الأخبار
محمد درويش
نقطة فى بحر .. حلم ولا علم ؟
لست قرويا رغم أن هذا ما كُنت أتمناه.. وباعد بيني وبين هذه الأُمنية ما عايشته خلال زيارات عمل أو أداء واجب في العديد من قرى مصر.

أمس وأنا أستمع إلى حديث الرئيس السيسي معقبا على ما استعرضه د. مصطفى مدبولي رئيس الوزراء في مشروع تطوير ما يقارب من ٥ آلاف قرية على مدار ثلاث سنوات، تداعت ذكرياتي المحدودة في القرية المصرية وسألت نفسي: ياترى أحلم هذا ما أسمعه أم علم؟

منذ حوالي أربعين عاماً كانت حملة "الأخبار" عن القرية المصرية، حملت الكاميرا الـ"ياشكا" الخاصة بي وانتقلت مع صديقي الراحل الطبيب صلاح شعراوي والذي كان مسئولا عن وحدة صحية في إحدى قرى بني سويف لا أذكر اسمها الآن، سافرت إلى القرية بالمواصلات المعروفة آنذاك وكنا في فصل الشتاء، مكثت يومين مع د. صلاح الذي كان له مساعد من أهل قرية مجاورة صمم أن يحتفي بي فدعانا إلى العشاء في منزله البسيط.

ذهبنا أنا وصلاح وما أن انتهت جلستنا إلا وكان المطر المنهمر، سرنا على أقدامنا في هذه "المطينة" التي آل إليها تراب الطريق ولا أبالغ إذا قُلت إن عامل الوحدة الصحية الرجل الطيب كان يحملني مرة وصديقي الطيب مرة أخرى للمعابر الكثيرة التي صادفناها، أذكر أننا عندما وصلنا الوحدة الصحية وضعنا الأحذية تحت حنفية المياه لغسلها.

هذا نموذج قرية تمثل كل قرى مصر وما كان يحدث فيها على مدى أكثر من خمسين عاما كما أشار الرئيس السيسي في تعقيبه أمس بأن يدا لم تمتد لهذه القرى على مدى أكثر من نصف قرن.

تداعت الذكريات وسيارة "أخبار اليوم" تتأرجح يمينا ويساراً فى طرق القرى الترابية المتهالكة.

ما استعرضه رئيس الوزراء أمس وتعقيب الرئيس السيسى عليه جعلنى أتساءل: أنا في حلم ولا علم، يا له من مشروع عظيم صار واقعا ملموسا، لم تكن أبداً مسألة توفير التمويل الذى يزيد على ٥٠٠ مليار جنيه هى التحدي الأكبر بل كانت كما قال د. مدبولي هي حشد الجهود والإعداد لدراسات جدية علمية تنقل القرية المصرية إلى عالم آخر هو عالم القرن الحادى والعشرين.

الرئيس عبدالفتاح السيسي أشار إلى أن المشروع الذي كان مقرراً له عشر سنوات وتم ضغطه إلى ثلاث فقط سيشمل كل مناحي الحياة من مرافق وخدمات.

المشروع يمثل ضرب عدة عصافير بحجر واحد فهناك مصانع ستعمل لتوريد المنتجات المطلوبة وهناك مقاولون داخل هذه القرى سيكون لهم وشباب القرى فرص كبيرة للعمل ليعم الخير على الجميع.

مصر "الجديدة" دخلت كل قرية، ومن المؤكد أن دخول الحمام ليس مثل الخروج منه وكلها ثلاث سنوات ليتغير وجه الحياة على الأرض لـ٥٨ مليون مصري يستهدفهم المشروع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف