احمد الشامى
أقول لكم «مياه مصر أمانة في رقبتي»
«مياه مصر أمانة في رقبتي»
تتجلى القيادة في أوقات الشدائد، تتحلى بالصبروتواجه التحديات والتهديدات وتتسم بضبط النفس في إدارة الأزمات، لا تقود الوطن إلى الهاوية بل تحافظ عليه وتصون مقدراته حتى لا تعرضه للخطر، ولذا جاءت رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال لقائه مع أعضاء هيئة التدريس وطلبة الكلية الحربية قبل ساعات حكيمة وواضحة تضع النقاط فوق الحروف وتجيب على كافة الأسئلة التي يبحث لها المواطنون عن إجابات خصوصاً ملف سد النهضة، إذ أكد الرئيس علي تحرك مصر بهدوء للتوصل إلى حل يعتمد على التفاهم والتعاون بين دول حوض النيل مطمئناً الجميع،« مياه مصر أمانة في رقبتي، ولن أسمح لأحد بالمساس بها »، هكذا يشعر المواطنون بحرص القيادة على مستقبل دولتهم وأنها ليست ضعيفة أوريشة في مهب الريح تعصف بها أي مشكلة طارئة، بل أنها قوية وقادرة على الرد والردع لكنها إختارت طريق التفاوض حقناً للدماء وإحتراماً للمؤسسات الدولية وتنفيذاً لقراراتها الحريصة على إنهاء النزاع وفق القانون الدولي، ولذا على المصريين أن لا يلتفتوا للشائعات التي يروجها الإعلام المعادي الذي يسعى لإثارة الفتنة وتشكيك الشعب في مؤسساته وقياداته، ولم تكن تلك القضية الوحيدة التي بًين الرئيس توجهات الدولة في التعامل معها، بل تطرق للحديث عن الأزمة التايوانية الصينية والتي تدخلت فيها أمريكا دعماً لتايبيه، وما سببته زيارة نانسي بيلوسي من توتر في منطقة بحر الصين الجنوبي عقب زيارتها لتايوان لدعمها ضد بكين، والتصعيد الدائر حالياً والذي يهدد بحرب عالمية ثالثة في حال عدم ضبط النفس من قبل الأطراف الثلاثة، ولذا أعلن الرئيس أن مصر تدعم سياسة «الصين الواحدة» من أجل الأمن والاستقرار في العالم، على اعتبارأن تفاقم الوضع سيزيد الأزمة الاقتصادية تعقيداً في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا ما سيؤثرعلى مصر سلبياً لأنها جزء من العالم.
ليس غريباً أن تكون سياسة مصرالخارجية قائمة على العمل وفق المسارالتفاوضي، ولذا تحرص القيادة السياسية على أن تكون جزءاً من حل الأزمات في جميع دول العالم ولا تسعى أبداً لتفاقمها حرصاً على تحقيق الاستقرار والأمن في العالم، وهو ما شدد عليه الرئيس في رسائله من الكلية الحربية "مصنع الرجال"، إذ أعلن أن مصر تسعى لأن يكون لها دورمهم في نزع فتيل الأزمة الروسية الأوكرانية من أجل إنهاء هذا الصراع الذي أنهك الدولتين وتسبب في أزمة مالية تعاني منها جميع الدول العظمى والناشئة بسبب نقص الطاقة والغذاء وتراجع الصناعة، وهو ما يحدث لإنهاء الصراع في قطاع غزة حرصاً على الشعب الفلسطيني وقضيته التي قدم لها شعب مصر ما يزيد على 100 ألف شهيد منذ عام 1948 حتى الاًن وصولاً إلى السلام العادل وحل الدولتين لبدء مرحلة جديدة من السلام الدائم في المنطقة، على أن يبدأ ذلك بالتهدئة من الجانبين وعدم التصعيد وبدء مرحلة الحوار، وهوما قابلته جميع المؤسسات الدولية بالإشادة، إذ سبق لمصر أن بذلت مجهوداً كبيراً في إنهاء الخلافات في العديد من الملفات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تمهيداً لبدء مفاوضات تصل إلى الحل المنشود النهائي الذي طل انتظاره منذ سنوات طويلة لتنعم منطقة الشرق الأوسط بالاستقرار الذي يقود جميع الدول إلى التنمية الشاملة.
وصف الرئيس من لا يقدرون دورالقوات المسلحة خصوصاً وقت الأزمات بأنهم « فئة من الأشرار»، ويقيني أنه لولا الجهد والتضحيات التي بذلها الأبطال من أبناء هذه المؤسسة الوطنية منذ 25 يناير حتى الاَن لتعرضت مصر للتقسيم تنفيذاً للمؤامرات الخارجية التي كانت ولا زالت تسعى لتنفيذ خطة الشرق الأوسط الجديد الذي تحكمه الفوضى، وأرى أن حرص الرئيس على صيانة القوات المسلحة يستهدف حماية مصر والدول العربية من هذه التوجهات التي تسعى لتدمير هوية المنطقة، ولذا على المصريين أن يعوا حقيقة ما يدار ضد مصروالمنطقة العربية من محاولات لهدمها، فقد أصدرشيمون بيريزرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق كتاباً بعنوان «الشرق الأوسط الجديد» في عام 1996، وهو نفس المصطلح الذي أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عام 2004 لتقسيم دول المنطقة وهوما تسبب فيما بعد في الثورات التي شهدتها الدول العربية وصعود للإرهابيين إلى سدة الحكم في هذه الدول ومن بينها مصر التي خضعت لرئيس إخواني لمدة عام لكن يقظة الشعب دفعته إلى الثورة في 30 يونيو ضد الجماعة الإرهابية واحتضن الجيش الوطن وأنقذه من براثن سقوط الدولة في دائرة العنف والتي كان من الصعب الخروج منها لولا تضحيات أبناء القوات المسلحة الذين حملوا أرواحهم فوق أكفهم من أجل تثبيت أركان الدولة بعد تلاحم الشعب بكل فئاته وأطيافه مع الجيش لإنقاذ الوطن من جماعة الإخوان التي سعت لاختطاف مصر وطمس هويتها، ولذا أنهت ثورة 30 يونيو حكم الفاشية الدينية وإلا كانت مصر ستشهد مصيراَ مجهولاً وصراعات داخلية أهلية لا يعرف أحد كيف ستنتهي، إنه جيش مصر عمود خيمة الوطن ومظلة الأمان للشعب وسند المصريين وقت الأزمات.
صعدت الصين من تهديداتها في حربها التجارية مع واشنطن عقب زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان قبل أيام، ونشرت صحيفة الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، مقالاً حذرت فيه الإدارة الأمريكية من الاستمرار في هذه الحرب التجارية وجاء المقال بعنوان " لا تقولوا إننا لم نحذركم"، وهو العنوان نفسه الذي استخدمته الصحيفة من قبل مرتين منذ تأسيسها في 1949، الأولى في عام 1962 قبل حرب الصين مع الهند بسبب الصراع على الحدود، والثانية في عام 1979 قبل الحرب الصينية الفيتنامية، في الوقت الذي تحرص فيه القيادة المصرية على المضى قدماً في تحقيق التنمية وعدم الدخول في صراعات رغم محاولة بعض الدول جرها إلى مواجهات عسكرية، لأنها تعلم ما تتكبده الشعوب جراء أي مواجهات خصوصاً في ظل التوترات التي تنتشر في مناطق كثيرة من العالم حتى طالت أوروبا واّسيا وأفريقيا وأنهكت اقتصادات دول كبرى، ولذا وضعت الحلول لاحتواء التداعيات السلبية للأزمة وخفض آثارها السلبية على الاقتصاد خصوصاً على الفئات الأكثر احتياجاً، في وقت لا تتوقف فيه زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي للخارج وعقد لقاءات مع المسئولين ورجال الأعمال في الداخل لجذب الاستثمارات وتشجيع الجهود لدعم كافة القطاعات الإنتاجية خصوصاً أن الصناعة ركيزة التنمية، فضلاً عن التوسع في أعداد المستفدين من مبادرات الحماية الاجتماعية مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة والتموين وهو ما جعل مصر مصر في مقدمة الدول التي تحقق معدل نمو كبير في وقت يعاني فيه العالم من تباطؤ وتيرة النموالعالمي.
وفي الوقت الذي توقعت مؤسسات اقتصادية دولية أن يشهد الاقتصاد العالمي تباطواً حاداً خلال العامين الجاري والمقبل، فيما تنبأ صندوق النقد الدولي تحقيق مصر رابع أعلى معدل نمو في العالم وسط أهم الاقتصادات العالمية لعام 2023، وذلك على الرغم من خفض توقعات نمو أغلب الاقتصادات الكبرى، إذ أبقى تقريرصادرعن الصندوق على توقعاته لنمو الاقتصاد المصري لعام 2021 ـ 2022 بمعدل نمو 5.9 % خلال توقعات يوليو 2022، وهي نفس توقعات الصندوق لمعدل نمو الاقتصاد المصري خلال شهر أبريل من العام الجاري، ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه دول كبرى من التضخم وتراجع النمو، فيما خفض الصندوق توقعاته لمعدل نمو الاقتصادات الناشئة والنامية الصادر خلال يوليو للعام المقبل بمقدار 0.2 نقطة مئوية، ليسجل 3.6% مقارنة بـ 3.8%، بينما خفض توقعاته لمعدل نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار 0.1 نقطة مئوية، ليسجل 4.9% مقارنة بـ 5%. في توقعات شهر أبريل الماضي، وتوقع الصندوق معدلات نمو عام2202 ـ 2023 وأن تسجل مصر نمواً بمعدل 4.8% رغم الأزمات التي تكاد تشعل حرباً عالمية ثالثة ومعاناة العالم من جائحة كورونا وما نجم عنها من تداعيات بدأت باشتعال أسعار النفط والغاز وصولاً إلى أزمة غذاء عالمية لم تنهي فصولها بعد أن تسببت الجائحة في خسائراقتصادية عالمية بلغت أكثر من 22 تريليون دولار حتى الاًن.
وأقول لكم، أن الحكومة أعلنت عن حزمة استثنائية من الدعم للأسر الأكثر إحتياجاً لمدة 6 أشهر إذ سيتم ضخ مليار جنيه شهرياً يستفيد منها 9.1 مليون أسرة علي بطاقات التموين وكارت ميزة، وبرنامج تكافل وكرامة وسيتم صرفها فى صورة سلع، في الوقت الذي يحرص فيه الدكتورعلى المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، على وصول الدعم لمستحقيه، ولذا يعمل على تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزيادة الدعم لأصحاب البطاقات من الأسرالأكثر إحتياجاً من خلال زيادة الدعم المخصص لهم لمدة 6 أشهر، إذ سيتم زيادة الدعم للأسرة الواحدة بقيمة 100 جنيه ليرتفع من 200 إلى 300 جنيه بجانب ما تحصل عليه من خبز مدعم، وزيادة الدعم لبطاقة التموين المقيد عليها أسرتين أوثلاثة أسر بقيمة 200 جنيه، على أن تزيد المسجل عليها أكثرمن ثلاثة أسر بقيمة 300 جنيه شهرياً، وجاء ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة أن برنامج تكافل وكرامة من أهم البرامج التي أطلقها رئيس الجمهورية، وأنه يستوعب حالياً 4.1 مليون أسرة، وسيتم رفع عدد المستفيدين من معاش تكافل وكرامة لـ 5 ملايين أسرة ما يعنى 20% من الشعب المصري تتكفل الدولة بصرف دعم نقدي مباشر لهم، فيما سيتم طرح 2 مليون كرتونة سلع غذائية شهرياً بسعر 50 جنيهاً للمواطن في حين أن تكلفتها الأساسية 120 جنيهاً أى أن الدولة ستتحمل 70 جنيهاً، وتأتي هذه الإجراءات في وقت تواجه كل دول العالم نفس الظروف الصعبة التي تمر بها مصر، لكن هذا هو الفرق بين دولة تحمي مواطنيها وأخرى لا تلقي بالاً بهم.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com