المصرى اليوم
نيوتن
فى الزراعة: من أين نبدأ؟
كان من المنطق أن تعتبر أسرائيل أبعد ما تكون عن الزراعة. فهى ليست مصر بما وفره لها نهر النيل. أو السودان بما لديها من وفرة فى الأرض والمياه. فالمياه لدى إسرائيل وكذلك الأرض محدودة.
وبما أن الحاجة أم الاختراع. فقد قررت إسرائيل التغلب على هاتين العقبتين. اتجهت لابتكار الوسائل الموفرة لاستخدام المياه. فكانت من أوائل الدول التى عملت على تطوير تقنيات ونظم الرى الحديثة. دفعتها إلى ذلك ندرة المياه لديها. كذلك محدودية الأرض لديها وجّهتها لمتابعة كل صنف جديد. فمحدودية الأرض تجعل صاحبها يبحث عن كيفية استغلالها لتحقيق أكبر عائد منها. فأحضروا أصنافًا من كل أنحاء العالم. لذلك سبقت الدول جميعا فى تصدير الفاكهة والمنتجات الزراعية. أصبحت المنتجات الاسرائيلية تغزو أوروبا كلها.

بدأوا أيضا يستنسخون سلالات متميزة من الماشية. سلالات تعطى عائدا كبيرا من اللبن ومن اللحوم. أصبحت البقرة الإسرائيلية الآن علامة تجارية مميزة. تتفوق على البقرة الهولندية الشهيرة.

فالأزمات فى نهاية الأمر هى ما تدفع إلى الابتكار لإيجاد حلول تتجاوزها. بدون أزمة لن يضطر أحد لعناء البحث عن وسيلة لتحسين أدائه.

الذى شعر بالغيرة وقام بنهضة لتطوير الزراعة فى مصر هو القطاع الخاص. التطوير لم يأت على يد الدولة أبدًا. سواء فى نظم الرى أو الأصناف الجديدة القابلة للتصدير. رائد هذا التطوير معروف. لن أذكر اسمه حتى لا أتهم بالشخصنة. جلب كل السلالات الزراعية الصالحة للتصدير من مصادرها الرئيسية: من أمريكا وإيطاليا وأمريكا الجنوبية.

وبما أن الأزمات هى الدافع الأساسى للابتكار والبحث عن وسائل جديدة. وإذا كان القطاع الخاص اتخذ هذه المبادرة. فما هو دور الدولة؟ هل نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ حتى لو كان ما انتهوا إليه فى إسرائيل أم أن هذا يعتبر رجسًا من عمل الشيطان علينا تجنبه؟ وعلينا فقط أن نبدأ من الصفر. دائما نحاول اختراع العجلة من جديد. بدلاً من أن نبدأ من المحطة الأخيرة للإنسان ونضيف عليها.

أليس ذلك ما فعلته اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية وفيتنام وإندونيسيا. كل هولاء بدأوا من حيث انتهى الآخرون. فازدهر اقتصادهم وارتفع لديهم مستوى المعيشة. لكل هذا هل يمكن أن نبدأ من حيث وصل الآخرون؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف