الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم - زيارة «تاريخية»..«تؤسس لمرحلة جديدة»
زيارة «تاريخية»..«تؤسس لمرحلة جديدة»

يوماً بعد يوم تستعيد مصرالكبيرة دورها عربياً وإقليمياً ودولياً بحكم موقعها الجيوسياسي ومواردها البشرية والطبيعية وحداثتها الفكرية ومقدراتها المتنوعة فضلاً عن تاريخها التليد ومجدها الحضاري والثقافي الذي لا ينضب، تظل شجرة وارفة الظلال تحمي أمتها العربية، لا يفسد الخلاف في الرأى علاقتها الوطيدة بأي دولة عربية، فلا مجال للعداوات أو الخصومات ولا مكان لاندلاع نارالقطيعة الدبلوماسية، وعلينا أن لا ننسى مقولة ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، » في السياسة ليس هناك خلاف دائم أوصديق دائم«، ولذا يمكن وصف زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للدوحة بالـ «تاريخية»، لأنها كما نعتتها وسائل الإعلام القطرية « تؤسس لمرحلة جديد» في العلاقات بين الدولتين والمنطقة بأثره، ويقيني أنها جاءت في الوقت المناسب، وكان وصول الرئيس إلى مطارحمد الدولي واستقبال سموالأميرتميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطرله بداية لمرحلة جديدة في العلاقات بين الدولتين، إذ تهدف إلى تعزيز أطرالتعاون الثنائى المشترك على جميع الأصعدة، والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة، والتى تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومى العربى في ظل عالم يُعاد صياغته من جديد، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ولذا حان الوقت على القادة العرب التجهيزلفترة ما بعد انتهاء الصراع في أوروبا وتايوان خصوصاً أن النظام العالمي سيتغيرليصبح عالم متعدد الأقطاب بدلاً من نظام القطب الواحد.
وتعتبرزيارة الرئيس السيسى إلى الدوحة الأولى له منذ توليه منصبه في عام 2014، ولذا لقيت صدى واسعاً في العالم كله وليس في منطقة الخليج فقط، خصوصاً أنها من المتوقع أن ترتقي بالعلاقات بين الدولتين إلى مستوى«الشراكة المثمرة» فضلاً عن أنها تكتسب أهمية خاصة من حيث توقيتها لمجيئها قبل انطلاق القمة العربية في الجزائر في نوفمبر المقبل، وأرى أن الزيارة ستسهم في إنهاء حالة التوترالتي شابت العلاقة بين البلدين على مدار السنوات الماضية، لأنها تأتى بعد زيارة الأمير تميم لمصر في يونيو الماضى، الأمر الذي يعكس رغبة الدولتين الشقيقتين في عودة العلاقات المصرية القطرية إلى طبيعتها، ولذا جاءت مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الأمير تميم لتكشف عن حرص الدوحة على زيادة الاستثمارات القطرية في مصر واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بها، وتوجت مباحثات الرئيس في الدوحة بلقاء ممثلي رابطة رجال الأعمال القطريين، إذ أكد على حرص مصر خلال الفترة القادمة على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مجتمع رجال الأعمال والشركات القطرية وتنمية الاستثمارات المشتركة للمساهمة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية في البلدين الشقيقين، وذلك في إطار من العمل المشترك لتعظيم المصالح المتبادلة والاستغلال الأمثل للفرص المتاحة.
والغريب أن الزيارة أصابت جماعة الإخوان بالذهول والصمت خصوصاً أنهم كانوا ينتظرون أن تفتح القيادة المصرية ملف المصالحة لكنهم أصيبوا بخيبة أمل بعد أن اكتشفوا أن هذا الملف لم يكن على مائدة المفاوضات المصرية القطرية، ولذا تسرب الخوف والقلق إلى من يتخذون من الدوحة مقراً لهم خوفاً من صدور قرار بترحيلهم إلى مصر، في الوقت الذي تعاني فيه الجماعة من"صراعات داخلية" أنتجت عدداً من " جماعات الإخوان" في تركيا وإنجلترا نتيجة الانقسامات التي ضربت التنظيم في وقت أعلنت فيه القيادة المصرية مراراً وتكراراً عدم التصالح مع الجماعات الدموية التي حملت السلاح في وجه الدولة والمجتمع رغم الضغوط الخارجية من بعض الدول، ولذا تعتبر الزيارة إعلاناً لبدء انتهاء التنظيم لتضاؤل أعداد الدول التي تدعمهم بعد أن إختارت الدوحة مصالحها الاقتصادية مع مصرركيزة للعلاقات بين البلدين، وجاء ذلك في الوقت الذي تستعد فيه مصرلعقد مؤتمر اقتصادي نهاية الشهر الجاري لوضع خارطة طريق للنهوض بكافة مناحي الحياة خصوصاً توطين الصناعة، وتحديد خارطة طريق تهدف إلى تنمية الاقتصاد وذلك من خلال وضع استراتيجية وطنية متكاملة للصناعة فى مصرلجذب لمزيد من رؤوس الاموال والمستثمرين المحليين والأجانب، بعد أن نجحت الحكومة في تنفيذ العديد من المطالب للصُنَّاع في الفترة الأخيرة، وكذا تقديم المزيد من التيسيرات، خصوصاً اتاحة الأراضي الصناعية بحق الانتفاع، وتسعيرها طبقاً لتكلفة توصيل المرافق، إلى جانب إصدار التراخيص خلال 20 يوم عمل، وغيرها من التيسيرات والمحفزات الأخرى.
«أكون أو لا أكون» تلك هي العبارة التي نطق بها الأميرهاملت في ما يسمى «مشهد الراهبات» من مسرحية وليم شكسبير»هاملت«، فالاختيار بين نقيضين يكون السبيل الوحيد أمام الشعوب في الأوقات الصعبة ما بين الموت دفاعاً عن الوطن، أوالاستسلام ورفع الراية البيضاء أمام الأعداء وفي هذه الحالة تضيع مقدرات الأمم وهيبتها وتصبح فريسة لكل من يعتدي عليها وينال من هيبتها وحريتها، 21عاماً مضت على تنفيذ هجمات 11 سبتمبر 2001 ذلك اليوم الذي كان ولايزال فارقًاً في تاريخ العالم، والأكثرألماً لمواطني الولايات المتحدة الأمريكية، إذ شهد عدد من العمليات الإرهابية باستخدام أربع طائرات تقودها عناصرإرهابية تابعة لتنظيم القاعدة، تمكنت من تدميربرجي مركز التجارة العالمي في مانهاتن وجزء من مقروزارة الدفاع المعروف بـ »البنتاغون«، ما أدى لمقتل 2977 شخصاً، وسقوط اَلاف المصابين، وهو أكبر عدد من الضحايا في تاريخ البشرية والحادث الأكثرهلاكاً لأبرياء في العصر الحديث ولذا كان قرارالإدارة الأمريكية بإعلان حالة الطوارئ المدنية والحرب على الإرهاب، وكانت أفغانستان مركز تنظيم القاعدة الهدف الأول للقضاء على التنظيم، فضلاً عن رغبتها في معاقبة حركة طالبان التي تحكم الدولة لأنها سمحت بتكوين التنظيم على أراضيها فضلاً عن رفضها طرد قيادات القاعدة من أفغانستان وتسليم زعيمها أسامة بن لادن لأمريكا، وجاء غزو أمريكا وقوات التحالف للعراق أوما يطلق عليها حرب الخليج الثالثة عام 2003 مساراً ثانياً في الحرب الأمريكية على الإرهاب وظلت القوات العسكرية الأمريكية في الدولة العربية رغم إعدام صدام حسين في عام 2006 حتى قررالرئيس الأمريكي جو بايدن الانسحاب من أفغانستان والعراق العام الماضي مخالفاً الاستراتيجية الأمريكية التي تم الإعلان عنها عام 1957 وأطلقت عليها "ملء الفراغ الاستراتيجي" بالشرق الأوسط عقب خروج بريطانيا وفرنسا من المنطقة، ليجدد السؤال نفسه " بعد الخروج الأمريكي من سيئول له ملء الفراغ الأمريكي بالمنطقة" بعد أن اكتشفت أنها أنفقت مليارات الدولارات على حروب الإرهاب لكنها لم تحقق أهدافها منها.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها الإدارة الأمريكية قراراً مصيرياً رافعة شعار«أكون أو لا أكون»، بل كان الثاني بعد الغارة الجوية التي نفذتها القوات اليابانية على الأسطول الأمريكي بالقاعدة البحرية في ميناء بيرل هاربرفي جزرهاواي يوم 7 ديسمبر عام 1941 بالمحيط الهادئ، وهو الهجوم الذي غيرالتاريخ بعد أن أسفرت الهجمات اليابانية عن مقتل 2402 من القوات البحرية الأمريكية وجرح 1282 آخرين، إذ اضطرت أمريكا بإتخاذ قراراً صعباً بدخول الحرب العالمية الثانية لدعم الحلفاء بقيادة فرنسا وإنجلترا ضد دول المحوربقيادة ألمانيا وهي الحرب التي شارك فيها نحو 100 مليون شخص من أكثر من 30 دولة حول العالم وألقت خلالها واشنطن قنبلتان ذريتان على هيروشيما وناجازاكي باليابان ما أدى لاستسلامها وانتحار حليفها هتلر، وأسفرت الحرب عن سقوط نحو 80 مليون قتيل غالبيتهم من المدنيين، هكذا تتخذ الأمم القرارات المصيرية للدفاع عن وجودها ومستقبلها وتحقيق طموحات شعوبها حتى لا تتحول إلى لقمة سائغة لمن يرغب في الاستيلاء على ثرواتها، ولكن هل يعني تخلي أمريكا عن سياسة ملء الفراغ في المناطق التي غادرها الاستعمار الأوروبي في الشرق الأوسط و أفريقيا وأسيا والتي أعلن عنها الرئيس ايزونهاور عام 1957 خلال فترة حكمه للولايات المتحدة رداً على تأميم الرئيس جمال عبد الناصر قناة السويس وانسحاب بريطانيا منها بهدف حماية المصالح الأمريكية أن واشنطن تعثرت في الحرب على الإرهاب؟.
الحقيقة أن الدولة التي حملت راية الحرب على الإرهاب بديلاً عن العالم كله هي مصر، وظهر ذلك جلياً منذ عام 2013 بعد سقوط حكم الإخوان إذ حمل الشعب المصري شعار أكون أو لا أكون لحماية وطنه من حكم الجماعة الإرهابية، ورغم أن المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع اًنذاك لم يكن يلومه أحد لو ترك الأمور تسير على طبيعتها إلا أنه إنحاز إلى جانب أبناء وطنه وتدخل الجيش لحماية ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم الإرهاب، ولم تكن القرارات التي أعلنها الرئيس السيسي في 3 يوليو عادية بل قضت على مشروع ما أطلق عليه الإخوان " دولة الخلافة" بعد أن رفعوا أعلام تنظيم داعش الإرهابي في القاهرة ولذا حصلت الجماعة على دعم كبير من بعض الدول المعادية لمصر،وكان سقوط حكم محمد مرسي الشرارة لاندلاع الإرهاب المنظم في جميع أنحاء الدولة، فأعلنت مصر الحرب على الإرهاب وضحت بخيرة شبابها من أبطال الجيش والشرطة ليس للفاع عن مصر فقط بل العالم كله بعد أن تفوقت على الكثير من الدول في دحر العناصر المتطرفة لينعم العالم كله بالاستقرار بعد سنوات انتشرت خلالها الدماء في الكثير من الدول حتى أمريكا وأوروبا واًسيا وأفريقيا لم تسلم من عمليات العنف التي حصدت أرواح الأبرياء، لقد استشعرت واشنطن العام الماضي أن الشرق الأوسط بقيادة مصر بات قادراً على ملء الفراغ الذي تركه الاستعماروالدفاع عن نفسه والعالم كله من الهجمات الإرهابية التي كانت تحدث بشكل شبه يومي في الكثير من دول العالم.
وأقول لكم، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال في كلمة ضمن فعاليات تدشين الوحدات البحرية الجديدة لهيئة قناة السويس قبل أيام،«طول ما إحنا رافضين نتصالح مش هيسيبونا.. طب نتصالح؟ لو عاوزين تفهموا نتصالح يعني إيه؟ نتصالح وناخد مساحة ونتحرك ومنعملش كده.. إلى حين»، وأرى أن ما قاله الرئيس رسالة مهمة لهؤلاء القتلة الذين يستخدمون كافة الأسلحة غير الشريفة في حربهم ضد مصر، وسؤالي كيف يسمح المصريون للأفاعي بالحياة في بيوتهم؟ إنهم تاريخ من الضلال والبهتان لا يعرفون سوى الغدرلا وعد لهم، تعرض الرئيس جمال عبدالناصر لمحاولة اغتيال على يد مجموعة منهم في ميدان المنشية بالإسكندرية عام 1954، والرئيس الراحل أنور السادات مثال حي على غدرهم أعطاهم مساحة للعمل فكان رد الجميل استشهاده في يوم النصر 6 أكتوبرعلى أيادى فئة باغية منهم، إن كل الميادين والشوارع والمزارع في جميع محافظات مصرتشهد على الدماء البريئة التي سالت بأسلحة أذرعهم الإرهابية خصوصاً تنظيمي الجماعة الإسلامية والجهاد، قتلوا رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق، والأديب العالمي نجيب محفوظ والمفكر فرج فودة، وشرعوا في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي ووزراء الداخلية اللواءات النبوي إسماعيل وحسن أبوباشا وحسن الألفي، وبعد 30 يونيو ارتكبوا مئات الحوادث الإرهابية ومنها اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، يقيني أنه لا يوجد مواطن مصري واحد يوافق على أن يمد يده للصلح مع هؤلاء القتلة.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف