الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم «إذا لعبت بالنار ستحترق»
«إذا لعبت بالنار ستحترق»

كشرت الصين عن أنيابها للولايات المتحدة الأمريكية خلال مكالمة تليفونية في الصيف الحارق أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نظيره الصيني شي جين بينغ قبل أيام مدتها 137 دقيقة، إذ شهدت جدلاً ساخناً بينهما بسبب مستقبل تايوان وسعي بكين للسيطرة على الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، لأنها تعتبرها جزءاً من أراضيها وتعتزم إعادة توحيدها مع البر الصيني باستخدام القوة إذا لزم الأمر، وترفض واشنطن هذه الخطورة على اعتبارأن الجزيرة تتمتع بالحكم الذاتي، وهو ما دفع أمريكا إلى الإعلان عن زيارة محتملة لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى الجزيرة خلال شهر أغسطس، وهي أرفع سياسية أمريكية تسافر إلى الجزيرة منذ عام 1997، وجاءت المكالمة في وقت يتبع فيه الرئيس بايدن سياسة الغموض الاستراتيجي ومحاولة إذلال الصين ومنعها من التقارب مع تايوان، ولذا عبرالرئيس الصيني عن مخاوف بلاده من هذه الزيارة مؤكداَ أنها ستحمل "عواقب وخيمة"في حال الإصرارعليها مهدداً بايدن بالرد عسكرياً على تلك الخطوة، فيما هدد بايدن بمرافقة طائرات عسكرية وغواصات نووية طائرة بيلوسي أثناء الزيارة في حال حدوث أي هجوم محتمل عليها، وهو ما دفع الرئيس الصيني إلى توجيه تحذير إلى نظيره الأمريكي قائلاً " إذا لعبت بالنار ستحترق، آمل أن يرى الجانب الأمريكي ذلك بوضوح "، وأرى أن بكين وضعت النقاط فوق الحروف للرئيس الأمريكي وأن هذه الزيارة في حال حدوثها قد تتسبب في أزمة لا يعرف أحد مداها وقد تقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة في ظل التوترات المتصاعدة في أماكن كثيرة خصوصاً الحرب الروسية الأوكرانية، ولذا لم يكن أمام الرئيس بايدن سوى التأكيد على أن سياسة واشنطن لم تتغير وأنها تعارض الجهود الأحادية لتغيير الوضع الراهن أوتقويض السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان".
لكن لماذا يتصاعد الاًن الخلاف بين بكين وواشنطن على مستقبل تايوان؟ لقد نجحت واشنطن في توريط روسيا في الحرب الأوكرانية بعد أن حاولت الضغط على موسكو وإذلالها بسد المنافذ البحرية عليها وضم كييف إلى حلف الناتو ما دفع بوتين إلى الدفاع عن كرامة بلاده وإجتياح أوكرانيا بعد أن ظن أن الأمر سيتستغرق أسابيع لكن مساندة واشنطن والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا أدى لإطالة أمد الحرب حتى الاًن بعد أن بدأ 24 فبراير الماضي، إذ بدأ الغزو بحشدٍ عسكري، والاعتراف الروسي ب‍جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ودخول القوات الروسية إلى دونباس فيما أعلن الرئيس بوتين أن الحرب تستهدف تجريد أوكرانيا من السلاح واجتثاث النازية منها"، لكن لا يعرف بوتين والعالم كله حتى الاًن كيف ومتي تنتهي بعد أن تسببت في أزمة اقتصادية عالمية في كل الدول خصوصاً في روسيا نفسها التي أنهكها القتال، وهو ما دعا واشنطن إلى التفكير في إصطناع أزمة مع الصين بسبب رغبتها في ضم تايوان على أمل أن تصل بكين إلى المصير نفسه من الإنهاك الاقتصادي، وتسعى واشنطن من وراء ذلك إلى العودة لزمن القطب الواحد بعد أن اعترفت سابقاً بنهاية العالم أحادي القطب وعصرالهيمنة أحادية القطب الذي ترسخ عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 نتيجة التفوق الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري والجيوسياسي الأمريكي، لكن غرطسة واشنطن والحروب المتتالية التي خاضتها في الشرق الأوسط، قضت على العالم أحادي القطب وظهرعالم متعدد الأقطاب بقيادة روسيا والصين، وهو ما يدفع واشنطن الاَن إلى الزج بهما في اًتون حرب لا ترحم حتى تعود إلى الواجهة وقيادة العالم، لكن يقيني أن الولايات المتحدة لن تلحق بقطارعودتها إلى قيادة العالم بعد أن تخلت بنفسها عن هذا الدورعقب خروجها المهين من الشرق الأوسط وأفغانستان وأماكن كثيرة أخرى في العالم.
المدهش أن الإعلام الأمريكي يهاجم سياسة الرئيس جو بايدن، واستراتيجيته الغامضة داعياً إلى أن تكون هناك دراسة حكيمة لرد فعل بكين تجاه زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إذا تمت، خصوصاً في ظل غزو صيني محتمل على النمط الروسي لأوكرانيا، ودعم واشنطن لتايوان بزعم معارضة المحاولات الأحادية لتغييرالوضع في منطقة مضيق تايوان، رغم تهديدات بكين وتلويحها بالحرب على الجزيرة بأحدث أنواع الأسلحة فرط الصوتية ومنع بيلوسي من الوصول، لعرض الدعم الأمريكي على تايوان في حال تعرضها لغزو صيني، فيما ظهرت بوادر لتهدئة مخاوف العالم من استمرار الحرب الروسية الأوكرانية فترة طويلة يأتي في مقدمتها توقيع اتفاق لتصديرالحبوب الأوكرانية ورفع القيود عن السلع الروسية ما يتيح حدوث انتعاشة لاقتصاد البلدين، فضلاً عن استئناف تصدير الغاز إلى أوروبا عبر «نورد ستريم 1" والذي توقف فترة من أجل الصيانة، والإعداد لاستفتاء حول إقليمى «دونيتسك» و«لوجانسك" حول رغبتهما في الانضمام لروسيا أو أوكرانيا وقد يؤدي تطبيق نتيجة الاستفتاء إلى الاسهام في الخروج من مأزق الحرب الدائرة منذ ما يزيد على 150 يوماً حتى صارت كابوس العالم أجمع والذي لم يعد يحتمل إندلاع حرب جديدة بين الصين وتايوان برعاية أمريكية.
في الوقت الذي يزداد التوتر في العالم خرج علينا المدعو إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية ليزف علينا البشرى، قائلاً في مقابلة مع وكالة "رويترز"، " إن الجماعة لن تخوض صراعاً جديداً على السلطة في مصر بعد إطاحة الشعب بها من الحكم قبل تسعة أعوام"، وأرى أن هذا الكلام غير منطقي ولا أعرف من أين جاءت الجرأة لصاحب الفكرالظلامي ليتصور أن الجماعة الدموية قادرة على أن تدخل في صراع جديد مع شعب مصرعلى السلطة، ألا يعلم صاحب الأفكار "المعتمة" أنه لا وجود للإخوان حالياً في مصر وأنها ودعت عصر الجماعات المتطرفة ولم يعد لها وجود في دولة مدنية حديثة، لقد زاد منير في أكاذيبه قائلاً إن الجماعة ترفض العنف تماماً وتعتبره خارج فكرها، مضيفاً: "ليس فقط لن نستخدم العنف أو السلاح بل حتى لن يكون هناك صراع على الحكم في مصر بأي صورة من الصور"، ويقيني أن هذا الكلام لا يقوله إلا مهرج فتاريخ جماعته الفاشية سُطر بحروف من دماء وفكر ضال منذ نشأتها عام 1928 على يد حسن البنا، وكان الأولى به أن يعلن حل هذه الجماعة وأنها لم تعد موجوده على الأرض وأن كل واحد من المنتمين إليها أو المتعاطفين معها حر في إختيار طريقه بعيداً عن الفكر المتشدد الذي دفعت ولازالت تدفع مصرثمناً غالياً له، فكل ما يحدث الاًن على أرض المحروسة بسبب إرهاب هذه الجماعة الفكري والمسلح فقد هاجمت الوطن بكل الأساليب المتدنية وحاربته بكافة أنواع الأسلحة القذرة وعملت لصالح دول ومخابرات أجنبية لوقف مسيرة هذا الوطن الأبي الذي رفض وجودها ونبذ فكرها المتخلف، لكن يبدو أن الرسالة لم تصلهم حتى الاًن.
كيف ترفض الجماعة العنف وقد خرج من اعتصام رابعة فقط 14 تنظيماً إرهابياً من أخطر الجماعات المسلحة في تاريخ مصر؟، وهنا لا أتحدث عن ماضي الجماعة الأسود منذ نشأتها، لكن عقب فض اعتصام رابعة فقط قاد محمد كمال الجناح المسلح وولد من رحم الجماعة الإرهاب والعنف، وتنوعت التنظيمات وكان آخرها حركتى "لواء الثورة" و"حسم" اللتين نفذتا العديد من العمليات الإرهابية بأوامر مباشرة من قيادات الجماعة، واعتبرتهما بريطانيا وأمريكا منظمتان إرهابيتان، هل نسيت يا صاحب الفكر" البهيم"، كتائب الفرقان، وأنصار الشريعة فى أرض الكنانة، وأجناد مصر، و مجموعة الظواهرى، وحركة مجهولون، والعقاب الثورى، وحركة ولع، وحسم، والمقاومة الشعبية، وداهف، و إعدام، ولجان العمليات النوعية، وكتائب حلوان، وأن حادثاً إرهابياً واحداً الذي نفذته حركة حسم وهوتفجيرمعهد الأورام أوقع 22 شهيداً وإصابة آخرين، أن جميع عناصرها ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية، و كل هذه التنظيمات الإرهابية تم تأسيسها داخل اعتصام رابعة على يد الإرهابي محمد كمال، إضافة إلى أن غالبية الجماعات المسلحة والمتطرفة في العالم وأهمها القاعدة وداعش خرجت من رحم الإخوان" لكنها تلاشت على صخرة وزارة الداخلية التي قاومت الإرهاب ببسالة واستشهد من أبنائها المئات من أجل إعادة الأمن والاستقرار لربوع الوطن.
وأقول لكم إن القيادة المصرية تضع عيناً على ما يدورخارج مصر من صراعات وتحرص في الوقت نفسه على عدم الانحياز لطرف على حساب الاًخرحفاظاً على مقدرات الشعب، وتسابق الزمن لبناء المشروعات لتحقيق التنمية والأمن الغذائي للمواطنين، ولذا اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع قيادات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة وعدد من رجال الأعمال، لمتابعة عدد من مشروعات جهاز الخدمة الوطنية على مستوى الجمهورية، إذ تم بحث المستجدات الإنشائية لمصنع منتجات الألبان ببرج العرب، خاصةً ما يتعلق بالمعدات وخطوط الإنتاج والتي تتم بالشراكة مع القطاع الخاص والخبرة الأجنبية العريقة في هذا المجال، حيث سيقام المصنع على مساحة 40 ألف متر مربع، وستبلغ طاقته الإنتاجية 12 ألف طن من الأجبان سنوياً، ووجه الرئيس بالاستمرار فى تعزيز جهود إنشاء مراكز تجميع الألبان المتطورة على مستوى الجمهورية، وأمربترسيخ الشراكة مع الجانب الأردني في هذا القطاع بهدف توفير سلالات ذات إنتاجية عالية من اللحوم للسوق المصري، والحفاظ على مخزون استراتيجي من الرؤوس الحية داخل مصر، إلى جانب تخفيض الاعتماد على الاستيراد، إنها مصر الساعية لتوفير الغذاء لشعبها في ظروف صعبة لم يشهدها العالم منذ سنوات طويلة، لكن القيادة السياسية لا تكف عن تشييد المشروعات بهدف تحقيق الأمن الغذائي لأبناء الوطن في ظل أزمة مالية عالمية تتمدد من مكان إلى اًخر في العالم ، ولذا تحرص مصر على الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الغذاء بزيادة مساحة الأرض الزراعية وإقامة صناعة متنوعة خصوصاً القائمة على المنتجات الحيوانية والزراعية لتوفير احتياجات المواطنين.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف