الرياض
هناء حجازي
تفاصيل صغيرة .. أنا أنسى
يقول حكيم صيني: أنا أسمع وأنسى، أرى وأتذكر، أفعل وأفهم..

أقول أنا: أنا أقرأ وأنسى، أقرأ وأستمتع. أقرأ وأحس. أقرأ وأفهم..

صابتني خيبة أمل كبيرة وأنا أراجع الكتب التي قرأتها العام الماضي، عديد منها لم أتذكر منه شيئًا، تمامًا. صرت أفتح الكتب وأعيد قراءة مقاطع منها، صفحات، خاصة الروايات، كيف لا أتذكر الحبكة، الشخصية الرئيسة، أي شيء. لا أخفيكم، شعرت بالإحباط، أعرف أنني أنسى، لكن لم أتخيل أن يبلغ النسيان هذه الدرجة، جلست حائرة، هل يعني ذلك أن أتوقف عن القراءة. بما أنني أنسى تمامًا ما قرأت منذ بضعة أشهر، ما الفائدة؟ قلت لنفسي: لكنني لا أستطيع التوقف عن القراءة. كأنني أتوقف عن أحد أهم مباهج الحياة في حياتي. لا يمكنني أن أفعل ذلك لنفسي بنفسي. توقفت قليلاً ثم جاءتني الإجابة أو الإجابات عن مبررات القراءة رغم هذا العيب الفظيع الذي أشكو منه.

أولاً وببساطة لن أتوقف عن القراءة لمجرد أنني نسيت عددًا من الكتب التي قرأتها، في المقابل هناك كثير منها أتذكره، أتذكر شخصيات الرواية والإحساس الذي شعرت به وأنا أقرأ حواراتهم وتصرفاتهم وكيف سارت الحياة بهم.

ثانيًا حتى الكتب التي قرأتها ونسيتها أنا مؤمنة تمامًا بأن هناك خلايا في دماغي لا تزال تحتفظ بها، وأنني سأستفيد أو أنني أستفيد مما قرأت حتى لو لم أتذكره. الأحاسيس التي شعرت بها والمفاهيم التي خرجت بها منها لا تزول. أحتاج أن أوضح هذه النقطة أكثر. أقصد أننا حين نتعاطف مع شخصية في رواية لأنها تعرضت لمشكلة معينة، هذا التعاطف لا يختفي، نستعيد هذا التعاطف حين نرى في الحياة شخصية تتعرض لموقف مماثل، حتى لو نسينا من أين جاء هذا التعاطف وهذا التفهم.

ثالثًا وكما ذكرت مسبقًا، أقرأ أولاً للاستمتاع، الفائدة تأتي لاحقًا، لو توقفت عن القراءة لا يمكن لأي فعل آخر أن يمنحني الشعور الذي تمنحني إياه القراءة. هذا الخيال الذي أسبح فيه، والذي هو خيالي أنا، اختراعي أنا، الشخصيات التي خلقتها لروايات جين أوستن لا تشبه الشخصيات التي اختارها المخرجون، لا يهمني لو كانوا أجمل، لكنني سعيدة لأنني صنعتهم بخيالي قبل أن أراهم بخيال المخرج.

رابعًا قررت ألا أجلد نفسي، فبعد البحث في المسألة، وجدت أن غالبية البشر ينسون ما يقرؤون، ما لم يجعلوا من القراءة مسألة دراسة، وأنا تعبت من الدراسة، ربما مهنتي هي السبب، المهنة التي تطلبت مني دراسة لا تتوقف، لذلك حين أقرأ أدبًا، أقرأه للاستمتاع وليس للدراسة.

هذا هو اعترافي، أنا أقرأ وأنسى، أقرأ وأستمتع، أقرأ وأحس، أقرأ وأفهم وهذا هو المهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف