احمد الشامى
أقول لكم - من يدير العالم؟.. مصر"تتعملق "
من يدير العالم؟.. مصر"تتعملق"
عاد السؤال الذي يدورفي عقل البشر يطرح نفسه ويبحث عن إجابة منذ الإعلان عن النظام العالمي الجديد عقب الحرب العالمية الأولى نتيجة اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهومن يدير العالم؟ هل أمريكا المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، أم روسيا التي تسعى لإحياء الاتحاد السوفيتي من جديد، أم التنين الصيني الذي بات عملاقاً اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً يزاحم الكبارللصعود إلى القمة، وأخيراً الاتحاد الأوروبي العجوزالذي صارمثيراً للشفقة بعد أن غرق في دوامة العزلة عن أزمات العالم منذ سنوات؟، يبدو أننا نعيش في مرحلة صراع العروش لقيادة العالم، أما السؤال الأهم الاًن هل يطول أمد الحرب وتتحول أوكرانيا لأفغانستان جديدة؟ خصوصاً بعد أن أعلنت دول أوروبية عن فتح باب التطوع للجهاد "العالمي"، الذي سيتحول لاحقاً إلى جهاد " إسلامي"، وهوالطعم نفسه الذي أبتلعه العرب والمسلمون إدبان الحرب السوفيتية على أفغانستان في نهاية الثمانينات، وأرسلوا اًلاف المقاتلين لمقاومة الاحتلال الأجنبي، وانتهت الحرب بظهور حركة "طالبان"، فيما أسس أسامة بن لادن وأيمن الظواهري"القاعدة"، ومن رحم هذين التنظيمين الإخوانيين ولدت عشرات التجمعات الإرهابية،يأتي في مقدمتها "داعش" الذي سعى لتشييد ما أطلق عليه الدولة الإسلامية في سوريا، فيما شكل "العائدون من أفغانستان" إلى مصر تنظيماً إرهابياً نفذ العديد من عمليات العنف، أما السؤال الذي يهمنا ما موقف مصر من هذه الحرب؟ وهو ما دفع وزارة الخارجية إلى الإعلان أن القاهرة تسير في طريق الحياد وترفض الإنحياز لطرف على حساب الاًخر مطالبة بتسوية الأزمة سياسياً لأن قيادتها السياسية تعلم أن النار تندلع من مستصغر الشرر وهذا ما يؤكد أنها "تتعملق".
نعود للبحث عن إجابات لهذه الأسئلة الشائكة، ويتضح أن عبارة النظام العالمي الجديد New world order)) استخدمت بعد نهاية الحرب العالمية الأولى لمنع الصراع بين الدول، ما أدى لإنشاء"عصبة الأمم" لكنها لم تنجح في ذلك، ليتم استخدامها من جديد عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، لتتشكل بعدها الأمم المتحدة التي وضع ميثاقها المنتصرون في الحرب، ويطلق الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب هذه العبارة من جديد بعد انتهاء حرب تحرير الكويت عام 1991 على اعتبار أن العالم بات " أحادي القطب " تتحكم فيه الولايات المتحدة فقط عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، في 26 ديسمبر 1991، لكن عادت واشنطن لتنسحب من العراق وأفغانستان والخليج العام الماضي لتفسح الطريق من جديد أمام روسيا والصين والاتحاد الأوروبي لمنافستها على قيادة العالم، وجاءت الحرب الروسية على أوكرانيا لتعيد طرح السؤال من يدير العالم؟ بات واضحاً الاًن أن الولايات المتحدة وأوروبا يترجعان، بينما يتقدم تحالف روسيا والصين لقيادة العالم الذي ينتظر انتهاء الحرب في أوكرانيا لتقبل أقطاب جديدة لينتهي بذلك عصر القطب الأحادي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، كل الشواهد تؤكد أن مصر ستخرج من هذه الأزمة عملاقاً بفضل رؤية قيادتها السياسية التي أعادت بناء الجيش المصري على أسس عصرية، في الوقت الذي أكد وزير المال الألماني كريستيان ليندنر أن الوقت حان لإحداث "نقطة تحول" في الاستثمار الدفاعي الألماني الذي طالما كان هدفا لانتقادات الحلفاء الغربيين، مضيفاً "أخشى أننا أهملنا القوات المسلحة كثيرا في الماضي الى درجة أنها لم تعد قادرة على أداء واجباتها كما ينبغي، تراجع الإنفاق الدفاعي لم يعد يتناسب مع زماننا"، وأرى أنني قلت لكم مراراً وتكراراً إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، صاحب نطرة ثاقبة ورؤية مستقبلية بأن وضع تطويرالجيش في مقدمة ألوياته منذ وصوله إلى سدة الحكم لحماية مقدرات الوطن، كما عادت دول عربية أخرى إلى الواجهة لتثبت قدرتها على التأثير في القضايا العالمية بفضل رؤوس الأموال والإستثمارات التي تمتلكها في دول الغرب والشرق والاقتصاد القوي مثل السعودية والإمارات.
والاَن هل سيطول أمد الحرب على أوكرانيا وهل ستبتلع الدول الإسلامية والعربية الطعم بإعلان دول أوروبية فتح باب الجهاد العالمي؟ يقيني أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان سباقاً في التحذير من أن الحرب في أوكرانيا ستطول لأنه يرى ما لا يراه غيره، لقد أعلن الرئيس الأوكراني "فلاديمير زيلينسكي"، عن فتح باب التطوع للأجانب للدفاع عن أوكرانيا ضد الغزو الروسي، وهو ما استجابت له انجلترا واستونيا، لكن ما أخشاه أن ترسل دول إسلامية وعربية متطوعين "جهاديين" خصوصاً بعد أن أعلن عدد من الشباب السوريين انخراطهم مع المتطوعين بأوكرانيا، لكن إرسال مقاتلين من الدول العربية والإسلامية إلى كييف سيحولها إلى أفغانستان وشيشان جديدتين، وهوما سيؤدي لاحقاً إلى عودة هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم وإنخراطهم في التنظيمات الإرهابية الإخوانية، بعد أن أصبحت كتائب المتطوعين الأجانب مفتاح معركة حكومة كييف عبر تحويل أوكرانيا إلى بوابة " الجهاد العالمي"، الذي سيتحول مع مرور الوقت إلى جهاد إسلامي، ولذا سارع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف إلى الإعلان عن أن أكثر من 10 آلاف مقاتل من مؤسسات إنفاذ القانون الشيشانية تموضعت في أكثر المناطق سخونة في أوكرانيا لدعم موسكو.
وأقول لكم، إنه رغم التوترالذي يشتعل في العالم والتهديد بحرب عالمية ثالثة، تابع الرئيس السيسي، تنفيذ مشروع تنمية الأسرة المصرية والذي انطلق العام الماضي وينتهي 2023 ويستهدف الحفاظ على الأسروتنمية مواردها، وحذر خلال جلسة نقاشية من الزيادة السكانية، مؤكداً أنها لا تتناسب مع قدرة الدولة لإحداث النمو المنشود، في الوقت الذي تواصل الحكومة جهودها لتحقيق نقلة نوعية في مجالات بناء الانسان وتوفير كافة الخدمات للمصريين من مدارس ومستشفيات ورفع مستوى المعيشة لهم بهدف الارتقاء بجودة حياة المواطن والأسرة، في الوقت الذي باتت أوروبا مثيرة للشفقة بسبب عدم قدرتها على الدفاع عن أوكرانيا، إذ يكتفي حلف الناتو الذي يضم أمريكا وأوروبا ودول أخرى بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو ورغم قوتها إلا أنها لا تحسم معركة، ما دعا الرئيس بوتين إلى وضع ترسانة الأسلحة النووية في حالة تأهب، ما يؤكد أن أيام القوة التي عاشتها أوروبا الغربية في أوقات سابقة بظهور زعماء أقوياء مثل هتلروتشرتشل وديجول انتهت، وبات التنافس على عرش العالم بين الأقوياء فقط وفي مقدمتهم زعماء روسيا والصين وقوى إقليمية من بينها مصروالهند تزداد جيوشهم قوة في ظل تراجع دور أمريكا والاتحاد الأوروبي، ما يؤكد أننا لازلنا نعيش في عالم البقاء للأقوى، وأن العقوبات الاقتصادية ومنها تعليق ألمانيا العمل بخط الغاز نورد ستريم 2 الذي كلف أكثر من عشرة مليارات دولار تحت الضغط الأمريكي، لن يحقق الانتصار للناتو، لكن من المؤكد أن هذه الحرب ستنتج نظاماً عالمياً جديداً تقفز خلاله روسيا والصين إلى المقدمة في ظل تراجع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية ما يهمنا في هذه الأزمة أن مصر ستخرج أكثرقوة وتزداد تعملقاً بعد أن أيقن الجميع دورها الإقليمي المتنامي بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية.
أحمد الشامي
Aalshamy610@yahoo.com