الجمهورية
أحمد شندى
الْقَرِيبُ
الْقَرِيبُ

الْقَرِيبُ: اسمٌ من أسماء الله الحسنى؛
تضمَّن صفة القرب،
وأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى هذه الصفة إثباتًا بلا تكييف ولا تمثيل.

إن الله -سبحانه- قريبٌ من عباده؛ عَلِيٌّ فوق عرشه؛ وهو سبحانه قريبٌ في علوِّه؛ عالٍ في قربه؛ عليمٌ بالسرائر وما تكنه الضمائر؛ وهو قريبٌ بالعلم والقدرة من عامة الخلائق أجمعين؛ وقريبٌ باللطف والنصرة وهذا خاص بالمؤمنين.

وهذا القُرْبُ الإلهي قد شمل كل مخلوق، ووسع كل مَرْبُوب؛ من تقرب منه شبراً تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً، وهو أقرب إلى العبد من عنق راحلته، وهو أيضا قريبٌ من عبده بقرب ملائكته الذين يطلعون على سره ويصلون إلى مكنون قلبه.

والقَرِيبُ سبحانه هو الذي يقرب من خلقه كما شاء وكيف شاء، وهو القَرِيبُ من فوق عرشه أقرب إلى عباده من حبل الوريد كما قال:

(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)
[ق:16].

وقال سبحانه أيضا:

(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ)
[الواقعة:85].

وورد عن ابن عباس أنه ﷺ قال:
«ما السمواتُ السبعُ والأرَضونَ السبعُ وما فيهن وما بينهن في يدِ الرحمنِ إلا كخَرْدلةٍ في يدِ أحدِكم».

وروى ابن حبان وصححه الألباني من حديث أبي ذر أنه ﷺ قال :
«يا أبا ذرٍّ ما السَّمواتُ السَّبعُ مع الكُرسيِّ إلَّا كحلقةٍ مُلقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ وفضلُ العرشِ على الكُرسيِّ كفضلِ الفلاةِ على الحلقةِ».

فهذا قرب مطلق بالنسبة لله عز وجل لأنه قريب غير ملاصق، والمخلوقات كلها بالنسبة إليه تتقارب من صغرها إلى عظمة ذاته وصفاته، وهو بعيد غير منقطع بالنسبة لمقاييسنا، فلا يقدر أحد على إحاطة بعد ما بين العرش والأرض من سعته وامتداده.

والاعتقاد الحق كما قال شيخ الإسلام بن تيمية:
“أنَّ الله -عز وجل- قريبٌ من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، وأنه يتقرَّب إليهم حقيقة، ويدنو منهم حقيقة“.

في القرآن الكريم والسنة النبوية

ورد هذا الاسم لله في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، منها قوله تعالى:

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
[سورة البقرة 186]

قريبٌ لا يحتاج العبد واسطة في دعائه

وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَكُنَّا إذَا أشْرَفْنَا علَى وادٍ، هَلَّلْنَا وكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أصْوَاتُنَا، فَقالَ النبيُّ ﷺ:
«يا أيُّها النَّاسُ ارْبَعُوا علَى أنْفُسِكُمْ، فإنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ ولَا غَائِبًا، إنَّه معكُمْ إنَّه سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وتَعَالَى جَدُّهُ».


أعمال ومواطن القرب من الله

وجامع ما يقرب العبدَ من خالقه وربه أن يعملَ العبدُ الصالحات بنُور من الله، يرجُو ثوابَ الله؛
كما قال سبحانه:

(وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)
[سورة سبأ 37]

ومن ذلك
- أن يحافظ المسلم على النوافل ويتزود منها.
- ومن مواطن القرب من الله: السجود.
- ومن المواطن أيضا: جوف الليل الآخر.
- ومن هذه المواطن الدعوة إلى الله؛
أمراً بمعروف ونهياً عن منكر ودلالة على خير.
- ومن ذلك قراءة القرآن كلام الله،
والدعاء وكثرة الذكر،
وتقديم النفع واسداء المعروف.
- وأسعدُ الناس بقُرب الله تعالى هم أهْل التوبة والاستغفار، والإنابة والافتقار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف