الوفد
بهاء أبو شقة
كلمة عدل .. الأخلاق فى الخطاب الدينى
نواصل الحديث عن تجديد الخطاب الدينى الذى بات ضرورة ملحة فى هذه المرحلة الفارقة فى تاريخ البلاد.

وهناك جانب آخر له أهمية قصوى فى الخطاب الدينى الذى يجب أن يتحلى به القائمون على تحديثه أو تجديده وهى صفة الأخلاق الحميدة والسامية، فالإسلام الدين الخالد الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. وتمكن هذا الدين من قلوب الناس بآدابه القيمة وتعاليمه النيرة. وكانت تلك الأخلاق السامية التى رسختها المبادئ السامية فى التعامل مع الآخر سبباً رئيسياً فى التعريف بالإسلام ووسيلة مهمة فى الدعوة إليه.

لقد دخل الإسلام معظم أنحاء آسيا وإفريقيا عن طريق التجار المسلمين العزل من أى سلاح سوي عقيدتهم الراسخة، والتى بها جذبوا أنظار السكان الأصليين بمكارم الأخلاق والصدق والأمانة والتسامح، ونجحوا فى دعوتهم إلى الإسلام بالقدوة الحسنة. والتعامل الحسن مع الآخر هو الذى دفع الكثيرين منهم إلى دراسة الإسلام ومطالعة القرآن الكريم، وكان ذلك سبباً فى قبولهم الإسلام والانضمام إلى صفوف رجاله. وكل العلماء يجمعون على أن الإسلام لم ينتشر بقوة السيف كما يزعم أصحاب الفكر المتطرف والمنحرف، ويرجع الفضل فى ذلك إلى الأخلاق الفاضلة العظيمة التى كان المسلمون يحملونها ويتصفون بها فى كل تصرفاتهم وتحركاتهم.

الحقيقة أن مزاعم انتشار الإسلام بالسيف أكذوبة يلصقها المتاجرون بالدين إلى المسلمين. فالأخلاق السامية هى السلاح الوحيد الذى حمله أصحاب الدين فى خطابهم مع الآخر، وهو ما نحن فى أشد الحاجة إليه الآن. ولقد تم فتح ثلاثة أرباع العالم بهذا الإيمان القائم على الأخلاق الحميدة والكريمة فى قلوب أصحابه الذين كانوا يحسنون التعامل مع الآخر. لذلك يعد الفتح الإسلامى هو الفتح الأعظم الذى لم يعرف التاريخ فتحاً مثله بخلاف الفاتحين الذين فتحوا بلاداً واسعة بسيوفهم وأخضعوها بجنودهم وحكموها بقوتهم وسطوتهم وتسلطهم، وفى المقابل أصحاب الخطاب الدينى الذين فتحوا البلاد بإيمانهم والقلوب بعدلهم والعقول بعلمهم فسادوا الدنيا وباتوا أصحاب السلطان.

الخطاب الدينى فى حاجة شديدة إلى التمسك بالأخلاق والآداب والحقوق فى التعامل مع الآخر وبهذا يتحقق الخير كله، وهذه ضرورة ملحة فى تجديد وتحديث الخطاب الموجه للآخر.

و«للحديث بقية»..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف