احمد الشامى
أقول لكم - تنامي سلاحي" القوى الناعمة والخشنة"
تنامي سلاحي" القوى الناعمة والخشنة"
لا تكف مصرعن تطويرقواها في المجالات كافة خصوصاً " الناعمة" حتى تظل قوة إقليمية في الشرق الأوسط قادرة على التأثير في الاًخرين من أجل تحقيق مصالحلها قبل اللجوء إلى القوى " الخشنة" أو الصلبة، وهما القدرات العسكرية والاقتصادية، ولذا تسعى قيادة الدولة إلى تنامي القوتين في وقت واحد، وقد شهد شهر رمضان عرض العديد من الأعمال الدرامية التي تعتبرإحدى إشكال القوة الناعمة ومنها مسلسلات " الاختيار2 "، و "هجمة مرتدة"، و " القاهرة ـ كابول"، فالريادة الفنية والثقافية لغة حكيمة قادرة على كسب تعاطف العالم واحترامه، تفردت بها مصر فى العالم العربى وانطلقت منه إلى العالم من خلال عرض فنها بأنواعه في السينما والمسرح والغناء والأدب والإذاعة والتليفزيون، والقوى الناعمة تعبير واسع يتضمن الكثير من الوسائل والتى يمكن توظيفها بما يسهم فى توطيد العلاقات بين الدول وحل الأزمات بينها في حال فشلت السياسية والدبلوماسية في الوصول إلى اتفاقات بينها، فالعالم لم يعد يحتمل حروب تقليدية جديدة بعد أن أصبحت التكنولوجيا مجال الصراع بين الكثير من الدول وفي مقدمتها أمريكا والصين.
وتسعى مصر لتنمية قوتها " الخشنة" بالتزامن مع تنامي القوة الناعمة للدولة، إذ وصلت الفرقاطة " برنيس" وهي من طراز " فریم بيرجامینی" إلى قاعدة الإسكندرية البحرية، لتنضم لأسطول القوات البحرية المصرية، حيث تم بناؤها في شركة "فينكانتييرى" الإيطالية، وتعد الفرقاطة "برنيس" الثانية من نوعها التي تنضم لأسطول القوات البحرية المصرية، بعد انضمام الفرقاطة "الجلالة"، وقد تم التعاقد عليهما بين مصر وإيطاليا، لتؤكد مصر مجدداً على تحديث قدراتها العسكرية لردع أي عدوان، فمصر دولة سلام لا تلجأ إلى الحرب إلا بعد استنفاذ كل الطرق لتحقيقه واستخدام القوى الناعمة بهدف تخفيف حدة التوتر بينها وأي دولة أخرى لحث الرأي العام بها للوصول إلى تفاهمات تمنع وقوع حرب، ولم تتوقف مصر طوال سنوات عديدة عن تقديم المنح التى لا تُرد للدول الأفريقية الصديقة والتي توقفت طوال 30 عاماً إبان نظام الرئيس الأسبق مبارك بعد واقعة محاولة اغتياله فى إثيوبيا فى يونيو 1995.
كان وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم فرصة ليعيد ترتيب الأوراق من جديد وعلاقات مصر مع جميع دول العالم خصوصاً في القارة الأفريقية، كما تسعى لتقديم مشروعات واستثمارات للكثير من هذه الدول، بما يدعم اقتصاد تلك الدول، وتعتبرمصر واحدة من الدول القادرة على استخدم سلاحى القوى الناعمة والخشنة لحماية الدول العربية من الدول المعادية التي تسعى للاستيلاء على خيراتها وتقديم الدعم لها في القضايا المهمة للحصول على حقوقها خصوصاً فلسطين وليبيا وسوريا ولبنان وتقدم مساعدات لتلك الدول وغيرها فى المجالات الطبية والتعليمية والدينية، لكن القوة الصلبة أو التهديدات العسكرية لم تعد الأداة الأكثر فاعلية للنفوذ والسيطرة، بل أصبحت القوة الناعمة بديل للقوة الصلبة ولها التأثير نفسه، وربما أكثر، تسيطر على العقول من دون أن تشعر بتلك الهيمنة، وتسطيع التأثير عن طريق التفاهم لا التهديد والحرب، وهنا يكمن الفارق.
وتسعى مصر من خلال تنامي سلاحى القوى الناعمة والخشنة إلى حل أزمة سد النهضة، عبر كسب التأييد الأممى والدولى لموقفها فى مواجهة التعنت الإثيوبى، وظلت مصرتستخدم القوى الناعمة فى التعامل مع إثيوبيا منذ بدء الأزمة وحرصت على عدم التدخل في شئون أديس أبابا خصوصاً في أزمة إقليم تيجراى، ما كان سيؤجج وسيطيل الصراع، لكنها الكبيرة الحريصة على عدم التدخل في المشاكل الداخلية للدول الأخرى، وأرى أن مصر تمتلك العديد من مقومات القوة الناعمة، ولذا على الدولة أن تتبني استراتيجيه شاملة وواضحة لتعزيز القوة الناعمة، عبرتأسيس إطار مؤسسي للإشراف على تنفيذها وتجنب تكرار الإجراءات التي دعمت تراجع تأثير قوة مصر الناعمة خلال السنوات الماضية، ويرى الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي الذي ولد في جزيرة ساردينيا الإيطالية عام1891، في مؤلفه «دفاتر السجن» أن نظرية الهيمنة الثقافية، لا تتم بالسلطة والمال؛ بل بالقبول في عقول الناس، عبر تفعيل أدوات متعددة من وسائل إعلام ومؤسسات بحثية وفكرية، وذلك استناداً إلى جاذبية النظام الاجتماعي والثقافي، ومنظومة القيم والمؤسسات وهو ما تتمتع به مصر لتفعيل قوتها الناعمة.
وأقول لكم، إن عالم السياسية الأمريكي «چوزيف ناى» عرف فى كتابه (Soft Power) مفهوم القوة والذي صاغه في مطلع التسعينيات بأنها القدرة على جعل الآخرين يقومون بتصرفات لم يكونوا ليقوموا بها لولا أثر القوة التي تم إخضاعهم لها، وتالياً فالقوة الناعمة هي القدرة على التأثير في الآخرينط بحيث يصبح ما تريده هو نفسه ما يريدونه، وبحيث تصبح قيمك وثقافتك ومبادئك وطريقتك في الحياة هي النموذج الذي يودون احتذائه، إن القوى الناعمة أصبحت الاًن سلاحاً مهماً لتحقيق أغراض كثيرة قد لا تتمكن القوى الخشنة أو الصلبة، "العسكرية والاقتصادية من تحقيقها، ولذا أصبحت مصر تعتمد على هذا السلاح فى تحقيق أهدافها ونجحت في حل الكثير من المشكلات قبل الوصول إلى قرار الحرب الصعب.
أحمد الشامي
Aalshamy610@yah00.com