الوطن
عماد فؤاد
اقرأ ثم أجب.. ثورة أم مؤامرة؟
«ماشافوهمش وهمّا بيسرقوا.. وشافوهم وهمّا بيتحاسبوا».. تذكرت هذا المثل الشعبى المصرى بالغ الدلالة مع مرور 10 سنوات على أحداث 25 يناير المثيرة للجدل حتى الآن بين من يحسبها ثورة شعبية، ومن يراها مؤامرة مكتملة الأركان تم التخطيط لها فى إطار نظرية الفوضى الخلاقة لتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة.

المثل الشعبى المصرى ترجمه الصّراع بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، بعد أن تعمد الرئيس السابق دونالد ترامب ووزارة الخارجية التى يسيطر عليها الجمهوريون آنذاك، إطلاق ملفات وأوراق من العيار الثقيل خاصة برسائل البريد الإلكترونى (السرّية) لهيلارى كلينتون أثناء توليها وزارة الخارجية فى إدارة الرئيس باراك أوباما، وهى الرسائل التى فضحت دور وزارة الخارجية والإدارة الأمريكية معاً فى دعم وتعزيز النشاط السياسى والحزبى والاستخباراتى لجماعة الإخوان الإرهابية فى الوطن العربى فى ما سُمّى بـ«ثورات الربيع العربى» فى نهاية عام 2010م ومطلع عام 2011م.

وكشفت الرسائل التى تم عرضها على موقع وزارة الخارجية الأمريكية، ارتباط هيلارى كلينتون الوثيق بقطر وقناة «الجزيرة»، ومحاولة استغلالها لنشر الفوضى بمنطقة الشرق الأوسط. وجاء فى إحدى الرسائل أنها قامت بزيارة قناة «الجزيرة» فى الدوحة خلال مايو 2010، واجتمعت مع مدير الشبكة وضاح خنفر، وفى لقاء آخر فى الشهر نفسه، اجتمعت مع أعضاء مجلس إدارة «الجزيرة» وجرت مناقشة زيارة وفد من القناة إلى واشنطن فى أقرب فرصة، كما التقت رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم وطالبت بتمويل ما يُسمى بثورات الربيع العربى عبر صندوق مخصّص لمؤسسة كلينتون.

وكشفت إحدى الرسائل، التى تعود إلى سبتمبر عام 2010، عن تعاون قطرى مع تنظيم الإخوان فى مشروع إنشاء قناة إعلامية باستثمارات تبلغ 100 مليون دولار، بعد تكرار شكوى التنظيم الإرهابى من ضعف مؤسساته، كما كشفت الرسالة المسرّبة، أن «التنظيم» اشترط على قطر أن يتولى إدارة القناة القيادى الإخوانى خيرت الشاطر، وأن يكون مشرفاً مباشراً على المؤسسة التى ستُمولها الدوحة، بحيث تكون البداية قناة إخبارية مع صحيفة مستقلة.

كشفت الرسائل أيضاً عن قيام الولايات المتحدة بتدشين صندوق الاستثمار المصرى الأمريكى، ومشروع آخر مثله فى تونس، بهدف توفير فرص العمل والمساهمة فى توسيع قطاع الأعمال التجارية الصغيرة.

تم إطلاق صندوق الاستثمار المصرى الأمريكى فى البداية بمبلغ 60 مليون دولار، وأعلنت قطر عن حزمة مساعدات بقيمة مليارى دولار لمصر، مع تخصيص جزء من هذا المبلغ للصندوق. وكشفت رسائل «كلينتون» عن رغبة قطر بالتدخّل فى الشأن المصرى، وكذلك الشأن التونسى عبر الدعم المالى لجماعة الإخوان التى انقضت على السلطة عقب الفوضى التى شهدتها دول كثيرة بالمنطقة، ومنها مصر وتونس عام 2011، والتى روّج لها النظام القطرى وإدارة أوباما على أنها «الربيع العربى».

وإذا كانت إدارة أوباما ووزيرة خارجيته تعبر عن الحزب الديمقراطى وموقفه من النظام المصرى، فإن إدارة «الجمهورى» جورج بوش الابن ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس كانت المحرك الأساسى والأول لما تم استكماله فى ما بعد بتخلى «مبارك» عن الحكم وانقضاض جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم.

فى مقطع فيديو تم تداوله على «فيس بوك»، اعترفت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية فى الولاية الثانية لجورج بوش الابن بمساهمة بلادها فى صناعة 25 يناير 2011، وقالت «رايس» فى مقطع الفيديو أثناء حضورها مؤتمر يوم 26 مايو 2011 فى مركز جورج دبليو بوش المعنى بالتطبيق العملى لدراسات المؤسسات الفكرية المعروفة بالـ«Think Tank»، تحت عنوان «الحرية ودروس مستفادة من الشرق الأوسط»، بحضور الرئيس بوش الابن، إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعمّدت التضييق على نظام الرئيس حسنى مبارك، ودعم النشطاء فى مواجهته، خاصة حركة 6 أبريل.

ورداً على سؤال للمدعو أحمد صلاح، أحد مؤسسى «6 أبريل»، أكد امتنانه للولايات المتحدة لمساعدتهم فى تأسيس الحركة: «لماذا خذلتمونا بعد أن بدأت الأمور بالفعل فى التحرك؟»، فقالت «رايس»: «حاولنا منح الشعب المصرى الوسائل التى يحتاجها ليتحدث عن حريته، وقمنا بمنع 50% من المساعدات الأمريكية وحوّلناها إلى مجموعات ليست مسجّلة لدى الحكومة لتعزيز الديمقراطية، وهذه كانت صفعة قوية على وجه نظام مبارك». واستكملت «لا أريد الإفصاح أكثر حتى لا أُحرج الرئيس السابق جورج بوش».

ووجهت «رايس» كلامها إلى صاحب السؤال: «ألم تعرف لماذا لم يأتِ مبارك إلى الولايات المتحدة منذ عام 2004؟»، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكى لم يستطع دعوة مبارك إلى واشنطن، وهذا ليس له علاقة بالصراع الإسرائيلى - الفلسطينى، بل له علاقة بصناعة الثورة فى مصر. وأشارت إلى أن أمريكا استخدمت الأدوات التى تمتلكها، مثل أخذ اتفاقية التجارة الحرة من على الطاولة من مصر، رداً على حملة الحكومة على القوى الديمقراطية، إضافة إلى وضع أمريكا لأسس التغيير، اعتماداً على النشطاء.

المؤكد أن الأسرار الكاملة عن تلك الفترة لم يتم الكشف عنها بعد، ولكن ما تم كشفه حتى الآن يكفى للإجابة عن السؤال.. 25 يناير ثورة أم مؤامرة؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف