محمد صلاح البدرى
اللقاح.. وسباق الفرص المتاحة!
ثلاثة عشر شهراً هى المدة التى تحتاجها بريطانيا لتلقيح مواطنيها بالكامل، بحسب ما أعلن عنه رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون، منذ أيام قليلة.. هذه المدة الزمنية -الطويلة قطعاً بمنظور الباحثين عن عودة الحياة لطبيعتها- تستلزم أن يتم تلقيح مائة وأربعين شخصاً فى الدقيقة الواحدة بمراكز التلقيح فى أنحاء المملكة..!
الأمر لا يتم بنفس الصورة فى دول أخرى.. فالتجربة فى الولايات المتحدة تبدو ملهمة حقاً.. فقد اعتمدت السلطات الصحية على الصيدليات بجوار مراكز التطعيم الخاصة بكوفيد لتتمكن من زيادة عدد المواطنين الذين يتلقون اللقاح فى أقصر مدة زمنية ممكنة.. الأمر الذى جعل الولايات المتحدة تعلن منذ عدة أيام أنها وصلت لعدد مائتى مواطن فى الدقيقة الواحدة!!
الصورة تختلف فى دولة الإمارات الشقيقة.. فالأمر هناك لا يحتاج سوى لاتصال تليفونى قصير ليتم تحديد مكان وميعاد لتلقى اللقاح بأحد المستشفيات أو مراكز الصحة..!
لقد تحول الأمر إلى سباق سرعة من نوع جديد.. سباق للوصول إلى مناعة القطيع التى تتيح للعالم العودة إلى الحياة بعد أكثر من عام من العذاب والإغلاق والخسارة الاقتصادية والاجتماعية بل والعلمية أيضاً.. سباق تعتمد فيه الدول ليس على إمكانياتها المتاحة وحدها.. بل وعلى كل ما يجعلها تصل بشكل أسرع إلى نقطة آمنة.. يمكنها بعدها أن تلتقط أنفاسها وتبدأ فى إعادة ترتيب أوراقها لممارسة الحياة..!
فى مصر أعلنت وزارة الصحة أخيراً أنها ستبدأ فى تطعيم الأطباء فى مستشفيات العزل أولاً.. ثم تبدأ بعد ذلك فى تطعيم الراغبين من المواطنين..!!
أمر جيد بلا شك أن نبدأ أخيراً بعد تأخير لا أعرف سببه.. خاصة أن اللقاح الصينى الخاص بشركة سينوفاك موجود منذ فترة تزيد على الشهر على أرض مصر.. ولكن أحداً لم يعرف بعد كيف سيتم تقديم اللقاح للمواطنين حتى هذه اللحظة..
لم يتم الإعلان عن خطة واضحة لتوزيع اللقاح جغرافياً بين المحافظات أو حتى بين الفئات المستهدفة.. لم يخرج علينا مسئول بالوزارة ليشرح للناس، عبر وسائل الإعلام، كيف ستتم عملية التطعيم والخطة الزمنية المحددة لها.. لقد أعلنت الوزارة عن موقع إلكترونى لتسجيل بيانات الراغبين.. الموقع تم تعليقه بعد إطلاقه بعدة ساعات لتظهر عليه رسالة أن التسجيل سيتم فتحه قريباً.. دون أن يحدد أحد متى هذا «القريب»!!
المشكلة أن وزارة الصحة تمتلك بالفعل بنية تحتية راسخة ومنظمة لتوزيع وتخزين اللقاحات عبر إدارة التطعيمات التابعة للطب الوقائى.. وتمتلك آلية منظمة لتوزيع اللقاحات للأطفال حديثى الولادة وخلال السنوات الأولى من عمرهم.. تلك الآلية التى أعتبرها من أفضل آليات العمل داخل الوزارة المنهكة بتفاصيل البيروقراطية عبر عقود.. كما تمتلك بكل تأكيد الآن قاعدة بيانات قوية عن الأمراض المزمنة عبر ما قامت به المبادرة الرئاسية «١٠٠ مليون صحة»، فلماذا لم تتم الاستعانة بهما حتى الآن؟!
لماذا لم يتم الإعلان عن قوائم المستحقين للقاح فى المرحلتين الأولى والثانية.. ويتم إبلاغهم أو التواصل معهم بشكل منظم للوصول إلى العدد المطلوب من اللقاحات.. ثم يتم البدء فى توزيعه عقب وصوله مباشرة؟!
لقد عانينا كثيراً خلال الفترة السابقة من هذا الكوفيد اللعين.. ونحتاج إلى أن نتخلص منه بأقصى سرعة ممكنة.. فالعالم لن ينتظر أحداً فى هذا السباق المحموم.. السباق الذى نمتلك فرصة الفوز فيه دون تعقيدات.. فالفائز سينتقل إلى مكانة أخرى بكل تأكيد.. أو هكذا أعتقد!!