محمود غلاب
حكاية وطن .. مصر فى فرنسا
قررت دولة 30 يونيه وهى تبنى نفسها من الداخل أن يتم البناء بالتوازى مع إقامة علاقات دولية متوازنة مع الدول الصديقة والشقيقة تتم فى إطار الندية والاحترام وتبادل المنافع والتعاون المشترك، كان السيسى وهو يقود هذه النهضة يدرك أن العالم لا يحترم إلا الأقوياء، وأن القوى لا يضع يده إلا فى يد قوية عندما يحتاج إلى مساندة فى وقت الشدة، وأن مصلحة «شيلنى واشيلك»، و«يوم عندى ويوم عندك» و«تراعينى قيراط أراعيك قراطين» هى لغة دولية يستخدمها الأفراد والدول أيضاً.
والزيارة التى يقوم بها السيسى إلى فرنسا حاليًا بدعوة من نظيره ماكرون هى ترجمة لأهمية مصر عالميًا لوعى المجتمع الدولى أن مصر مفتاح صمام الشرق الأوسط، وتمتلك رؤية وحلولاً للأزمات الإقليمية خاصة المتعلقة بشرق المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط، وتدرك فرنسا أن مصر تمتلك رؤية إسلامية معتدلة قابلة للتعددية واحترام الآخر فقررت الاستعانة بالإسلام المعتدل الذى تؤمن به مصر فى التصدى لنفوذ التيار الإسلامى الحركى الآخذ فى التصاعد داخل فرنسا.
وكان ماكرون قد تحدث منذ فترة عن رفض بلاده لنفوذ الإسلام السياسى داخل المجتمع الفرنسى الذي تمارسه تركيا، وقطر وتنظيم الإخوان وإيران الذى يشكل خطرًا على بلاده بسبب سيطرة تركيا وقطر على المساجد والجمعيات في فرنسا، وأعلنت فرنسا أنها بحاجة إلى مساعدة الدول العظمى بالعالم الإسلامى، لذا تأتى دعوة ماكرون للرئيس السيسى للاستعانة بالمؤسسات الدينية والرؤية السياسية والأمنية المصرية للتصدى لهذا التمرد الإخوانى الأخطر منذ نشأة فرنسا فى القرن العاشر، كما تطلب فرنسا مساعدة مصر بسرعة تشكيل حكومة لبنانية مستقرة ومد يد المساعدة للاقتصاد اللبنانى وإخراج لبنان من عزلته الاقتصادية، واستمرار التنسيق فى الملف الليبى والقضية الفلسطينية وطرح قضايا الشرق الأوسط وتطويق الاستفزازات الدولية، ومناقشة ملامح العلاقات الدولية فى عالم ما بعد ترامب.
وتتسم العلاقات المصرية ـ الفرنسية بقدر عال من التوافق فى العديد من القضايا الإقليمية والدولية فى أولوياتها التصدى للعنف والتطرف وتنسيق المواقف فى الحرب على الإرهاب، الذى أصبح خطرًا يهدد البشرية فى كل مكان، وهناك رؤية مشتركة بين القاهرة وباريس فى هذا الملف وهو ما يدعم الجهود العالمية الرامية إلى محاربة الإرهاب ومحاصرة التطرف مما يستدعى تحركًا دوليًا للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه وفرض عقوبات على أى دولة تقوم بإيواء ودعم الجماعات الإرهابية.
ويعكس التشاور الذى تم خلال زيارة الرئيس إلى باريس مع الرئيس ماكرون حول تعزيز التعاون العسكرى والأمنى بين البلدين وتبادل الخبرات والتبادل العسكرى فى إطار الحرص على تنمية العلاقات الاستراتيجية التى تجمع بين البلدين، حجم الثقة العالية والتوافق الكبير بين الزعيمين على تنمية العلاقات الاستراتيجية والتنسيق السياسى المشترك تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وظهر ذلك التعاون خلال اللقاءات التى تمت بين الجانبين المصرى والفرنسى بقيادة الرئيسين السيسى وماكرون والتى شهدت عرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، كما تطرقت اللقاءات إلى تعزيز العلاقات الثنائية فى المجالات الاستثمارية والتجارية فى ضوء جهود مصر لتشجيع الاستثمارات الأجنبية المشاركة فى المشروعات القومية الكبرى.
وتعتبر العلاقات على الصعيد العسكرى بين مصر وفرنسا أحد أهم مجالات التعاون المشترك فهناك تدريب عسكرى مشترك مستمر فى البحرين الأحمر والمتوسط بين القوات المصرية والفرنسية، كما شهدت عملية التعاون فى مجال التسليح تطورًا كبيرًا فى عهد السيسى فرضتها الظروف الإقليمية والتحديات الجديدة فيما يخص أعمال مجابهة الإرهاب وحماية الثروات الاقتصادية، ومصالح الدولة المترامية، وكان من بين ذلك صفقة الرافال التى حصلت عليها مصر من فرنسا وهى أحدث أنواع المقاتلات الحربية على مستوى العالم، وساعد فى إتمام الصفقة توجهات السيسى التى تعى مخاطر المرحلة ومستقبل المنطقة، وشراء مصر لحاملتى المروحيات أنور السادات وجمال عبدالناصر، والفرقاطة «تحيا مصر» وهى أحدث الفرقاطات على مستوى العالم وساهمت فى زيادة قدرات القوات البحرية القتالية فى الحفاظ على مصالح مصر الاقتصادية فى البحرين الأحمر والمتوسط.