بوابة الشروق
حسن المستكاوى
بيان الأهلى شكوى بليغة فى الهلال..!
فى النص جاء ما يلى:
ما حدث يخالف ويناهض لوائح الكاف
وكان مشهودا عبر شاشات ووقائع واضحة أمام الجميع!
الذين ينتظرون الشكوى هم الهواة وهم أهل الخواطر والعواطف
هم الذين يشترون رأسهم وراحتهم ويعلقون قراراتهم على الشاكى!
الاتحادات الدولية والأوروبية لا تنتظر شكوى من المتضرر أبدا
.. فلماذا يكون الأهلى فى حاجة إلى شكوى للفوز بحقه؟!

** هذا ليس فقط تعليقا على بيان الأهلى بشأن أحداث مباراة الهلال وإنما إثارة لقضية رياضية وحقوقية مهمة للغاية فى عالم الرياضة المصرية والعربية.. برجاء قراءة ما يلى بدقة وبتفكير:
** ما جرى فى مباراة الهلال مرفوض جملة وتفصيلا وهو ليس له أى علاقة بالرياضة التى يمارسها البشر وسبق هنا أن سجلت اعتراضى ورفضى لما جرى فى المباراة من مشاهد غير رياضية وخطيرة. لكن فى الرياضة أحيانا كياسة وخبرة، والقيادة سياسة وخبرة وكياسة. والعلاقات الإستراتيجية بين الشعبين المصرى والسودانى عميقة ومهمة ولها قيمتها. والعلاقة بين الدولتين، مصر والسودان لها وزنها وأهميتها. والدور الذى قامت به الدولة السودانية فى حماية لاعبى وبعثة الأهلى يقدر إلى أبعد الحدود. كما أن ما جرى فى الملعب لا يعبر عن جماهير الهلال السودانى العريضة ولا يعبر عن مشاعر الشعب السودانى العميقة نحو الأهلى ولاعبيه. ولذلك قرر مجلس إدارة الأهلى فى بيانه عدم التقدم بشكوى ضد الهلال. ولكن بحرفية وذكاء وصياغة دقيقة كان بيان الأهلى فى مضمونه كله شكوى ضد الهلال، وأشار إلى مسئولية الاتحاد الإفريقى بشأن اتخاذ عقوبات ومن نص البيان جاء «أن ما حدث يخالف ويناهض لوائح الكاف، وكان مشهودا عبر شاشات ووقائع واضحة أمام الجميع».. كأن الأهلى يريد أن يقول: ليس مقبولا ولا معقولا أن ينتظر الكاف شكوى كى يتحرك..!
** إن ما جرى فى المباراة كان مشهودا فعلا. فلم تقع الأحداث فى شارع مخفى أو غرف مخفية. فكيف ينتظر الكاف شكوى حتى يأخذ القرار؟
** من واقع متابعات يومية لقرارات للاتحاد الإنجليزى، والألمانى والإيطالى والفيفا، والاتحاد الاسيوى ومن واقع متابعات لاتحادات عربية مثل الاتحاد العربى والاتحادين السعودى والإماراتى، تكون هناك إجراءات صارمة وعقوبات واضحة وعنيفة ضد المخالفات التى تقع فى نطاق المنافسات التى ينظمها ويديرها الاتحاد دون انتظار لشكوى من الطرف المتضرر والمصاب. فالذين ينتظرون الشكوى هم الهواة، وهم أهل الخواطر والعواطف فى عالم الاحتراف. هم الذين يشترون رأسهم وراحتهم ويعلقون قراراتهم على الشاكى وليس على القواعد أو على اللوائح.. هم الضعفاء والبؤساء. وهذا للأسف ظاهرة فى بعض مجتمعاتنا العربية. حيث المعاناة من غياب اللوائح. ولو كانت حاضرة فهى الحاضر الغائب بسبب الضعف والمحسوبية والرغبة فى التوارى خلف شكوى..!
** الأهلى ليس فى حاجة إلى شكوى الهلال. ولا يجب أن يكون فى حاجة إلى تقديم شكوى، سواء ضد الهلال أو ضد أى فريق من أى دولة عربية يواجهها، فهذا قرار اتحاد وقرار الجهات المنظمة للمسابقات. ولعل ذلك يكون ردا على الذين يقولون إن الأهلى لو تعرض لمشاكل فى تونس أو المغرب فإنه لن يسكت وسيتقدم بشكوى..!
** للأسف فى العالم الأول تحسم الأمور بالقواعد والصرامة والعدل والقانون. تحسم الحقوق وتحمى الحقوق دون شكاوى خاصة حين تكون الوقائع مشهودة ومعروفة.. فلماذا لا نكون مثل هذا العالم ومثل الغرب؟
** نعم هناك ما يمكن أن نأخذه من الغرب ومن العالم الأول فورا فى ميدان كرة القدم، وهناك ما لا نستطيع أن نأخذه فورا. بالنسبة للممكن فهو الانضباط والقانون والأخلاق والعدل فى التعامل مع الكبار والصغار. وبالنسبة للمستحيل فهو الأداء الفنى للاعبين، لأسباب تتعلق بالقدرات البدنية والتدريب والاستشفاء والاحتراف الذاتى. وبالنسبة للمستحيل أيضا فهو الملاعب الباهظة التكاليف والتى تسمح بدخول 80 ألفا من الجمهور فى ساعة عبر 170 بوابة، ومن المستحيلات كذلك هو إخلاء الملعب فى 10 دقائق. وذلك بواسطة وجود بوابات طوارئ بخلاف بوابات الدخول وهى ضخمة وبعرض 10 أمتار لحماية المشجعين من التدافع.. ومن المستحيل «كمان» أن ننقل المباريات بأكثر من 20 كاميرا، وأن نضع بالاستاد ما يقرب من 40 كاميرا ثابتة من أجل تقنية الفار..!
** ما نستطيعه يختلف عن ما لا نستطيعه. ومن ضمن الممكن أن نكون مثل الأوروبيين فى التعامل مع الفوضى، والشغب، والعنصرية. ففى يونيو عام 2012 اعلن الاتحاد الاوروبى لكرة القدم انه سيتخذ اجراءات بحق الاتحاد الكرواتى بسبب هتافات عنصرية صادرة عن مشجعى منتخبه تجاه اللاعب الايطالى ماريو بالوتيلى خلال لقاء البلدين (1ــ1) فى الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة لكأس اوروبا. لم ينتظر الاتحاد الأوروبى شكوى من الاتحاد الإيطالى.
** فى مايو 2017 أعلنت رابطة الدورى الإيطالى لكرة القدم عن إغلاق جزئى لمدرجات فريقى انتر ميلان ولاتسيو مع إيقاف التنفيذ بعد الهتافات العنصرية التى صاحبت مباراة الفريقين بالدورى الإيطالى.
كما قررت الرابطة معاقبة كيفين ستروتمان لاعب وسط روما بالإيقاف مباراتين بسبب مخالفة خلال المباراة. وتم وضع فريق انتر ميلان ولاتسيو تحت المراقبة لمدة عام واحد..
** إذا كان الكاف لم يعرف بما جرى للأهلى فى مباراة الهلال، وإذا كان الكاف لم يشاهد ما جرى فى أم درمان. فهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ولا يفكر ولن يفعل أبدا..!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف