الوطن
صلاح حسب الله
معركة الأخلاق
لا يختلف اثنان على أن أهم تحدٍ تقابله الدولة المصرية هو كسب معركة الأخلاق، ، تلك المعركة التى أراها حجر أساس بناء الدولة قبل التحديات الأخرى كالتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. الأخلاق هى ركيزة بناء ونمو وتقدم أى أمة وتقاس الأمم بأخلاق شعوبها، وهنا دعونا نراجع وبشكل موضوعى ما شهدته أخلاق المصريين خلال السنوات العشر الأخيرة على وجه التحديد، وبتحديد أدق تلك السنوات المصاحبة لثورة السوشيال ميديا، ونطرح بعض الأسئلة الإجابة عليها توضح مدى ما وصلنا إليه من خلال الاستخدام الخاطئ لأدوات التواصل الاجتماعى، هل يعقل أن نتابع كل هذا الكم من الانفلات والتفسخ الأخلاقى والقيمى من بعض الشباب، مثل هذا الشاب الذى أثار حالة من الغثيان فى فيديو التشهير بفتاة ارتبط بها، ثم خُطبت لغيره بعد أن تركته، الأعجب والأغرب أن نفس الشاب خرج علينا بعد حالة الغضب التى عمت الفيس بوك ليدعى أنه كان (بيهزر) مع أصحابه، هل من المنطقى أن نتابع ليل نهار فيديوهات ومنشورات عبر هذه الوسائل تحتوى عبارات سب وتشهير لكل من يختلف مع ناشريها؟، هل أصبحت لغة الاختلاف وثقافته غائبة بين المصريين وتاهت هذه المساحات الوسطية من التوافق والتفاهم؟ حتى لو بقى الاختلاف قائماً لماذا لا يظل قائماً على الاحترام المتبادل؟ لماذا فُقدت قيم مصرية صُدرت للعالم أجمع وهى احترام الكبير وتوقيره والاحتفاظ بهذه الحدود الفاصلة بين الاختلاف والتجاوز؟ لماذا حولنا وسائل التواصل الاجتماعى بمفهومها الذى خلقت من أجله وهو مد جسور للتعارف والنقاش والتواصل، إلى ساحات حرب وحلبات اقتتال وسب وقذف؟ لماذا يهوى الكثيرون استخدام هذه الأدوات والوسائل لتزييف الحقائق وترويج الشائعات حول كل ما يتم من عمل وإنجاز تشهده مصر حالياً؟ لماذا نصر على التقليل من أى عمل وتصدير الإحباط لكل يد تبنى وتعمل من أجل هذا الوطن؟ لماذا تتجاوز فيديوهات الأكاذيب وترويج الشائعات ملايين المشاهدات ولا تتجاوز فيديوهات الحقيقة والإنجاز المئات؟ لماذا وصلنا لهذا الحد؟

الحقيقة أن الإجابة عن كل هذه الأسئلة بتجرد وصدق تؤكد أننا أصبحنا فى أزمة حقيقية، تتمثل فى أهمية استدعاء تلك القيم والمبادئ والأخلاق التى اتسم بها المصريون على مدار تاريخهم، وهنا أجد أن هناك مسئولية مشتركة على كل من يعيش فى هذا الوطن، بداية من الأسرة المصرية التى يجب أن تعى أن دورها يجب أن يعود وبقوة فى ممارسة التوجيه والتربية الصحيحة لأبنائنا منذ الصغر، كذلك يجب أن يتحمل الإعلام وكافة مؤسسات الدولة تلك المسئولية بشكل واضح وممنهج لإعادة مصر والمصريين كما كانوا، يسود بينهم الاحترام والمحبة، لأن أى مجهود وعمل وبناء لن يبقى إلا فى مجتمع تسوده الأخلاق والقيم، لأن ذلك هو الطريق الآمن لبناء الدولة الديمقراطية المصرية الحديثة التى يسعى إلى إقامتها الرئيس عبدالفتاح السيسى وفيها يعى كل مواطن واجباته قبل حقوقه.

ذلك هو الطريق يا سادة، ولنا فى هذا الحديث بقية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف