الجمهورية
عمرو حافظ
نظرة .. فن "التطنيش"
التغافل أو "التطنيش" فن من فنون التعايش في الحياة ،بمعنى أنه قد يتجاوز أحدهم فى التعامل معك أو نقع نحن و غيرنا فى زلات و هفوات ، و من المهارة و الذكاء الإجتماعى هنا "التطنيش" أو التغاضي و تجاهل المسيء و تصرفاته و سلوكه و عدم الإنتباه لها أو التعليق عليها ، لأنه فى حالة الإنتباه لهذه التجاوزات قد تتفاقم المشكلة و يتعرض الطرفين لأمور مؤلمة فتترك فى النفوس أثراً غير طيباً.

والتغاضى أو التغافل أو "التطنيش" لايعنى أنه جبن أوتخاذل ، بل هو كرماً وحلماً وترفعاًعن سفائف الأمور وصغائرها, وترفقاً بالآخرين وعلاج صحي لهذه الهفوات و الزلات ،فإن القليل من التغاضى قد يعيد المسيء إلي رشده أو يكون رداً رادعاً يوقفه عن التمادى .

وقد قال أحمد بن حنبل «تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل».. وقال الحسن البصري «مازال التغافل في الكرام»، و قال معاوية بن أبى سفيان رضي الله " ثلث العقل فى الفطنة و ثلثاه فى التغافل"

وهذا السلوك الأخلاقي يجنبك الوقوع في مغبة المشكلات التافهه التى تنتج من كلمة من هذا أو ذاك فإن هذه التفاهات خاصة التى نجدها فى "بوستات" على صفحات التواصل الإجتماعى تبدأ ببعض الكلمات التي لاتثمن و لا تغني من جوع و لا تغير من الواقع شيئاً ، و لكن يضيق صدر الإنسان بها فيقعب عليها و قد يتملك الغضب منه و تتسع دائرة النقاش إلي مناظرة فيتم التراشق بالشتائم وأسوء الألفاظ و يتحول الأمر إلي حلبة صراع بينما هو فى الاساس زلة أو هفوه يمكن العتاب عليها بعد أن تهدء الامور وتتصافى النفوس.. التغافل وقت الغضب ذكاء، لكن التغافل وقت النصيحة البناءة والتحدث مع الناس تكبر وغرور، فانتبه متى تتغافل.

الهفوات و الزلات تختلف عمن يرمى بالكلمات وهو يلبس قناع السذاجة لأستفزاز الأخرين فهذا ايضاً عقابة الصمت و"التطنيش " لأن تبادل الحديث معه يعطية فرصة لعرض مواهبه من الفبركة و التهليل والنفاق والتضليل وتقمص دور البطولة فى مسرحية هزلية من المبررات و الحجج .

و فى النهاية : الذكي لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة كي تحلو مجالسته، وتصفو عشرته ومن كثر علمه قل إنكاره و الحكمة ميزان العاقل متى يتكلم و يعقب و ينتقد و يرد و متى يصمت او "يطنش".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف