الجمهورية
احمد الشامى
2021 عام القفزة الكبرى
2021 عام القفزة الكبرى
انطلق عام التحولات الكبرى 2021 في ظل سعى كل دول العالم خصوصاً المحورية منها إلى قيادة العالم دولياً و إقليمياً وتحقيق قفزات عظيمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولذلك فأن الحروب القادمة في العالم ستكون تكنولوجية وتجارية ويأتي في مقدمتها المنافسة بين أمريكا والصين والتي كادت تصل في عهد ترامب إلى صدام عسكري، وسيكون يوم 20 يناير المقبل الذي سيتسلم فيه الرئيس الأمريكي جوبايدن مقاليد الحكم في أكبر دولة في العالم بداية السباق بين دول العالم كافة للوصول إلى الغايات والأهداف المنشودة لكل الشعوب، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تنكفئ واشنطن على مشكلاتها الداخلية فأنها سرعان ما ستنطلق إلى العالم باحثة عن نفوذها وساعية إلى الاستقرار في ربوعه من أجل سرعة تجاوز العثرات التي حالت دون تحقيق طموحات الشعوب خلال العالم الماضي، بسبب جائحة كورونا.
ومما لاشك فيه أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، استعدت للقفزة الكبرى في عام 2021 سياسياً في ظل مجلس نواب جديد داعم للوطن وحريص على الاسهام في بناء مسيرة التنمية، واقتصادياً باستكمال الكثير من المشروعات المهمة وفي مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة التي ستنقل مصر إلى عصر الدول الحديثة، فضلاً عن عودة السياحة إلى معدلاتها المرتفعة، كل ذلك ينصهر في بوتقة همة المصريين التي تعتبر بمثابة جبل من الصلب لا يمكن لأي قوة في العالم أن تسقطه أوتقترب من قمته، ويقيني أن ذلك سيتزامن مع إنطلاق عمليتي التصنيع وزيادة المساحة الزراعية، فضلاً عن تطوير قطاعات الصحة والتعليم وكافة الخدمات التي شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية لم يحدث من عشرات السنين بفضل قيادة واعية وشعب مناضل.
إن الهدف من القفزة الكبرى التي تتأهب القيادة لإطلاقها خلال 2021 تحويل مصرإلى قوة إقليمية محورية، ومن المعروف أن هذه القفزات لا تتم إلا أثناء حكم العظماء في الدول الصاعدة، ومنهم القائد ماو تسي تونغ الذي أطلق حملة كبرى لتطويرالصين ابتداءً من عام 1958 ، حتى عام 1961 ، ورغم ما حدث من تجاوزات أثناء التنفيذ إلا أن التاريخ نصفه ووصفها باسم " القفزة الذي العظيمة للأمام" لإحداث تحول سريع من اقتصاد ينطلق من الزراعة إلى التصنيع، لكن مصر الساعية إلى تحقيق التكافل بين جميع المواطنين قادرة على تحقيق نهضتها من دون السقوط في أخطاء كبرى أو تجاوزات تضر بمواطنين بسطاء لأنهم العمود الفقرى للمجتمع الذين تحملوا الكثر من أجل تحقيق ما وصلنا إليه من تنمية رغم الظروف الصعبة التي مر بها المجتمع المصرى بعد عام حكم الإخوان الأسود الذى كلف مصر سنوات من التراجع والتقهقر، تحتاج إلى عشرات السنين لتعويض ما حدث.
والسؤال الذي يطرح نفسه الاًن هل يستطيع بايدن إعادة الهدوء إلى الحياة السياسية الأمريكية في ظل تنامي تيار "الشعبوية" في عهد ترامب؟ والحقيقة أن هذا المصطلح الذى تم تداوله خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة كذلك في النقاشات التي رافقت عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبح يتنامى في الفترة الأخيرة ورغم اختلاف الكثير من السياسيين الأجانب على تفسير هذا المصطلح إلا أن كثيرون استخدوموه ليحل محل مفردات أخرى مثل "القومية" و"الحمائية"و"كراهية الأجانب" و"الشوفينية" و"تبسيط الأمور"، وهو ما يعني أن انتشاره في أمريكا خصوصاً على يد ترامب الساعى إلى السيطرة على الحزب الجمهوري أو تكوين حزب جديد من الممكن أن يؤدى إلى تفكك الولايات المتحدة الأمريكية وهو الأمر نفسه الذي بدأ يحدث لدول الاتحاد الأوروبي بعد إنسحاب بريطانيا من اتفاقية "بريكست"، وتالياً سيكون العالم خلال السنوات المقبلة أمام دول عظمى جديدة يأتي في مقدمتها الصين وروسيا، خصوصاً أن هؤلاء الشعبويين هم الذين هاجموا مبنى الكابيتول " الكونجرس والنواب الأمريكيين".
ورغم أن الشعبوية ولدت في روسيا والولايات المتحدة آواخر القرن التاسع عشر، نتيجة انطلاق حركات تستهدف تحرير الطبقات الكادحة مثل العمال والفلاحين والبحث عن مصالحها، إلا أن تناميها الاًن بالتحديد في الولايات المتحدة وبرعاية " ترامبية" يوحى بأن الفترة المقبلة قد تشهد صراعات داخلية أمريكية تنتهى بتحلل الولايات الأمريكية وانفصالها وقد انطلقت دعوات لانفصال عدد من الولايات خلال السنوات الأخيرة، وكانت ولاية "كاليفورنيا" أول من دعت إلى الانفصال عقب فوزر "دونالد ترامب" برئاسة أمريكا في نوفمبر 2016، حتى اشتعلت التظاهرات في معظم ولايات أمريكا احتجاجاً على تنصيبه رئيساً، وبعدها تبعتها العديد من الولايات الأمريكية ولازالت هذه الفكرة مطروجة حتى الاًن، وهذه الاحتاجات عبرت عنها حركة "احتلوا وول ستريت"، قبل سنوات إذ انتشرت التظاهرات سريعاً في كل ولايات أمريكا خصوصاً نيويورك ولوس ‏أنجلوس، إذ يرى الشعبويون أن أصحاب الياقات البيضاء الأثرياء عليهم أن يتركوا حكم الدول للطبقات الكادحة.‏
في الوقت الذي يتوقع أن تواجه واشنطن تحديات داخلية سياسية واقتصادية قالت مراكز أبحاث عالمية إن الصين ستصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2028، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة، قبل خمس سنوات مما كان متوقعا في السابق، إذ كان متوقعاً أن تصبح بكين الاقتصاد الأول في العالم عام 2033 ، مؤكدة أن فيروس كورونا أضر بالولايات المتحدة والكثير من دول العالم أكثر من الصين التي كانت أكثر حرصاً في التعامل مع الفيروس، ولذا فأن صراع القوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين مستمر خلال السنوات المقبلة لكن نهايته محسومة للصين، وإن حدث خلاف على الفترة الزمنية زادت أم قصرت لأن هذه هي دورة التاريخ التي لا تتوقف مهما بلغت الأمم من قوة إذ إن السقوط يكون نهاية الحضارات الكبرى على الأرض.
إن انهيار الحضارات لا يكون بضربها بالطائرة أو الدبابة، ولذا يقول المؤرخ البريطاني أرنولد تونيبي، ( 1889 ـ 1975) في كتابه "دراسة التاريخ" الذي يستكشف فيه عوامل نهوض 28 حضارة وانهيارها، " إن الحضارات العظيمة تحمل في طياتها أسباب زوالها ، فلا توجد حضارة على وجه الأرض محصنة من الانهيار، مهما بلغت عظمتها"، لكن السؤال الأهم الاًن ما مصير إنهيار أمم وسقوط أخرى في العصر الحديث على الحضارة العربية عموماً والمصرية خصوصاً، أرى أن الدول العربية مهيأة الاًن أكثر من أي وقت مضى لتعود قوة عظمى في العالم فهى تمتلك الثروات الطبيعية والبشرية وتاريخ إنساني يحمل في طياته الكثير من التجارب والخبرات منذ 1500 عام، أما الحضارة المصرية فهى الأقدم في العالم والأكثر قدرة على التعامل مع جميع البشر، لكن ما ينقصنا عربياً ومصرياً تطوير الفكر الإنساني والقضاء على التطرف والإرهاب باعتبارنا جزء أصيل من العالم يرغب في الاسهام في رقيه الإنساني والحضارى وغير معوق للتنمية والانطلاق نحو المستقبل حتى تنتهى النظرة السلبية للمجتمعات العربية وتندمج في الحضارة العالمية.
وأقول لكم، إن مصر رمانة الميزان في الشرق الأوسط لايمكن أن تسقط مهما كان المعادين لها، لأنها دولة ليست تاريخية فقط فقد جاءت أولاً ثم جاء التاريخ، كما قال الأديب الراحل نجيب محفوظ، ولذا ستظل صامدة قادرة على التقدم والإزدهار وحماية شعبها من أي عدوان مهما كانت التحديات الخارجية التي لا تتوقف أبداً، لكن على الجميع أن يعلم أن مصر التي انهارت في 25 يناير بسبب الفوضى لا يمكن أن تعود مثلما كانت بعد كل ما حققته من إنجازات في جميع المجالات، وعلينا أن نتذكر الكلمات الخالدة للشاعر الراحل صلاح جاهين، على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء، أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء، بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب، وبحبها وهي مرمية جريحة حرب بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء، واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء، واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب، وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب، والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب، إنها مصر قلب القلب التي يعشقها المصريون حتى الموت.

أحمد الشامي

Aalshamy610@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف