الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم » الأوطان لا تموت«
» الأوطان لا تموت«
تظل الأوطان صامدة أمام التحديات لا تموت من نيران المعارك، لكنها تسقط نتيجة خيانة الكارهين الذين يبيعونها لمن يدفع الثمن، الوطن بيتنا الكبير قد تغادره أقدامنا لكن قلوبنا تبقى معلقة به ما حيينا، فهو الشرف والكرامة، والحصن الذي تعلمنا على أرضه الانتماء والولاء، ننتفض للدفاع عنه في حال تعرض لتهديد، فكانت حرب أكتوبر، وإنتصارات العاشرمن رمضان التي نحتفل بذكراها الخمسين خلال هذه الأيام نموذج مشرف لأبطال القوات المسلحة، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرضها، وعرضها، وزيتونها، وفيروزها، وقد كتب الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، قصيدة لأول جندي مصري رفع علم مصر على أرض سيناء، قائلاً » تملّيناك، حين أهلَّ فوق الشاشة البيضاء، وجهك يلثم العلما، وترفعه يداك، لكي يحلق في مدى الشمس، حر الوجه مقتحماً، رأيتك جذع جميز علي ترعة، رأيتك قطعة من صخرة الأهرام منتزعة، رأيتك حائطاً من جانب القلعة «، وأرى أن النصر فتح لمصرأبواب التنمية على مصراعيها، حتى اختار الشعب الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليواصل مسيرة البناء، فكان قراره التاريخي بتشييد الجمهورية الجديدة دليلاً جديداً على أن أبطال الجيش قادرون على صنع الفارق بفضل تلاحمهم مع الشعب، فجنود القوات المسلحة ملح وزرع وقمح أرض مصر،أيقونة النسيج الوطني أبداً لا تتوانى عن حماية المواطنين، وهذا ما حدث خلال ثورة 30 يونيو، إذ رفع المصريون راية التحدي ضد من خانوا الوطن ونشروا الفتن حتى فشلوا في تنفيذ مؤامرة تقسيم بلادنا وإشعال النيران فيها.
لا يوجد تنمية بدون استقرار، ولذا فعندما تحقق الأمن في ربوع مصر عقب ثورة 30 يونيو بفضل القيادة الحكيمة انطلقت التنمية في كل محافظات مصر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، المسئولية إذ تشهد الدولة نقلة نوعية وتنموية كبيرة، وتعتبر العاصمة الإدارية الجديدة بمثابة نقلة حضارية مهمة في تاريخ الوطن، ولذا يخطئ من يتصورأن إنشاء وتطويرالبنى التحتية ليس مفيداً لتقدم الدولة، وأن إصرارالقيادة السياسية على إقامة شبكات الطرق والجسوروالمحاوروالمدن الذكية ضياع لثروة الوطن، لكن الحقيقة أن تقدم الأمم يقاس بمدى توفر هذه المقومات لأنها الأساس اللازم لإزدهار البلدان، فأهم ما يميز الدول المتقدمة في أمريكا وأوروبا واًسيا عن الدول الناشئة هو البنى التحتية المميزة والتي تسهم في ازدهارالمجتمعات الراقية، ولذا لا يكف الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن زيارة مواقع الأعمال الإنشائية لتطوير الطرق والمحاور والمدن بالقاهرة الكبرى والمحافظات، لأنه يعلم أنها الأساس الذي يضمن قيام الحكومة بوظائفها تجاه المواطنين بشكل صحيح ودون عقبات، وهي بالمعني الشامل تضم الطرق ووسائل النقل بكافة أنواعها وشبكات المياه والهاتف والكهرباء والصرف الصحي إضافة إلى توفير أنظمة حديثة في مجالات الأمن والصحة والتعليم والقضاء، وجاء تفقد الرئيس قبل أيام لمواقع تطوير عدد من الطرق والمحاور بالقاهرة الكبرى في هذا السياق، إذ إنها تسهم في حل مشكلة الإزدحام بعد أن أصبحت من أكثر المدن تكدساً بالعالم فضلاً عن ربطها بالعاصمة الإدارية الجديدة، لخلق مجتمعات جديدة تستخدم أحدث التقنيات بالعالم في المجالات كافة، ولذا فأن الاستثمار في البنى التحتية طريق العبور إلى التنمية، إذ أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، وتعتبر إعادة بناء للعالم وتتكلف ما يزيد على تريليون دولار.
تحرص الدولة على توفير وتطوير كافة جوانب البنية التحتية اللازمة لبناء الجمهورية الجديدة، والتي تشمل أربعة أنواع، هي البنية "الناعمة" مثل التعليم، والصحة، والقضاء، و"الصلبة" مثل الطرق السريعة والجسور ووسائل النقل، أما البنى"الحساسة" فتتضمن إقامة المدن الحديثة للمواطنين ووسائل الاتصال والزراعة، فيما تطلق " التقنية" على نظم المعلومات وأجهزة الكمبيوتر واستقبال وإرسال البيانات، وتتوافر كافة أنواع البنية المتطورة في المدن الذكية والتي يأتي في مقدمتها العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، بعد أن أيقنت الدولة أنها بوابة العبور إلى التنمية المستدامة وترتقي بالمجتمع إلى النمو الاقتصادي المنشود، نتيجة ما يحدث في الدولة من تغيرات فكرية في بناء مقوماتها وتالياً نقلها إلى المستقبل، إذ بات تطوير البنية التحتية بوابة العبورإلى النمو الاقتصادي، وأصبحت كلمة السر لتحديث الدول هي الاستثمار في هذا المجال، ولذا ليس من المقول أن ينظر البعض إلى هذه الاستثمارات على أنها أموال ضائعة، فلن تتمكن الدولة من بناء دولة متطورة دون الاستثمار في إقامة بنية تحتية بكافة أنواعها الناعمة والصلبة والحساسة والتقنية.
إن قيادة الدولة التي إتخذت قراراً صعباً ببناء جمهورية جديدة، إتخذت قراراً أصعب بإقامة قواعد هذه الدولة، ولذا كان من الضروري الاستثمار في إقامة هذه البنية الحديثة التي تضم المرافق والأنظمة الأساسية التي تخدم المواطنين مثل النقل والاتصالات ومحطات الطاقة والمدارس، إذ يتوقع أن يحتاج العالم إلى استثمارات قد تصل إلى 250 تريليون دولار لتلبية الحد الأدنى من التوسع في البنية التحتية حتى منتصف القرن الجاري 2050 من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطنين بإعتبارها الأساس الذي تنطلق منه عملية التنمية، وأرى أن هذا المبلغ سيزيد بعد الأزمة الروسية الأوكرانية وما خلفته في العالم من اًثار إقتصادية مؤلمة لجميع دول العالم المتقدمة والناشئة، خصوصاً أن هذه المشروعات تتكلف مئات المليارات من العملات الصعبة التي لا تتوافر في الكثير من الدول خصوصاً الناشئة مثل مصر، ولذا فأن الحكومة تتحمل الكثير من الجهد من أجل توفير هذه الموارد وتحديد الأولويات، للتخفيف عن المواطنين وعدم تحملهم تبعات أنفاق هذه الاستثمارات الضخمة في مشروعات قد يكون العائد من بعضها ليس سريعاً، إذ وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتركيز استراتيجية المشروعات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على الاستثمارات الهادفة إلى توطين التكنولوجيا وامتلاك القدرة الصناعية، وتوفير فرص العمل بالتكامل مع المشروعات الخاصة بمنظومة الموانئ والخدمات البحرية، وذلك في إطار عملية التنمية الشاملة على مستوى الجمهورية، وذلك خلال اجتماع الرئيس قبل ساعات، مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس محمد يحيى زكي، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأقول لكم، إن مصر أنجزت استثمارات ضخمة في البنية التحتية خلال فترة قصيرة من زمن بناء الدول، ما يجعلها في مقدمة البلدان التي أصرت قيادتها على التحديث في وقت يواجه الاقتصاد العالمي أزمات نتيجة الأوبئة والصراعات الإقليمية والحروب التي هزت اقتصادات دول كبرى، ولذا فأن ما أنجزته مصر في عهد الرئيس السيسي، من تحديث للبنية التحتية يعتبر معجزة بكل المقاييس الاقتصادية العالمية خصوصاً أن التأخير في إقامة وتطوير هذه البنية كان سيزيد من تكاليف إنشائها مع مرور الوقت خصوصاً مع زيادة السكان، وهو ما دفع القيادة السياسية إلى السعى للانتهاء من غالبية هذه المشروعات خلال هذه الفترة قبل الإرتفاعات المتوقعة في الأسعار خلال السنوات المقبلة والتي قد تهدد بعد تنفيذها مستقبلاً في حال توقفت الحكومة عن استكمالها نتيجة ما يواجه العالم من تحديات نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية ولذا تسعى دول العالم كافة لإقامة مشروعات بنية تحتية داخلية وبعضها عابر للقارات، إذ تعتبر مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين قبل سنوات ويتم تنفيذها حالياً أكبر برنامج للبنية التحتية في العالم حالياً، وتشمل ثلاث قارات هي اًسيا وأفريقيا وأوروبا ورغم تكلفتها الهائلة إلا أن بكين لم تتردد لحظة واحة في التنفيذ لأنها تعلم أن تكلفتها ستزيد في حال توقفت عن تنفيذها فضلاً عن رغبتها في دعم الكثير من الدول ما سيزيد من قوتها الناعمة في العالم ، خصوصاً أنه في حال اكتمال المشروع فإنه سيشمل نحو 55 دولة، وهي المبادرة التي أطلقتها بكين في عام 2013، لقد قطعت مصر شوطاً طويلاً في سبيل إقامة بنى تحتية عالمية رغم جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، إذ واصل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، زياراته للمناطق الصناعية في كافة أنحاء مصر، وأظهرت جولته قبل أيام لعدد من مصانع المنتجات الغذائية بمدينة السادس من أكتوبر، أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح إذ تعتبرالصناعة قاطرة البنى التحتية التي تقود التنمية في كل دول العالم، ويقيني أن الدولة عليها أن لا تتوقف عن السير في الاتجاه الذي تسير فيه حالياً إذ إن تسريع الإنفاق على البنية التحتية يدفع بالنمو الاقتصادي إلى الأمام ويوفر فرص العمل للشباب، ما يؤكد أن الأوطان لا تموت مهما كانت التحديات.
أحمد الشامي
Aalshamy610@yah00.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف