محمود غلاب
حكاية وطن .. مكافأة النواب
مكافأة النواب هى جميع ما يحصل عليه النائب من المجلس بشرط ألا يتعدى الحد الأقصى للأجور، وهى معفاة من كافة أنواع الضرائب، ولا يجوز التنازل عنها، ومجلس الشيوخ لم يبتدع المكافأة التى قرر صرفها لأعضائه، ولكنه نقلها بالحرف من لائحة مجلس النواب الصادرة عام 2016.
كما أن مكافأة العضوية وبدلات الجلسات، وبدلات السفر للخارج، وتذاكر الانتقال إلى المجلس، والعلاج المجانى كله موجود فى اللوائح القديمة لمجلسى الشعب والشوري، وكانت الدنيا وردية وأكثر من ذلك، فما الذى أثار موضوع المكافأة بعد أن أدرجها مجلس الشيوخ الجديد لنوابه؟ هل المقصود المكافأة بشكل عام أم إعفاؤها من الضرائب هو الذى أثار الأزمة؟ لم يتضح حتى الآن أسباب الإعفاء من الضرائب رغم أن مبلغ المكافأة ليس بالضخم ولا يضر النائب أن يدفع عليه مبلغاً بسيطا للضرائب تحقيقا لمبدأ العدالة الضريبية، وتحقيق مبدأ المساواة فى خضوع الجميع للضريبة التى تمثل أعلى نسبة لموازنة الدولة، والموازنة يصرف منها على مرتبات العاملين بالدولة وعلى خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية وسداد ديون مصر من القروض وتوجيه نسبة إلى المحافظات وقطاع المرافق، إذن الموازنة العامة للدولة مهمة جداً، وأعلى رافد منها هو الضرائب التى يدفعها الممولون ويجب أن يكون فى مقدمتهم النواب الذين يناقشون قوانين الضرائب ويبينون للشعب أهمية الالتزام بها كحق للدولة، ويزيدونها كل فترة، ثم يعفون أنفسهم منها.
تميز النواب غير مستحب، ويحضرنى هنا مناسبة قديمة، كان أحد نواب الصعيد قد تقدم باقتراح برغبة، لمنح النواب أرقام سيارات مميزة عن طريق إدارات المرور، ورفضت لجنة الاقتراحات والشكاوى رغبة النائب لأنها تنم عن تمييز فج عن باقى خلق الله الذين انتخبوهم ووضعوهم فى هذه المكانة ليكونوا لسانهم الذى يتحدثون به فى التشريع ومراقبة الحكومة عن كيفية إنفاق مال الشعب والتصرف فى أملاكه. لا أفهم حتى الآن أسباب الإعفاء من الضريبة للنواب، وأرجو أن يكون ذلك محل مراجعة عند مناقشة اللائحة فى مجلس النواب بشرط أن يتم تعديل النص فى اللائحتين حتى نواب مجلس النواب ونواب مجلس الشيوخ بسداد ما عليهم من ضرائب عن مكافأة العضوية.
طبعاً من حق النواب الحصول على مكافأة رغم ان دورهم تطوعى لكن هناك نوابا يستحقون أن يكون لهم دخل خاصة الشباب، كما أن هناك نوابا ظروفهم المالية تؤكد حاجتهم إلى المكافأة، واعرف نوابا فى السابق كانوا يشتكون من ضيق ذات اليد، وأن نجاحهم كان تقديراً لهم من دوائرهم لثقتهم فى أدائهم تحت القبة بخلاف تقديم الخدمات المجانية للمواطنين الذين يلجأون اليهم، هؤلاء النواب وهم كثر يستحقون المكافأة التى تساعدهم على تحمل الأعباء، لا أتحدث عن نواب البيزنس أو المقتدرين لكن فى المجلس الحالى سواء فى الشيوخ أو النواب هناك نواب لا يمكن أن نطالبهم بالتخلى عن المكافأة، أما الذين تبرعوا بمكافآتهم لصندوق تحيا مصر وفى مقدمتهم رئيس الوفد المستشار بهاء الدين أبو شقة وكيل أول مجلس الشيوخ، أو الذين تبرعوا لصندوق الخدمات بالمجلس أو للبوفيه فهؤلاء لهم الشكر على هذا التصرف الذى يؤكد أنهم يعملون متطوعين ومتجردين من أى مصالح أو بحثا عن مال وندعو باقى النواب المقتدرين إلى الحذو حذوهم.
أما عدم جواز التنازل عن المكافأة كما جاء فى اللائحتين فبالبحث تبين أنه فى أيام حكومة الوفد كان النواب الوفديون يرفضون الحصول على مكافأة العضوية استناداً إلى مقدرتهم المالية، مما ترك ذلك شرخا فى نفوس النواب غير القادرين وصدرت التعديلات اللائحية بعد ذلك تؤكد على ضرورة تسلم النائب للمكافأة وتوجيهها إلى أى مصدر من خلاله شخصياً، وهو ما يحدث حاليا بعد أن وجه عدد قليل من النواب المكافأة إلى جهات صرف أخري، كما لم يتسلم عدد من نواب الشيوخ الفيزا الخاصة بالمكافأة حتى الآن لعلهم يفكرون فى عدم حاجتهم اليها، وتذهب إلى مصارف أخرى فى النواحى الانسانية والاجتماعية.
أتوقع أن تنتهى هذه المشكلة البسيطة والتى لا أراها أزمة ويتفهمها مجلس النواب والشيوخ ويضعانها فى مكانها المناسب وهو أن تخضع مكافآت النواب للضريبة تقديراً لمبدأ المساواة بين الجميع فى سداد مستحقات الدولة عن أى مبالغ يحصل عليها الموظف العام.