كلنا جنود الوطن
علمني وطني أنه سيظل حصناً منيعاً في وجه كل الكارهين مصاناً بدماء أبنائه الشرفاء، فالإنسان الذي لا يعرف قيمة وطنه لا يستحق الحياة، ولذا شاركت القوات المسلحة في العديد من التدريبات المشتركة مع دول أخرى خلال الأسابيع الماضية، كان من بينها التمرين المصري السوداني "حماة النیل"، الذي تم تنفيذه في السودان، بمشاركة عناصر من القوات البرية والبحرية والجوية لكلا الجانبين والذي استهدف تبادل الخبرات التدريبية وتنفيذ طلعات مشتركة على الأهداف المختلفة، لتؤكد مصرأن قواتها المسلحة قادرة على حماية مقدراتها والوصول إلي أي مكان يهدد مصالحها في العالم، كما شاركت قوات الدفاع الجوي المصرية والباكستانية، في تدريب (حماة السماء - 1) والذي يُنفذ لأول مرة بمصر، ويؤكد عمق العلاقات المصرية الباكستانية لتبادل الخبرات التدريبية فى مجال الدفاع الجوى فى ظل تطور أسلحة الهجوم الجوى وأساليب مواجهتها، فضلاً عن تأمين المجال الجوى والدفاع عن الأهداف الحيوية في حال مهاجمتها من قبل دول معادية.
ولم تتوقف التدريبات للقوات المسلحة عند هذا الحد فكان التدريب المصرى الإماراتى المشترك "زايد 3" والذى استمرعلى مدار أسبوعين بالإمارات بمشاركة وحدات من القوات الخاصة لكلا البلدين، علامة فارقة على العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين، وكان للجيش المصري دور مهم في التدريب البحرى المشترك "Phoenix Express-2021" والذى جرت فعالياته لعدة أيام بالمياه الإقليمية لدولة تونس بالبحر المتوسط، بمشاركة 13 دولة " تتصدرها مصر وتونس والولايات المتحدة، إضافة إلى بلجيكا واليونان وإيطاليا وأسبانيا ومالطا والمملكة المتحدة والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا"، إنه جيش مصر الذي كان تطويره الهدف الأول للرئيس عبدالفتاح السيسي، عقب وصوله إلى سدة الحكم، فصار مشروع مصر القومي الأول الذي وضعها في مصاف الدول الكبرى في العالم، وصارت كل الدول تمد يدها لمصرمن أجل التعاون في المجالات كافة لأنها تعلم أن مصر القوية قادرة غلى قيادة منطقة الشرق الأوسط بعد أن أصبحت بوصلة الأمان للمنطقة.
إن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن، وعندما يكون الوطن في خطر فكل أبنائه جنود له، لأن الوطن عزيزعلى قلوب الشرفاء الذين لا يبيعونه في المزادات مثل الإخوان الخونة الذين لا يكفون عن مهاجمة كل إنجاز على أرض مصر، ونسوا أن شعب مصر الواعي أصبح قادراً الاًن على فهم ما يدور حوله ولن يتأخرعن حماية وطنه مهما كانت التضحيات. بعد أن صار حماية النيل واجب مقدس على كل مواطن لأنه شريان الحياة في مصر، ولم تكن مقولة "مصر هبة النيل" التي سطرها أبو التاريخ المؤرخ الإغريقي الأشهر "هيرودوت" خلال القرن الخامس قبل الميلاد، مجرد ثلاث كلمات بلا معنى، بل تأكيد على أن النهرشيدت على ضفتيه أقدم حضارة في التاريخ، وبدونه تتحول مصر إلى صحراء قاحلة مترامية الأطراف وهذا ما لايرضاه أبناء مصرالمخلصين الذين أكدوا أنهم لن يفرطوا في قطرة مياه واحده وأنهم على استعداد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل أن يظل تدفق مياه النيل مستمراً في الأرض المصرية إلى الأبد، ولذا تلقى القيادة المصرية كل الدعم من أجل حماية النهر العظيم، فهذه الحضارة ما كانت لتكون لولا ماء النيل، التي حولت الصحراء إلى أرض زراعية نعيش من خيراتها منذ اًلاف السنين.
أثبتت الزيارة " التاريخية " التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جيبوتي، قبل أيام والتي عقد خلالها قمة مشتركة مع الرئيس عمر جيلة، أن مصر حريصة على علاقات ممتازة مع جميع الدول الأفريقية، إذ بحث الرئيس ملفات التعاون الأمنية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين، خصوصاً أن جيبوتي تقوم بدورمهم في الإشراف على حركة الملاحة البحرية من مضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر في اتجاه قناة السويس، فضلاً عن أهميتها كأحد دول القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، وهو أمر وثيق الصلة بملف سد النهضة الإثيوبي، وتعتبر هذه الزيارة الأولى لرئيس مصري إلى دولة جيبوتي فقد سبقتها زيارات أخرى للرئيس لدول أفريقية أخرى من أجل توطيد العلاقات المصرية مع جميع الدول الأفريقية لتعود مصر إلى الجذور في القارة السمراء بعد أن تقيم علاقات قائمة على التعاون مع هذه الدول.
وأقول لكم، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد مراراً وتكراراً أن أحداً لن يستطيع أخذ نقطة مياه واحدة من مصر، مشدداً على أن "ذراع مصر طويلة وقادرة على مواجهة أي تهديد"، وأن المساس بالمياه خط أحمر، وسيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل، وهذ الحديث ليس جديداً على الرئيس الذي قدم الدعم لحماية لكل الدول العربية لحمايتها من محاولات الهيمنة والسيطرة عليها من جانب دول أخرى طامعة في الثروات العربية واًخرها ليبيا وفلسطين، ولذا يأتي حرص مصر على ضروة التوصل لاتفاق ملزم على الملء والتشغيل، إذ إن عملية الملء الثاني للسد تحتاج إلى 13 ونصف مليار متر مكعب من المياه، وفي حال بدأت إثيوبيا في تخزين تلك الكمية دون اتفاق وتنسيق مع مصر والسودان سيكون ذلك بمثابة إعلان حرب من جانب أديس أبابا على الدولتين، وأرى أن مصر التي نفذ صبرها الاستراتيجي في محاولات التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلات ستدافع عن حقوقها بكل قوة على اعتبار أن السد يمثل تهديداً لوجودها، إذ تعتمد على النيل لتوفير نحو 97 % من مياه الري والشرب، وتالياً فالمعركة القادمة معركة وجود بالنسبة لمصر.
أحمد الشامي
Aalshamy610@yah00.com