ما حدث في قرية شبرا البهو بمحافظة الدقهلية مؤلم، ليس فقط على مستوى أسرة الطبيبة المتوفاة بسبب فيروس كورونا عليها رحمة الله، وإنما على مستوى الوطن بأكمله.
وقبل الخوض في التفاصيل، لابد من الإشارة إلى شيء مهم، فما حدث في تلك القرية لا يٌعبر عن كامل أهلها، بل هو خاص بقلة منها، ونسبتهم قليلة للغاية بالنظر لمجموعهم، حتى تكون النظرة في إطارها الصحيح للقرية.
فقلة الوعي كانت السبب الرئيس في أن يتصدر بعض المٌغيبين من أهل القرية المشهد مطالبين برفض دفن الطبيبة في مقابر القرية، خوفًا من انتقال العدوى لأناسها، رغم التأكيد مرات عديدة على استحالة انتقال الفيروس في الحالات المشابهة، وتناسى هؤلاء الشرذمة وأتباعهم، أن الدولة هي الأحرص على مواطنيها، ولو هناك مثقال ذرة من الشك في انتقال الفيروس من المتوفى لمنعت دفنه في مقابر أسرته، وقامت بدفنه في مقابر خاصة.
ولكن ذلك يدخل تحت لواء قلة الوعي، يتشابه معه تمامًا، ما يحدث في كثير من الأسواق، في القاهرة، وفي غيرها من كل محافظات الجمهورية، فالصور التي كست وسائل التواصل الاجتماعي، لمناطق مزدحمة بالسكان لأسواق في مناطق العتبة في القاهرة، متزيلة بتعليقات تندد بهذه التجمعات، وما يمكن أن تؤدي بنا إلى تفشي انتشار الفيروس.
أٌؤكد أن هناك في كل محافظات مصر، خاصة التي لها ظهير ريفي، أسواقًا أكثر ازدحامًا من تلك التي كانت في العتبة، يطلق عليها مسميات مختلفة، منها أسواق تحمل اسم اليوم، وأخرى تحمل اسم السلع.. إلخ، هذه الأسواق تكتظ بالناس، وأغلبهم لا يحترزون من الفيروس، سواء بارتداء غطاء اليد، أو الكمامات التي تغطي الفم والأنف!!
ومع كل ما قررته الدولة من إجراءات شملت منع التجمعات، ستظل تلك الأمور، أبوابًا خلفية لنشر العدوى، نعم، تلك الأبواب من شأنها أن تحول الإصابات من ألفي حالة، لعدد مختلف قد لا نتوقعه!
فما الحل؟
في الحقيقة ستسمع مبررات لا نهاية لها، لأشكال التجمعات السابق الإشارة لها، وإن كنت فضلت عدم الإشارة لتجمعات أقل، تحدث على مستويات أخرى لقاطني الكمبوندات، فأنت لا ترى ما يحدث داخل أسوارها!
بيد أن الأمل الباقي لعبور جائحة كورونا هو نشر الوعي ، فلن تستطيع مصر ولا أي دولة في العالم أن تراقب سكانها، وتعين من يمنع تجمعهم مهما امتلكت من مقومات.
وبدون نشر الوعي ، لا مفر من نشر الفيروس، فهذا هو الرهان الوحيد، ولا يجوز التعلل بانتشار الأمية وما شابه، فالأمر مرتبط بتغليب المصلحة العامة على الخاصة، فإذا كان من حقك أن تخرج من بيتك لتسعى على رزقك، ومعك من يخرج ليقضي متطلباته، فعليك بأمرين لابد منهما الأول، إذا كنت تعاني أعراض المرض فالزم بيتك، حتى لا تكون سببًا في نشره، الثاني، إذا اضطرتك الظروف للخروج، عليك مراعاة كل عناصر الأمان.
وأخيرًا، على كل منا، قادة رأي، وأهل الذكر "الأطباء، والمختصين"، وكل وسائل الإعلام الاضطلاع بدوره في نشر الوعي ، وعدم التململ من ذلك مهما اقتضى الأمر، لأنها الحياة وهي على المحك.
emadrohaim@yahoo.com