عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. الإعلام الفرعونى.. القديم
هل فكرنا مرة أن نفهم أن المعابد والمسلات كانت بجانب دورها الديني، هى وسائل الإعلام التى برع فيها الفراعنة.. وأن المسلات، كل واحدة منها، عبارة عن صحيفة منها ما هو بالأبيض والأسود.. ومنها ما هو بالألوان.. وأن واجهات المعابد صغيرها وكبيرها هى "مسلسلات" تليفزيونية وبالألوان الطبيعية ايضاً..
وأن هذه المسلات وتلك المعابد كانت كلها وسائل الاعلام التى لجأ اليها الفرعون لكى يخبر الناس ماذا فعل.. بل إن منها ما كان موجها للجمهور المحلي.. ومنها ما كان رسائل يبعث بها الفرعون الى كل من حول مصر من ملوك.. بدليل أن منها ما كان يشرح كيف بطش فرعون مصر بكل من حاول التعدى علينا.. صور طوابير الأسرى الآسيويين، والإفريقيين، وهم مقيدون.. ينحنون أمام الجيش المصرى وأمام فرعون مصر.. ذلك ما فعله تحتمس ورمسيس وحتشبسوت.. وأن الفرعون استخدم نفس الاسلوب فى نشر معتقداته الدينية، وخير مثال هنا هو ما نراه على بقايا المعابد التى أقامها الفرعون أخناتون للدعوة الى دينه الجديد.. التوحيد بالإله الواحد.. هل فكرنا فى كل ذلك؟.
<< ولاحظوا أن الاعلام المصرى القديم كان يستخدم هنا الكتابة الرسمية الهيروغليفية ولم يلجأ الا نادراً الى الكتابة الديموطيقية أو الهيراطيقية.. وكان الاعلام الفرعونى هذا فى قمة الذكاء.. إذ كانت المسلات تقام أمام مداخل المعابد.. ليراها كل الناس.. وكذلك على واجهات المعابد.. وهذا يؤكد ان الفرعون كان يريد أن يراها الناس ليعلموا بها. أى كانت بعض هذه الصحف "الفرعونية" تحمل أوامر وتعليمات الفرعون إلى الشعب.. وبأسلوب يفهمه الكل.. وينفذه الكل..
تلك هى رؤيتى لانتشار هذه الصحف أقصد المسلات والمعابد فى معظم أنحاء مصر.. بل إن إصرار الفرعون على أن يظهر واضعا فوق رأسه رمز الوجه القبلي. ورمز الوجه البحرى أن مصر دولة واحدة ليترسخ فى عقول الاعداء ـ قبل الاصدقاء ـ أن أحدا لا يجرؤ ان يعتدى على أى أرض فى الوجهين لأن كل هذه الأراضى يحميها الفرعون ويدافع عنها.
<< حقاً كان ذلك إعلاماً رائعاً.. بل هو الإعلام الأول فى العالم كله.. الذى يعلن عن وحدة الأمة المصرية ووحدة أراضيها.. أليس ذلك هو أهم أهداف الاعلام مهما تغيرت القرون وإن اختلف الحكام.. وكم كان ذلك الإعلام عظيماً.. حتى وإن كان إعلاماً رسمياً حكومياً أى إعلاما تحت التأميم!!