بوابة الشروق
عماد الدين حسين
الأهلى والهلال.. الوجه القبيح للتعصب؟!
الحمد لله أن مباراة فريقى الأهلى المصرى والهلال السودانى قد مرت بأقل الخسائر الممكنة، ولولا ستر الله، لوقعت كارثة تساوى وربما تزيد عما حدث فى أم درمان فى نوفمبر ٢٠٠٩ بين منتخبى مصر والجزائر.
السوشيال ميديا لها فوائد كثيرة، لكن لها أضرارا وجرائم أكثر. قبل المباراة شهدنا عمليات شحن وتأجيج ونفخ فى نيران الفتنة بين جماهير الناديين، خصوصا من طرف بعض الأشقاء فى السودان.
الهلال كان يحتاج للفوز كشرط ضرورى كى يصعد إلى دور الثمانية والأهلى كان يحتاج إلى التعادل فقط، وانتهت المباراة بالتعادل بعد أن كان الأهلى متقدما بهدف حتى قبل نهاية المباراة بدقائق قليلة.
تعبئة وشحن السوشيال ميديا، حولت ملعب «الجوهرة الزرقاء» السودانى إلى ثكنة عسكرية، وبدلا من أن تساهم الرياضة فى تعزيز علاقات البلدين والشعبين فوجئنا بمشهد لا يمت للرياضة بصلة.
الجماهير تلقى بكل ما فى يديها على اللاعبين وعلى الحكام، واقتحام لغرف تغيير ملابس اللاعبين.
السوشيال ميديا أججت وهيجت جماهير الهلال قبل المباراة بحجة أن الحكم المغربى الذى أدار المباراة لن يكون محايدا، وسيجامل الأهلى.
وفى مثل هذه الأجواء الملتهبة فإن أى حركة أو إشارة يمكنها أن تقود إلى مجازر وزرع الفتنة بين الشعبين.
وهكذا وقبل نهاية المباراة بربع ساعة وقع لاعب سودانى فى منطقة جزاء الأهلى، وأرادوا ضربة جزاء، وبعدها سجل لاعب من الهلال هدفا من تسلل واضح ولم يحتسبه الحكم، لكن الجماهير تريد منه أن يحتسبه.
من حسن الحظ أن الهلال تعادل، حتى يحفظ ماء الوجه أمام جماهيره، وربما لولا ذلك لشاهدنا كارثة فى الاستاد، ما حدث فى الخرطوم يوم المباراة دليل جديد على أن حكاية الروح الرياضية بين الجماهير العربية محض خرافة فى معظم اللقاءات.
لو لعب أى فريق عربى مع آخر أوروبى أو آسيوى أو لاتينى أو حتى إسرائيلى، ما وجدنا هذا التعصب الذى نراه فى اللقاءات العربية العربية.
تقديرى أن مجلس إدارة النادى الأهلى تصرف بطريقة صحيحة وسليمة، حينما رفض أن يرفع شكوى رسمية للاتحاد الإفريقى، بسبب ما تعرض له الفريق سواء داخل الملعب أو فى غرفة الملابس بالاستاد.
لو رفع شكوى لم يكن ليلومه أحد لأنه يمارس حقه القانونى ويدافع عن نفسه وعن لاعبيه، لكن الضرر العائد من رفع الشكوى سيكون أعلى بكثير من ضرر عدم رفعها.
هذا الموقف المحترف من النادى الأهلى سيخفف من حدة التعصب خصوصا من طرف الجمهور السودانى وسيجعل بعض المتعصبين يهدأون قليلا، وربما يكتشفون خطأ ما فعلوه.
لكن السؤال الجوهرى الذى ينبغى أن يشغلنا جميعا هو: لماذا هذه الروح القبلية والمتعصبة حينما يلتقى ناديان أو منتخبان عربيان؟ ولماذا نحن مهذبون ومنضبطون حينما نواجه الفرق الأخرى، ومتعصبون حينما نواجه بعضنا البعض؟ لماذا نستأسد على أنفسنا؟!
ماذا سيصل إلى الجيل الجديد من الشباب، حينما يسمع عبارات مثل العلاقات الأزلية والمصيرية بين الشعبين؟ أو حتى الشعب الواحد فى جنوب وشمال وادى النيل؟!.
أغلب الظن أن الأجيال الجديدة ستكفر بكل ما يقال عن العلاقات ووحدة الدم والمصير واللغة والدين والجغرافيا، حينما يشاهدون مثل هذه المشاهد فى استاد الجوهرة الزرقاء بالعاصمة السوادنية !!.
هل هناك شحن داخلى أو خارجى للجماهير، هل هناك أطراف سوف تستفيد مما حدث للتغطية على أحداث ومواقف أخرى؟
لا أعلم، لكن المؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعى صارت تلعب دورا غاية فى السلبية فى توتير وتفكيك العلاقات العربية العربية، نعرف جميعا أن هناك حساسيات وحزازات قديمة بين الشعبين وبين الحكومات القديمة والحديثة.
ونعرف أن بعض المصريين يلومون على الحكومة السودانية بسبب موقفها من سد النهضة، كما أن بعض السودانيين يعتبون على الحكومة المصرية بسبب موقفها من الثورة السودانية فى أيامها الأولى، لكن الخلافات شىء صحى وتحدث بين الجميع، لكن غير الصحى أن تنتقل خلافات الحكومات إلى الشعوب، هنا تقع المصيبة!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف