محمود غلاب
حكاية وطن .. طبيب الإنسانية
والنبى وحشتنا فى غيابك عننا، أمس فقط توقفت عيادة جراح القلب العالمى وطبيب الإنسانية الدكتور محمد نصر عن استقبال أصحاب القلوب المتمردة التى كانوا يعرضونها عليه لترويضها وضبط دقاتها وتنظيم خفقانها، فقد شاهدوا إعلانًا على بابها وهى التى لم تغلق يوماً فى وجوههم أنه مات، عادت روحه إلى موطنها الأصلى بعد رحلة طويلة مع العلم والطب والسياسة والدفاع عن الحريات العامة.
نحن لا نستطيع إحياء وردة قد ماتت، لكن بوسعنا زرع ورود جديدة، فكما أعطى طبيب الإنسانية حياته للمرضى البسطاء، وعلمه ومهاراته لأجيال عديدة من تلاميذه الأطباء الذين تعلموا على يديه أسرار القلب وداءه ودواءه، فإن الحياة لن تتوقف بسبب خيبات الأمل فى الفقيد العزيز، عندما نأمل أن يظل تلاميذه على عهده فى إنقاذ حياة المرضى وتخفيف آلامهم بالطريقة التى كان يمارسها الدكتور نصر، فقد كان يعالج القلوب بالابتسامة فى وجه المريض، قبل وصف العلاج من خلال التقارير الطبية الدقيقة، أو التدخل الجراحى عند اللزوم.
الدكتور نصر كبير شهداء كورونا وقائد الجيش الأبيض سبقه إلى جنة الخلد شهداء من مهنة تخفيف الآلام والمتاعب بعد قيامهم بواجبهم ومخاطرتهم بحياتهم فى إنقاذ مرضى «كورونا» ذلك الفيروس اللعين الذى يفاجئنا كل يوم بفقد عظيم من الأحباب والأصدقاء، إنه ينتقى الطيبين ليضاعف من آلام أحبابهم، وقد غدر هذا الفيروس بطبيب الغلابة والإنسانية بعد أن قام بدور كبير فى إنقاذ حياة من لجأوا إليه للاستعانة بعلمه فى وصف بروتوكولات العلاج من هذا الفيروس الذى حير البشرية فى كل مكان على كوكب الأرض، وقدم الدكتور نصر خدماته للعاملين بحزب الوفد والصحيفة فى عام الأحزان، وهو عام 2020 الذى قارب على النهاية وفقدنا فيه أعز الزملاء فى صحيفة الوفد، وكان الدكتور نصر خير معين للزملاء الذين أصيبوا بالفيروس اللعين، أو كانوا مرضى محتملين به، فقد فتح معهم خطاً مباشراً بالليل والنهار لتقديم الاستشارات المجانية لهم، التى كانت عاملًا كبيرًا فى تجاوزهم أزمة هذا المرض الذى حصد وأصاب الملايين فى العالم ومازال يمارس جنونه فى مضاعفة ضحاياه.
لقد أبى عام 2020 أن يفارقنا بدون ألم كبير، وفجعنا فى آخر أيامه باقتطاف طبيب الغلابة فى يوم حزين للإنسانية ولفقراء وبسطاء مصر الذين حولوا مركزه الطبى إلى دار ضيافة يجدون فيها الرعاية والنصيحة والخدمة المجانية.
وداعاً الدكتور نصر القطب الوفدى الكبير عضو الهيئة العليا للحزب وأحد حكمائه، ندعو الله أن يجزيه خير ما قدم لمرضاه البسطاء، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم بلغنا العام الجديد ولا نشكو همًا ولا تعبًا، واجعله بداية لأجمل الأقدار، اللهم أنزل شفاءك لمن مسه الضر، واشف وعاف كل مريض يتألم، إنك على كل شيء قدير.