المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
حمزة بن عبدالمطلب.. عم رسول الله صلي الله عليه وسلم وأمه هالة بنت وهب بن عبد مناف وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبي صلي الله عليه وسلم. وكان من هواياته الصيد. وقد كان عائداً من إحدي رحلاته ومن عاداته أنه إذا عاد لم يذهب إلي أهله حتي يطوف بالكعبة. كما كان لا يمر علي أي ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز قريش وأشدها شكيمة وكان يومئذ علي دين قومه فلما مر بالمولاة وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد رجع إلي بيته. فقالت له أم عمارة: يا أبا عمارة لو رأيت ما لقيه ابن أخيك من أبي الحكم حينما وجده هاهنا فأذاه وشتمه وقد بلغ منه ما يكره. فاستشاط حمزة غضباً حتي آتي أبا جهل وهو جالس مع قومه. فأقبل نحوه رافعاً قوسه فوق رأسه ثم ضربه ضربة فشج رأسه شجة منكرة وعندما قام القوم محاولين نصر أبا جهل قائلين ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت فصاح حمزة قائلاً: أشهد أنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن الذي يقول هو الحق فوالله لا أنزع فأمنعوني أن كنتم صادقين وقد أعز الله المسلمين بإسلام حمزة عم رسول الله. ثم هاجر إلي المدينة المنورة وشهد بدراً وقد أبلي في المعارك بلاء حسناً فقتل شيبة بن ربيعة وشارك في قتل عتبة بن ربيعة حيث كان معه علي بن أبي طالب وقتل طعيمة بن عبد مناف. وكان يعلم في الحرب بريشة نعامة وقد أكد القرشيون أنه فعل بنا الأفاعيل ضرباً وقتلاً. ولشدة حمزة وقوته سماه الرسول بأسد الله.
شهد حمزة أحد وكان يقاتل بسيفين وفي هذه الأثناء تعثر حمزة فوقع علي ظهره فانكشف الدرع عن بطنه فرماه وحشي مولي جبير بن مطعم بحربة فقتله. وبعد أن سقط حمزة جاءت هند بنت عتبة وصاحباتها فقمن بقطع أنف وأذن المسلمين من الشهداء ويبقرون بطونهم. وقامت هند بفتح بطن حمزة وأخذت كبده فلاكته فلم تستسغها فقامت بلفظها. وعندما شاهده رسول الله اشتد حزنه وقال والله يا عم لو أقدرني الله عليهم لا مثلن بسبعين منهم لكن جاء قول الله تعالي رافضاً ذلك "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين وأصبر وما صبرك إلا بالله" ويروي أن النبي صلي الله عليه وسلم لما رأي عمه بهذه الحالة بكي بكاء مراً وقال: لولا أن تحزن صفية لتركته حتي يحشر من بطون الطير والسباع. وصفية هي أخته. وقد قام كعب بن مالك برثاء حمزة ومما قاله شعراً:
بكت عيني وحق لها بكاها .. وما يغني البكاء ولا العويل
علي أسد الإله غداه قالوا .. لحمزة ذاكم الرجل القتيل
ألا يا هاشم الاخيار صبراً .. فكل فعالكم حسن جميل
ألا يا هند لا تبدي شماتاً .. بحمزة إن عزكم ذليل
ألا يا هند فابكي لا تملي .. فأنت الواله العبري الثكول
وقد صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي حمزة حيث كبر سبع تكبيرات ثم لم يؤت بقتيل إلا صلي عليه معه حتي صلي عليه اثنتين وسبعين صلاة. ومما يؤثر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه كان يجمع بين الرجلين في قبر واحد. وكان يقول أيهم أكثر أخذاً للقرآن فإذا أشير إلي أحدهما قدمه في اللحد. ومن المفارقات أن وحشي قاتل حمزة قد أسلم وبينما هو في مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم أخذ الرسول يسأله عن كيفية اغتياله لحمزة في يوم أحد فأخذ يحكي له ما حدث في اليوم المشهود. فقال الرسول صلي الله عليه وسلم لقد عصم الإسلام دمك. لكن إذا شاءت الظروف وحضرت إلي مجلس فغيب وجهك عني. وذلك حتي لا تتحرك كوامن الشجن في نفس رسول الله صلي الله عليه وسلم تلك هي قيم الإسلام ومبادئه التي ترفض سفك الدماء وتصونها بكل قوة فما بالنا نري من يتشدقون بالإسلام ويرتكبون مجازر وسفكاً للدماء فالدين الحنيف منهم براء ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف