احمد الشامى
أقول لكم رسائل بايدن.. ومقاربات السيسي
رسائل بايدن.. ومقاربات السيسي
جاء إلى منطقة الشرق الأوسط مغازلاً لا منازلاً، مستسلماً لا ضاغطاً، يبحث عن مصالح بلاده عارضاً التعاون وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين واشنطن والدول العربية، بعد أن تأكد الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن أن زمن الإملاءات بالهاتف انتهى، وأن قادة الدول العربية هم من يتخذون القرارات التي تصب في مصالح شعوبهم أولاً قبل أن تخدم طموحات الاًخرين، ولذا كان عليه أن يتعامل مع زعماءعرب أياديهم غير مرتشعة يستطيعون تحديد مستقبل دولهم دون إفراط أو تفريط أوتنازل عن حقوق بلادهم،إختاروا السلام والتنمية ورفضوا الدمار أو الدخول في تحالفات تزيد المنطقة اشتعالاً، كانت رسائل الرئيس بايدن خلال "قمة جدة للأمن والتنمية" واضحة، إذ أكد أن الولايات المتحدة ستبقى شريكاَ نشطاً للشرق الأوسط، مضيفاً " سنضمن قدرة حلفائنا في الشرق على الدفاع عن أنفسهم"، ومشدداً«ملتزمون بعدم حصول إيران على سلاح نووي ولن نترك فراغا في المنطقة لصالح روسيا والصين وإيران"، وأرى أن هذه الرسائل تعني عودة الولايات المتحدة إلى المنطقة بعد أن غادرتها العام الماضي والسعي لأن تكون شريكاً استراتيجياً لدولها خوفاً من تطور علاقات هذه الدول بروسيا والصين، بعد أن أيقنت واشنطن أنها لم تعد سيدة العالم وأن زمن القطب الواحد ولى ولم يعد له وجود، وأننا نعيش الاًن في نظام عالمي "متعدد الأقطاب" بعد محاولات أمريكية دامت أكثر من ثلاثة عقود لمحاولات الهيمنة على العالم منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر عام 1991، وهو ما دفع العديد من دول في العالم وبعضها عربية في الاَونة الأخيرة إلى التفكير في إعادة هيكلة علاقتها الدولية بما يخدم مصالحها وليس مصالح الاًخرين، ولذا جاء الرئيس بادين إلى المنطقة الاَن لعدم ترك موطئ قدم لروسيا والصين للتعاون مع دول المنطقة، لكن القرار لم يعد في يده رغم توقيع 18 اتفاقية ومذكرات للتعاون المشترك فى مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات والفضاء مع المملكة.
" تعدد الأقطاب"هو العالم الذي نعيش فيه الاَن، ونحن على موعد بعد انتهاء جائحة كورونا والحرب الروسية للإعلان رسمياً عن الدول التي ستقود العالم خلال السنوات المقبلة في ظل تنامي القوى العسكرية المدمرة للكثير من دول العالم، ولذا لم يعد أمام الجميع سوى السلام والتنمية والتعاون لتحقيق أحلام الشعوب، وجاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمام المؤتمر لتكون بمثابة خارطة طريق لدول المنطقة لتحقيق اَمال شعوبها التواقة إلى مستقبل مشرق، إذ تتضمن مقاربة شاملة تضم خمسة محاورتعتبر بمثابة خطة للتحرك في القضايا ذات الأولوية خلال المرحلة المقبلة لتصبح المنطقة أكثر استقراراً وازدهاراً، حدد الرئيس أولوياتها مؤكداً على أهمية التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين المستند إلى مرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، داعياً إلى تعزيز دور الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة ودعم ركائز مؤسساتها الدستورية، وشدد الرئيس على أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، وأن ما يتوافر لدى الدول العربية من قدرات ذاتية بالتعاون مع شركائها، كفيل بتوفير الإطار المناسب للتصدي لأي مخاطر تحيق بعالمنا العربي، فيما يهدف المحور الرابع إلى القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة المنتشرة في العالم العربي، والتي تحظى برعاية بعض القوى الخارجية لخدمة أجندتها الهدامة، وأخيراً تعزيز التعاون والتضامن الدوليين لرفع قدرات دول المنطقة في التصدي للأزمات العالمية الكبرى والناشئة، كقضايا نقص إمدادات الغذاء، والاضطرابات في أسواق الطاقة، والأمن المائي، وتغير المناخ، ويقينى أن ما طرحه الرئيس كفيل ببناء شرق أوسط جديد قائم على التعاون والبناء دون تدخل من قوى خارجية تسعى إلى الهدم وتغيير جيو سياسية بعض الدول لتتحكم في القواعد الاستراتيجية للنظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب بما يخدم مصالحها، بعد خلق حالة من الفوضى في المنطقة العربية من خلال دعم الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية لإيجاد صراعات مسلحة، ولذا يتعين على هذه القوى الخارجية أن تغير من استراتيجيتها القديمة وتسعى للتعاون لا للصدام وخلق الأزمات في قضايا هامشية.
لقيت كلمة الرئيس السيسي دعماً من جميع الزعماء العرب الذين أيدوا ما طرحه من أفكار في كلمته التي جاءت معبرة وشاملة عن حال المنطقة الاَن ومستقبلها خصوصاً فيما يتعلق بضرورة التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية التي تسببت في تفجرالإرهاب بالمنطقة منذ عشرات السنين بعد أن حان الوقت لإنهاء الحروب والأزمات والصراعات في المنطقة وبدء مرحلة جديدة من التعاون والانطلاق نحو المستقبل من خلال حل أزمات الماضي وبناء مجتمعات جديدة ترتكز على الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان لضمان الاستقرار على أن يتحقق ذلك من خلال أن يكون الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل بالتزامن مع محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، ولم تخلو كلمة الرئيس من التأكيد على ضرورة إيجاد حل لأزمة سد النهضة مطالباً بضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي الخاصة بالأنهار الدولية بما يتيح لجميع الشعوب الاستفادة من الموارد الطبيعية بشكل عادل.
إن مصر لم ولن تغير من مواقفها من القضايا المتعلقة بالأمن القومي العربي من أجل إرضاء أحد، لأن دورها التاريخي معروف للجميع لا تقبل المساومة أو الضغوط ولذا على الإدارة الأميركية أن تدرك أنها تتعامل مع مصر الجديدة التي لا تخضع للضغوط، وأن الحوار هو الطريق لتحيق التفاهم لأن العلاقات المصرية الأمريكة استراتيجة وتطويرها في صالح المنطقة من أجل تحقيق الاستقراروالتعاون المشترك في جميع المجالات خصوصاً في مكافحة الإرهاب ومنع الانتشار النووي في ظل تعرض الدولة المصرية لمحاولات جماعة الإخوان الإرهابية لإسقاط مؤسساتها من خلال حروب الجيلين الرابع والخامس، خصوصاً أن مصر تشهد تحديات نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، خصوصاً أن القاهرة حريصة على استمرارعلاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا، بالتزامن مع تنامي علاقتها مع روسيا والصين بما يحقق جذب الاستثمارات والتنمية دون إخلال بقضية أمن الخليج الذي يعتبر بعداً أمنياً لمصر وخطاً أحمر لا يمكن تجاوزه من جانب أي قوة في المنطقة، وسعى مصر لإجراء حوار وطني تشارك فيه كافة التيارات السياسية لكن لا توجد دولة متحضرة في العالم تسمح للإرهاب ليكون مشاركاً في مثل هذه الحوارأو موجوداً في المجتمع لأنهم اَلة قتل وأداة هدم تعمل لصالح قوى الشر الساعية لإسقاط الدولة.
وأقول لكم، إن مبادرة الرئيس السيسي التي أعلن عنها أمام قمة جدة الطريق لبناء شرق أوسط يعيش في سلام عنوانه السلام والتعاون بين كل الدول دون صراعات على أن يكون خالياً من أسلحة الدمار الشامل ويتعاون الجميع في مكافحة الإرهاب الذي تسبب في تأخر دول المنطقة وإنهاك قوتها الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، إذ تنوعت المحاور الخمسة لتشمل المجالات السياسة والاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة للتعامل مع جميع الأزمات العالمية لضمان استقرارها وتحقيق الأمن الغذائى فى ظل الأزمة العالمية التي طالت كل شعوب العالم، وهو ما أكد عليه الرئيس عقب لقائه مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي في جدة على هامش القمة، إذ شدد الرئيس على دعم العراق وتعظيم دوره القومي العربي، فضلًا عن تقديم الدعم للشعب العراقي على مختلف الأصعدة، ومساعدته على تجاوز كافة التحديات بما يحقق التنمية للشعب الشقيق، لاسيما ما يتعلق بحربه على الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار، كما حرص الرئيس على التأكيد تطوير آلية التعاون الثلاثي مع العراق و المملكة الأردنية الشقيقة، أو على المستوى الثنائي من خلال إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين الشقيقين تعتمد على التكامل وتحقيق الأهداف التنموية المشتركة، مؤكدًا في هذا الخصوص أهمية الإسراع في عملية تنفيذ المشروعات المشتركة بين مصر والعراق، مهو ما تسعى مصر لتحقيقه مع جميع الدول العربية لبناء وطن قادر على مواجهة الصعوبات والتهديدات التي تحيط بالمنطقة.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com