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، ودعم التنمية الاقتصادية للقارة، ليبادر رئيسنا بالتأكيد على أهمية عدم إغفال ترسيخ الأمن ودعم روح التعاون، ومكافحة الأرهاب لنصل إلى التنمية المنشودة بين دول القارة الأفريقية، لتصبح مصر البوابة الرئيسية لتحقيق التنمية بين دول القارة الأفريقية، وبتلك المبادرات المصرية الخالصة يؤكد رئيسنا على أن مصر لن تتخلى أبداً عن أشقائها من الدول الأفريقية، وأن أفريقيا ستظل دائما نصب أعيننا، عازماً على عودة مجددة للعلاقات الاقتصادية والسياسية، لا رجعة فيها.
د/ شيماء سراج عمارة
shaimaaserag@hotmail.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف