الوفد
محمود غلاب
حكاية وطن .. وتذكرت السلطان الخرفان
تجولت فى ميدان التحرير مساء أمس الأول، منذ ظهور فيروس كورونا فى مصر انقطعت عن الظهور فى منطقة وسط البلد، وشدنى الحنين إلى ميدان الحرية والكرامة فى أول مهمة قمت بها إلى شارع شريف للقاء صديق عزيز، قررت أن تكون البداية من ميدان التحرير الذى اكتسى بمظاهر العزة والفخامة فى ثوبه الجديد.

لهذا الميدان ذكرى معى من أيام عبورى منه يومياً قاصداً مجلس الشعب، ودون أن أدرى فى تمام الساعة التاسعة مساء الأحد اتجهت يميناً وأنا قادم من على كوبرى قصر النيل قاصداً جامع عمر مكرم، فى هذا المكان يتبين لى الخيط الأبيض من الخيط الأسود منذ قيام ثورة 25 يناير والتى صححنا أخطاءها فى ثورة 30 يونيو.

أخطاء 25 يناير هى أنها جاءت بجماعة الإخوان الإرهابية إلى السلطة، قد تكون الثورة بريئة من قفز فرقة المرشد على سدة الحكم، ولكن هناك إخفاقات كثيرة سهلت لهذه العصابة إدارة الدولة لمدة عام كامل، فشلت خلاله فى الحفاظ على مصر وعلى حقوق المواطنين، وعندما اكتشف المصريون أن الجماعة لا تسعى للحكم بقدر ما تسعى لبيع تراب الوطن تحت ستار الملكية الحاكمة ممثلة فى شخص تركوه فى القصر يأكل الملوخية بالأرانب فى الغداء، مع مريديه، فى الوقت الذى كان مكتب الإرشاد فى المقطم يعقد الصفقات مع شبه الدول لبيع الوطن فى سوق النخاسة.

مر عام حكم الإرهابيين، وانتفض الشعب، واستدعى قواته المسلحة، وفوضها فى مساعدته على التخلص من أهل الشر، كما فوض القائد الأعلى للقوات المسلحة الأعلى المشير عبدالفتاح السيسى فى مواجهة الإرهاب.

ونجحت الثورة، وتنفست مصر الصعداء، وعاد المصريون إلى أحضان أم الدنيا من جديد، وكان عليهم بعد أن ولوا عليهم من يحميها ويدافع عنها، ويعبر بها من الصعاب، ليقدمها إلى العالم دولة ديمقراطية مستقلة تبنى المشروعات القومية، وتحارب الإرهاب وحوله شعب وضع يده فى يد الجيش والشرطة لنبذ التعصب والإرهاب والتصدى لمحاولات زرع الفتنة بين أبناء الوطن عن طريق دكاكين الدعارة التى يديرها المرتزقة والخونة والفشلة من تركيا وقطر، أن ينعموا بمناخ الاستقرار بعد أن كان بعيد المنال عندما حول الإخوان حياة المواطنين الآمنة إلى رعب وخوف وجذع.


تذكرت كل ذلك عندما وقفت فى المكان الذى أقيم فيه حاجز خرسانى لمنع عبور المارة، ومنع التجول بالقرب من السفارة الأمريكية، كنا نقف فى طابور طويل لتسلق السور المبنى من بلوكات الأسمنت بارتفاع كبير، ونقفز من الناحية الأخرى وسط إجراءات تفتيش رهيبة، ثم نتجه يساراً لنعبر سورا آخر قبل الوصول إلى بوابة مجلس الشورى بشارع قصر العينى، أو إلى وزارة الداخلية بشارع الفلكى.

كان المنظر يدعو للكآبة والحزن والحسرة على المآل الذى وصل إليه البلد، فوسط البلد كان محاصرا بالحواجز، كان موحشا ومكفهرا، يرهقه الغبار ويغطيه الإحباط، ومرت هذه الفترة، وأزالت ثورة 30 يونيو هذه الأسوار، وعادت الشوارع تضحك من فرحة المارين فوقها من المحتفلين بطرد عصابة الإخوان الذين هددوا بحكم المصريين بالقوة أو قتلهم، لكن عادت مصر بإرادة شعبها لتتبوأ مكانها الحقيقى وسط الأمم، وانكشفت العصابة الإرهابية، وتنفس الشعب الصعداء.

ذكريات ميدان العزة والكرامة، وشارع محمد محمود، وشارع مجلس الوزراء، تكشف الخونة الذين أراقوا دماء المصريين بعد ثورة 30 يونيو، عندما رفضوا الامتثال لقرار الشعب، وكشفوا عن وجههم الحقيقى، وتبين أنهم أداة لأجهزة خارجية تخطط لإسقاط مصر، واستخدمت الإخوان لتنفيذ مخططها مقابل المال.

هذه الجماعة حاولت تجويع الشعب، وتحويل الوطن إلى إمارة إسلامية يديرها مرشد الإخوان.

قلت وأنا أدلف إلى شارع شريف «مصر كبيرة عليكم، أنتم يا عصابة الإخوان وعلى الدويلة التى تحرضكم، وعلى العثمالى الخرفان».

نظرت إلى شخص يعبر الطريق بجوار تمثال طلعت حرب، وسألته: هو شارع شريف متجه يميناً، قال نعم، ثم سألنى الشاب: إنت عاوز مكان معين، قلت له لا أمان يا ابنى أمان! وتمشيت فى أمان وأنا ألعن السلطان المغرور والأمير المزعوم رغم احترامى لاسطنبول والدوحة كشعب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف