العقر فى اللغة بمعنى: العض، والذبح، والقطع، يقال عقر النخلة بمعنى قطعها، وعقرت المرأة لم تلد، وعقر الحيوان: ذبحه، وعقر الكلب الولد: عضه، وما يهمنا من معجم اللغات هذا عقر الكلب الولد، وليس عقر الولد الكلب، وهى بمعنى عضه، تخيلوا كم حالة عقر فى مصر، كم كلب عقر أحد الأولاد أو الشباب أو السيدات أو المسنين، يقال والله أعلم أن مصر خلال العام الماضى شهدت 396 حالة عقر، ويقال أيضا والعهدة على التقارير الحكومية إن 56 ممن عقروا توفوا، هذه الحالات هى التى ذهبت إلى المستشفيات بعد العقرة، والمؤكد أن هناك أضعاف هذا الرقم فى الأرياف والأحياء الشعبية والمدن عقروا ولم يذهبوا إلى المستشفيات لم يتلقوا علاجا.
وقد رصدت التقارير معدلات العقر خلال الأعوام السابقة، فى عام 2014 عقر بعون الله حوالى 300 ألف حالة، وتوفى 52 حالة، وفى عام 2015 عقرت الكلاب حوالى 324 ألف حالة، توفى منهم 55 معقورا، وفى عام 2016 ارتفعت حالات العقر إلى 370 ألف حالة، والوفاة 59 معقورا.
هذه النسب بالطبع تدفعنا للتساؤل: ماذا فعلنا لكى نحمى المواطنين من العقر؟، ولماذا نترك الكلاب فى الشوارع تعقر المواطنين؟، هل هى خطة للتأديب وتخويف المواطن من السير ليلا؟، ولماذا أصبحنا نرى الكلاب تجوب الشوارع فى قوافل؟، من أين تأتى هذه الكلاب؟، هل هناك مزارع لتربيتها وإطلاقها؟.
خلال فترة الستينيات والسبعينيات كان هناك ما يعرف بـ«الشفخانة»، وهى أقرب للمستشفى البيطرى أو إسطبل لخيل الحكومة أو مركز حجر صحى للحيوانات، أو كل هذه الوظائف، وكان للشفخانة عربة تجوب الشوارع، وهى على هيئة قفص حديدى أو خشبي، أعلى عربة يجرها حصان، يسير خلفها أحد العساكر يحمل بندقية و كرباجا بطوق، وظيفته اصطياد الكلاب الضالة من الشوارع والحارات، وفى حالة فشله فى القبض عليه وإدخاله إلى العربة، يقوم بإطلاق النار عليه وقتله، ثم يرفع جثته إلى العربة.
وكان رجال الشفخانة على ما أتذكر يقومون بمصادرة الحمير والأحصنة المريضة من عربات الكارو، كما كان العربجية (الحنطور والكارو) يذهبون إلى الشفخانة لمعالجة حيواناتهم، وأبناء جيلنا جميعهم الذين سكنوا الأحياء الشعبية والقرى والنجوع يعرفون جيدا الشفخانة وعربتها، فقد كان أغلب الأطفال والشباب يتبعون بسعادة غامرة عربة الشفخانة خلال تواجدها بالحى لمشاهدة العسكرى وهو يصطاد الكلاب أو وهو يقتلها، لماذا اختفى هذا المشهد؟، ولماذا تركنا الكلاب الضالة تعقر أولادنا فى الشوارع؟، وهل وزارة الزراعة أغلقت الشفخانات؟، وإذا كانت الشفخانة ما زالت موجودة، فلماذا اختفت عربتها ووظيفتها من الشوارع؟.
استدراك: الشفخانة كلمة تركية، وتعنى مستشفى الحيوانات، وكان بجانبها ما يسمى «العربخانة»، وهى أيضا كلمة تركية، بمعنى حظيرة حيوانات الجر، الحمير والأحصنة،(فندق أو لوكاندة للحمير والأحصنة) كان العربجية يبيتون فيها حيواناتهم، وفيها يقوم عمال العربخانة بتنظيف وتحميم الحيوانات وإطعامها حتى الصباح.