الوفد
مجدى حلمى
دبلوماسية المال القطرى .. وأزمة دارفور
تذكرت دارفور بعد أن تحركت الحكومة السودانية الجديدة لاحتواء الصراع القبلى الدائر هناك بان تلعب دور الوسيط عكس ما قام به نظام البشير الذى استغلها حجة لتبرير المجازر التى ارتكبها هناك .. هذه الازمة التى جعلت قادة الفصائل الدارفورية اثرياء من خلال الاموال التى تلقونها من الدول التى حاولت استمالتهم.

فى بداية الازمة فى دارفور فى فبراير 2003 بدأت من مجموعتين هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بقتال الحكومة السودانية المتهمة بانها تهمش ابناء دارفور من غير العرب، وظلت الأوضاع فى دارفور فى صراع بين الحكومة وهذان الفصيلان والوساطات الافريقية والعربية بينهما الا ان تدخلت دولة قطر فى عام 2006.

وكان التدخل القطرى نقطة تحول فى الصراع فقد زادت حدة الانتهاكات للشعب فى دارفور من خلال عصابات الجنجويد وطلبت قطر ان تلعب دور الوسيط لاحلال السلام فى الاقليم الذى تبلغ مساحته نصف مليون كيلو متر مربع اى 10 اضعاف مساحة قطر.

وبعد مرور شهور وجدنا الفصيلين أصبحا 8 فصائل وبعد عامين لم نستطع عد الفصائل التى تمثل سكان الاقليم ، ومع كل جولة مفاوضات نرى انشقاقات جديدة بين هذه الفصائل وتبين ان السبب هو دبلوماسية المال القطري.

وتتمثل فى تقديم الاموال لقادة الفصائل حتى يوافقوا على التصالح والتوقيع على اقرار السلام، ولأن الاموال كانت تدفع لهم شخصيا -وليس لتنمية الإقليم- نشب صراع بين قادة هذه الفصائل وأنشق كل واحد مع مجموعة واطلق على نفسه اسما جديدا وعلى الفور تتواصل معه الخارجية القطرية وتتم استضافته فى فنادق الدوحة الفخمة ومن معه وينال من الاموال نصيبه.

ومنذ عام 2006 وحتى ما قبل الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير فشلت كل جهود قطر فى احلال السلام فى الاقليم وانشغلت عن الازمة بالاحداث التى شهدتها بعض الدول العربية من ثورات الربيع العربى التى حاولت ان تستغل سلاح المال ليكون لها موقع قدم ، وقامت الحكومة والجمعيات الدينية بها بتمويل شخصيات ومؤسسات واحزاب سياسية بسخاء كبير لكن كل هذه الاموال ذهبت الى جيوب من استلموها.

وبعد المقاطعة العربية من دول مكافحة الارهاب حاولت قطر اعادة نفس الدور مع الرئيس عمر البشير ولكن هذه المرة كانت تركيا معها إلا ان اغلب الفصائل الدارفورية رفض الدور التركى فى الازمة خاصة وان النظام التركى موال لجماعة الاخوان الارهابية التى كانت تحكم السودان فى عهد البشير وهى المسئولة عن مقتل مئات الآلاف من ابناء الاقليم بدم بارد.

فدبلوماسية المال القطري فشلت فى لم الشمل فى الأراضى العربية المحتلة بل استخدمت حماس الاموال القطرية فى الانقلاب على الدستور الفلسطينى وعلى حركة فتح، وألقت بموظفيها من الشبابيك وقتلت العشرات منهم بدم بارد ومازالت تحاصر من بقى منهم فى غزة وتحولت حماس إلى شوكة فى ظهر الجسد الفلسطينى ولولا انقلاب حماس ماكانت خطة ترامب.

كل هذا بسبب الدعم القطرى السخى الذى يقدم الى قادة الحركة الذين أصبحوا اثرياء ويملكون العقارات والمطاعم والفنادق فى غزه وخارجها وخاصة فى تركيا التى تعد البيئة الآمنة لاستثمار الأموال المقدمة من قطر.

فدبلوماسية المال دائمًا تفشل خاصة وإن كان من يستخدمها صغير القيمة والقامة فقد فشل النظام القطرى فى شراء المناصب الدولية بماله وآخرها معركة اليونسكو وفشل فى حل اى ازمة تدخلت فيها بل زادها تعقيدا بسبب انه لايفهم إلا لغة المال وكل ما فعله أنه أهدر مليارات الدولارات من أموال وثروة الشعب القطرى من أجل نزوة تتمثل فى شراء قيمة أكبر من قيمة اعضاء النظام القطرى ولو استخدم هذه الاموال فى تنمية الدول الفقيرة بصدق وبدون انحياز لكانت قيمة قطر كبيرة الآن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف