احمد الشامى
أقول لكم - العملاق الذي استيقظ من سباته
العملاق الذي استيقظ من سباته
تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية يوماً بعد يوم أن مصر حليف استراتيحي لها لايمكن الاستغناء عنه في وقت الحرب أو السلام، ولذا لا تتوقف عن تقديم الدعم لها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وجاءت زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي، إلى القاهرة في وقت يشهد فيه العالم توترات في مناطق عدة من بينها الخليج نتيجة هجمات الحوثيين الإرهابية على السعودية والإمارات، فضلاً عن الأزمة الأوكرانية التي تهدد العالم بحرب عالمية ثالثة، وهو ما دفع ماكنزي إلى الإقراربأن "الرئيس عبدالفتاح السيسي رجل دولة، وأن واشنطن ملتزمة بمساعدة مصر في بناء قدراتها لمواجهة التهديدات الأمنية، لأنها بحاجة لأن تكون مستعدة للدفاع عن نفسها ضد من يسعون لضرب استقرارها"، ويقيني أن جميع دول العالم الكبري تقدر حق بلادنا في الدفاع عن نفسها ضد المتأمرين ودحر الإرهاب لأنها تخوض هذه المعركة دفاعاً عن البشرية كلها ولابد أن تلقى الدعم من الجميع حتى تظل صامدة في وجه الساعين لتخريب الوطن، في وقت يسعى الرئيس السيسي إلى تطوير قدرات الجيش المصري الذي تصفه مراكز الأبحاث الغربية بـ " العملاق الذي استيقظ من سباته"، بعد سنوات طويلة من التراجع بدأت منذ السبعينات حتى ثورة 30 يونيو 2013.
وتزامنت هذه الزيارة مع صدور القرار التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي، بتعيين المستشار الجليل بولس فهمي إسكندر رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، لتقدم القيادة المصرية دليلاً جديداً على أن وطننا لا يعرف لغة الفتنة بين المسلمين والأقباط والتي يحاول الأعداء الترويج لها لإشعال نيران الكراهية، لكن مصر التي عبرت الكثير من الأزمات تسطر تاريخاً جديداً في المواطنة وحصول كل فرد من أبنائها على حقوقه المدنية دون تمييز وهو ما يعد تجسيداً للإستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، وفق مبادئ الجمهورية الجديدة التي تعتمد علي إرساء مبدأ العدل بين الجميع، وهو ما يعني أن أبناء مصر يحصلون على حقوقهم دون النظر إلى دياناتهم، ما يدعم الاستقرار في المؤسسات كافة ويؤكد للعالم أن مصر ماضية في طريق إقامة الدولة المدنية التي أصبحت حقيقة لا شعارات في وقت تحرص على تطويرعلاقتها بجميع دول العالم وتعتبر الشراكة السياسية والاقتصادية طريقاً مهماً لتحقيق الأهداف الاستراتيجية في جميع مناحى الحياة .
عبرت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى الصين عن تطور العلاقات بين الدولتين وبدء مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مع بكين باعتبارها ثاني أقوى اقتصاد في العالم، وهو ما كشفت عنه أيضاً زيارة رئيس جيبوتي لمصر أخيراً، بعد أن باتت " الشراكة" سلاح مصر في معركة التنمية، في القوت الذي تضع القاهرة مصلحتها الوطنية فوق كل اعتبار، والتي تستهدف قيادة المنطقتين العربية والأفريقية في المستقبل من أجل عودة الدورالمصري الإقليمي والعالمي عبر اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي ستسهم في تحفز الطاقات الإنتاجية في الدول الشريكة وتحقق منافع كبيرة، وتعتبرزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، للصين قبل أيام لحضور حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الرابعة والعشرين، والتى عقدت بالعاصمة الصينية بكين توجهاً مهماً لتعميق العلاقات بين الدولتين لتوسيع قاعدة المصالح المصرية مع دول العالم خصوصاً أن بكين شريك استراتيجي للقاهرة في مجالات عدة اقتصادية بما يخدم التنمية في مصر، إذ تعتبرالصين حالياً إحدى القوى الكبرى في العالم نتيحة ثقلها الاقتصادى، ولذا أكدت مباحثات الرئيس السيسي، مع نظيره الصيني "شي جين بينج"،على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية التي تشهد طفرة نوعية خلال الأعوام الأخيرة والسعي لتحقيق أقصى استفادة من مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقها الرئيس الصيني عام 2013، وكانت مصر من أوائل الدول التي أعلنت مساندتها ومشاركتها في هذه المبادرة، كما مثلت اللقاءات التى عقدها الرئيس في بكين مع كل من عمران خان رئيس وزراء باكستان، والرئيس شوكت ميرزاييف رئيس جمهورية أوزبكستان، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، والأمير تميم بن حمد آل ثان أمير دولة قطر، وأنطونيو جوتيريش سكرتيرعام الأمم المتحدة، منطفاً جديداً لتوطيد العلاقات المصرية مع قيادات هذه الدول والمنظمة الدولية من أجل عالم يتوافق على التعاون ونبذ الكراهية والعنف.
وكشفت زيارة الرئيس الجيبوتى إسماعيل عمرجيله، لمصرعن توقيع اتفاقيات تفاهم وتعاون بين البلدين، فى العديد من المجالات، وذلك فى حضور الرئيس السيسى، إذ تم الإتفاق على آلية تشاور سياسى بين الدولتين وإنشاء منطقة لوجيستية فى جيبوتى، فضلاً عن توقيع مذكرة تفاهم فى مجال الطاقة، وغيرها من المجالات فى إطار العلاقات المشتركة بين البلدين، ويحمل الاتفاق على إنشاء منطقة لوجيستية مصرية في جيبوتي دلالات كثيرة إذ إنها ستدعم نفوذ مصر في منطقة القرن الأفريقي إضافة إلى الصومال وإريتريا وأثيوبيا، خصوصاً أن جيبوتي تطل على مضيق باب المندب، والذي يعتبر بعداً استراتيجياً لمصر تمر منه السفن في طريقها لعبور قناة السويس، ولذا فأن وجود مصر في هذه الدولة مهم للأمن القومي، خصوصاً أن جيبوتي يوجد بها قواعد عسكرية لدول عديدة ومن المهم الوجود المصري فيها لحماية مصالحنا، لأن إنشاء منطقة لوجيستية يعزز الروابط التجارية والاقتصادية، بين مصر والعديد من الدول الأفريقية ونفاذ السلع المصرية إلى أسواق هذه الدول.
وأقول لكم، إن منطقة القرن الأفريقي من المناطق التي تشهد تنافساً دولياً شرساً في الفترة الأخيرة بين دول العالم الكبرى خصوصاً الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا لبناء قواعدعسكرية بها تحمي مصالح هذه الدول، لذا فأن وجود منطقة لوجيستية مصرية في جيبوتي يعزز نفوذها في المنطقة، خصوصاً أن هذا الاتفاق جاء بعد ساعات فقط من زيارة الرئيس السيسي للصين التي تركزت على تطويرالشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خصوصاً فى المجالات الاقتصادية والتجارية، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الصينية لمصر في مختلف القطاعات من بينها أنشطة البحث العلمي ونقل التكنولوجيا المرتبطة بالصناعات الدوائية، وتصنيع لقاحات كورونا، والتقنيات الصناعية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسيارات الكهربائية، فضلاً عن بحث الرئيس السيسي مع نظيره الصيني تطورات ملف سد النهضة، وتعزيز التعاون المتبادل فى مجال مكافحة الإرهاب، ليتأكد للجميع أن السياسة المصرية تعتمد على "الشراكة" مع الدول الصديقة بإعتبارها سلاح مهم في معركة التنمية، وتحقيق رؤية مصر 2030 التي أُطلقت في فبراير 2016 لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة.
Aalshamy610@yah00.com