الجمهورية
محمد الزهيري
معلمون ما بين الرسالة والتجارة
"أخبروا أبناءكم أنه برغم المعاناة التي نلقاها في العمل معهم، إلا أن جدران الفصول مشتاقة لرؤيتهم وعيوننا مشتاقة لضحكاتهم ..أخبروهم أن لهم أباء وأمهات لم ينجبوهم، لكنهم يخافون عليهم ويحبونهم، بقدر خوف وحب والديهم.. أخبروهم أن المدرسة موحشة بدونهم، وما المدرسة بدون طلاب؟! الحياة شلت بغير وجودهم.أخبروهم أننا ما تركنا بيوتنا وتحدينا آلامنا وخوفنا إلا لأجلهم".

كانت هذه الكلمات المؤثرة رسالة من القلب كتبها احد المعلمين لاولياء امور الطلاب، عبر فيها عن مشاعره تجاه طلابه وحبه لمهنته واستشعرنا نحن منها انه صاحب رسالة وحامل أمانة لأبنائه الطلاب، ادركنا منها انه ليس معلم فقط بل هو اب ومربي يخاف على طلابه ويحبهم ويفتقدهم حتى انه يود اخبارهم أن المدارس بدونهم موحشة كالقبور.

مثل هذا المعلم يبعث في انفسنا الطمأنينة التي كادت ان تندثر وتتلاشى في وجود معلمين اصحاب رسالة سامية يحملون امانة العلم من اجل توصيلها إلى ابنائهم الطلاب لخلق جيل يفيد نفسه ويستفيد منه المجتمع.. معلمون يكونوا قدوة حسنة يتفاخر بهم الطلاب وغيرهم وليس من اجل الاتجار بعلمهم.

وعلى النقيض نجد قلة ممن يطلقون على انفسهم "معلمين" منعدمة الضمير تنشر الوباء بين الصالحين منهم لايرعون الله في عملهم ولايقدرون النعمة التي بين ايديهم و لايشغلهم الا الاتجار بالعلم والربح ثم الربح فقط حتى وصل بهم الطمع الى تهديد الطلاب واولياء الامور بعد ان تجردوا من ضمائرهم في هذه الازمة التي تمر بها البلاد وتأجيل امتحانات نصف العام بسب انتشار فيروس كورونا وخوف الدولة على ابنائها الطلاب والمعلمين ايضاً نجد منهم من استغل هذه الازمة لصالحه واستغل قلق اولياء الامور والطلاب وبدأوا في الاعلان عن حجز دروس التيرم الثاني لشرح المقررات الخاصة به دون مراعاة لمصلحة الطلاب في قضاء الاجازة دون التزامات دراسية محددة استعدادا للامتحانات التي ستليها مباشرة، أو الضغوط التي يمر بها اولياء الامور فهؤلاء لا يشغلهم ابدا ان الطالب لايستطيع تحمل هذه الضغوط وان طاقته اضعف من هذا العبء الذي يفرضه عليه من يطلق عليه "المعلم".

وللاسف ليسوا هؤلاء فقط هم من يسيئون الي "المعلم" ودوره الذي يرتكز على توصيل الأمانة وتبليغ رسالته العلمية
وبما اننا قد تناولنا الامر بالحديث فلابد من الاشارة الى ظاهرة غريبة وعجيبة انتشرت مؤخرا ممن يطلقون على انفسهم "معلمين" وهم الذين يقومون بتعليم الطلاب بالطبل والزمر اي بلغة "العوالم" لا بلغة العلماء وهم من وجهة نظري ونظر الكثير من زملائهم لا يستحقون شرف لقب "معلم" الذي كتب فيه امير الشعراء احمد شوقي " قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا " فيجب على هؤلاء ان يشعرون بالخزي و يستحوا مما يفعلوه وان يفكر كل واحد منهم في صورته امام الطلاب وكيف له ان يكون قدوة بهذا الشكل المؤسف.

اعلم تماما ان مجرد الجمع في مقال واحد بين نموذج هذا المعلم من المعلمين الشرفاء حاملي الامانة واصحاب الرسالة وان كانوا قليلون مع غيرهم من تجار العلم و"العوالم" هو شئ مثير للشعور بالخزي ولكن لابد ان ندق ناقوس الخطر لترك مثل هؤلاء.

وللتوضيح انا لست بصدد الهجوم على المعلمين او انتقادهم وانما انتقد فقط "تجار العلم" ممن يطلقون على انفسهم معلمين والعلم برئ منهم.. ولا يمكن ان انتقدهم بشكل عام وانا علي يقين تام بمعاناتهم خاصة من ضعف المرتبات ولكن ما وصلني من رسائل بعض الطلاب واولياء الامور بل وما اشعر به من اعباء مثل الكثير من الاباء يجعلني ارفض تماما ان يكون هذا سند او حجه للاستغلال.

وهنا علينا طرح سؤالا لهولاء الذين يتاجرون بالعلم من اجل الربح فقط كيف لطالب ان يتحمل دراسة مقررات التيرم الثاني وهو لم ينتهي من امتحانات التيرم الاول وكيف له ايضا ان يقوم بمراجعة مقررات التيرم الاول لاستعداده لدخول الامتحانات وفي نفس الوقت يقوم بدراسة التيرم الثاني؟..بالطبع لن يجيب احدهم لان الامر لا يشغل لهم بالا.. لذا اعتقد ان مواجهة هؤلاء "الطماعين" تبدأ من الجانب الاخر.. من اولياء الامور أنفسهم فهم أولى بالدفاع عن اولادهم ومصلحتهم واذا كانت الدولة تحاول قدر الامكان مواجهة الدروس الخصوصية من خلال اغلاق "السناتر" التعليمية وفي الوقت ذاته تؤكد بعض الاسر ان ابنائها يحتاجون الي الدروس فأقل ما يمكن فعله هو الا تتركوا لهؤلاء "الحبل على الغارب" واننا اذا قبلنا بالحاجة الي الدرس الخاص فلن نسمح بالاكراه عليه.

الان "الكرة" في ملعب الأسر" اما ان تتصدى لهؤلاء واما ان يظل اولادنا" اسرى" في" سناترهم"

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف