الوفد
أمينة النقاش
على فكرة .. لا جديد فى خطة ترامب
مجرمان هاربان من ملاحقة قضائية تتهم أحدهما باستغلال نفوذ منصبه الرئاسى، ويجرى النقاش حول عزله من منصبه، وتلاحق الثانى أربع قضايا فساد، إذا خسر منصبه سيكون مصيره السجن لا محالة. هكذا بدا لى المؤتمر الصحفى المشترك الذى أعلن فيه الرئيس الأمريكى «ترامب «خطته التى أطلق عليها صفقة القرن، فى حضور رئيس الوزراء الإسرائيلى المنتهية ولايته «نتنياهو»!

لتلك الاسباب تحديدا يكتسب توقيت إعلان الخطة أهمية بالغة. فهو من جانب يعزز فرص نتنياهو فى البقاء رئيسًا للحكومة الإسرائيلية، وإعادة انتخاب ترامب رئيسا لدورة ثانية فى الانتخابات التى تجرى فى إسرائيل بعد نحو شهر، وفى أمريكا فى نوفمبر القادم لكن للتوقيت بعدًا آخر هو الخلل الفادح فى توازن القوى القائم بين إسرائيل ليس بين مجمل الدول العربية فقط، بل كذلك مع الفلسطينيين.

وسواء كانت الخطة ثمانين صحفة أو مائة وثمانين صفحة، فإن جوهرها قد تم تنفيذه على أرض الواقع خلال الفترة الأولى من ولاية ترامب التى توشك على الانتهاء ولا جديد بها. وتذكرنى طول الخطة التى صاغها إنجيليون صهاينة متعصبون فى إدارة ترامب بينهم ابنته وزوجها، بترزية القوانين فى الحزب الوطنى الذين صاغوا التعديل الذى تم إدخاله على المادة 76 الخاصة بانتخابات الرئاسة فى دستور 1971، وجرى الاستفتاء عليها عام 2007 لكى تصبح تلك الانتخابات تنافسية، بدلا من الاستفتاء عليها، فجاء التعديل فريدًا فى طوله، لتغدو أطول مادة دستورية تعرفها الدساتير. فهى تشدد على شروط الترشح لمنصب الرئاسة وتحمل الشىء ونقيضه، وتربك القضاة والمحاكم فى تفسيرها، وتمنح من شرعها القدرة على التحايل فى تفسير بنودها!

ولأن الصفقة هى بيع وشراء بين طرفين، فما يتضح هنا أنهما ـ إسرائيل والولايات المتحدة فقط ـ بعد أن غاب عنها الجانب الفلسطينى، الذى هدده ترامب فى حال رفضه ما سماه الفرصة الأخيرة، هذا فضلا عن تجاهل ترامب التام كل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالتسوية بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى .

فما هى الفرصة المتاحة أمام الفلسطنيين للضغط عليهم للعودة إلى مائدة التفاوض مع الإسرائيليين، إذا كانت قضايا القدس والمستوطنات فى الضفة الغربية واللاجئين والهيمنة على غور الأردن، باتت جميعها خارج نطاق التفاوض، والجولان معهم من باب البقششة الأمريكية لإسرائيل بحقوق شعوب المنطقة!

تتجه الأنظار اليوم السبت للاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب فى الجامعة العربية الذى يشارك فيه الرئيس الفلسطينى محمود عباس، ولا أظن أن الشعوب العربية تنتظر من الاجتماع خطابا متشددا ضد صفقة ترامب، لكن كل ما تنتظره تلك الشعوب هو الانتهاء منه بموقف عربى موحد يجدد الثقة فى مبادرة السلام العربية فى قمة بيروت 2002 والقائمة على مبادلة الأرض بالسلام مع إسرائيل والتطبيع العربى معها، وإقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 طبقًا لقرارات الشرعية الدولية، وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة. وقبل ذلك وبعده إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بما يسهم فى إنهاء الانقسام فى المواقف بين الفصائل الفلسطينية، وليس بين فتح وحماس فقط، ليحظر على أى منها الانخراط فى الصراع الدائر فى الإقليم، أو التحالف مع بعض أطرافه على حساب المصالح العربية، كما هو حال الوضع بين حماس وإيران !

توحد الموقف العربى والفلسطينى فى ذلك الاجتماع وبعده ورقة مهمة فى الوقت الراهن، لعدل ميزان القوى لصالح القضية الفلسطينية، التى تسعى قوى دولية غاشمة لشطبها من جدول الصراع الدولى، لكنها فى ذلك المسعى تغفل نقطتين هامتين: تمسك الشعب الفلسطينى المكافح الجسور بأرضه وحقوقه على امتداد أكثر من سبعين عاما، وأنه بات من المستحيل أن تستقر أوضاع دول المنطقة دون حل عادل يقبل به هذا الشعب المناضل لقضيته، وما ضاع حق وراه مطالب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف