مساعد العصيمي
عابر سبيل .. في وداع الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالرحمن
كلمات سمعتها عن الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالرحمن، الرجل الفروسي الراحل - رحمه الله - عن دنيانا قبل أيام ما قاله لي أحد القريبين منه: "هو صديق الجميع، الكل يشيد بصفاته، والجميع يتفق على حسن تدبيره وخلقه واحترامه للصغير والكبير.. البعيد والقريب".. ويضيف صاحبنا: "أشد ما يلفت النظر أنه من المنضبطين في مواعيدهم، لا يتوسط لشخص يرى هو أنه لا يستحق، لا يجامل، ملتزم بواجباته تجاه ربه، لا يبخس أحد حقه.. يحترم المواعيد حتى أنك تستطيع أن تضبط ساعتك على تحركاته".
مع هذه التوطئة أعلاه ليس الحزن وحده فقط ما يجتاحك حين تلقيك خبر وفاة إنسان فاضل ارتبطت معه بعلاقة عمل منذ أمد ليس بالقصير.. رغم أنك لم تقابله مباشرة فبعد الترحم والشعور بالفقد تقفز إلى رأسك خيالات السنين العابرة عن إنجازات هذا الرجل، وتلك الذكريات التي حفر بعضها في الدماغ مكاناً.
أشير إلى أن معرفتي بالراحل الفاضل - رحمه الله - كانت تتمحور بتطلع الصحفي الصغير المنتمي إلى صحيفة الشرق الأوسط، إلى من هو معني بقيادة إمبراطورية تلفزيونية إعلامية كبرى هي شبكة قنوات أوربت، أوجدت علاقة إيجابية مثمرة، كان لها حضور مع أبنائه الأفاضل الذين ساروا على طريقه نبلا واحتراما ورقيا في التعامل مع الآخرين..
أقول علاقة بنيت على تأسيس معرفي ومهني للعمل التلفزيوني والمستفيد منها هو ذلك الصحفي الصغير الحاضر كمقيّم للأحداث الرياضية.. وهو ما يجعل من التبليغ بالوفاة سبيلاً لانهمار الذكريات لتحدث نوعاً من التوازن في المشاهد والمواقف بين المحرر وصاحب العمل.. أقول خلال عملنا في قناة أوربت قبل نحو ثلاثة عقود علمنا أننا ننتمي إلى مجال العمل فيه لا يترك شيئا للمصادفات وكل شيء له وقت مسبق لا بد أن يلتزم به الجميع.. وفق تعليمات عليا من الإدارة الرئيسة.. عمل إعلامي كان نقلة حقيقية في مسيرتنا وفي الإعلام الرياضي السعودي والعربي.
خالد بن عبدالله عرف بالتجارة وصناعة الإعلام والفروسية وفي الأخيرة نال الجوائز والأوسمة الأعلى عالميا.. لكن من عاصروه عرفوا فيه حبه للثقافة، والتطوير الفكري.. وأراد أن يكون لأبناء بلده اطلاعا وتنويرا في كيفية نقل الأحداث الرياضية وتفسيرها برقي لافت.. لذا كانت شبكة أوربت منبرا إعلاميا أحدث نقلة في العمل الإعلامي السعودي والعربي، لتكون اللبنة الأولى في كيفية التحليل والرصد والمتابعة.. وتكون نبراسا لكل القنوات والمحطات العربية المتنافسة الآن.
خالد بن عبدالله أيضا هو جزء لا يتجزأ من المنتج الإنجازي الرياضي السعودي الكبير، فلا تذكر الفروسية العالمية بسباقاتها الأعلى إثارة ورقيا وقيمة إلا وتأتي سيرة الراحل كأحد الأكثر تفوقا فيها.
افتقد الإعلام والرياضة السعوديين صانعا للإنجازات، رجلاً وفياً كلما قال فعل، أسكنه الله فسيح جناته، وألهمنا نحن وأهله الصبر والسلوان.