احمد الشامى
أقول لكم « دولا ولاد الفلاحين »
« دولا ولاد الفلاحين »
تطوى الأيام وتفنى الأعماروتمرالسنون، ويعود عبق يوم النصرمن أرض الفيروز وميادين وحواري مصروبيوت الشهداء الذين أفقدوا العدو توازنه خلال ست ساعات في يوم السادس من أكتوبر، كانت الحرب هي الإجابة الوحيدة على من ظنوا أن شعب مصرخائف من المواجهة وقابل للكسر، لكنها إرادة الوطن الأبي القوي الذي ذاق حلاوة الانتصار بعد معاناة ومثابرة وتضحيات لم تعرفها مصر طوال التاريخ، إنهم "عساكر مصريين" إرتقت أرواحهم إلى بارئها من أجل إعادة الكرامة لأمة ظن كثيرون أنها فارقت الحياة، ليثبت أبطال القوات المسلحة أنهم لا يعرفون الحياد في حب بلدهم وبثوا الأمل في نفوس الأمة من جديد، ولذا وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، في احتفال مصر بالذكرى التاسعة والأربعين، لنصر أكتوبرالمجيد، التحية إلى روح الشهيد الرئيس "محمد أنور السادات" بطل الحرب والسلام الذي إتخذ بجسارة قرارالعبور العظيم، مؤكداً "أننا سنحقق معجزة العبورالآمن للجمهورية الجديدة التي ينعم فيها المصريون بمستويات معيشية كريمة"، ويقيني أن مصر المنتصرة بفضل جيشها الوطني وإرادة شعبها الذي لا يعرف المستحيل قادرة على عبورالأزمات التي تمر بالوطن مهما كانت صعوبتها.
بعث الرئيس السيسي بالعديد من الرسائل أثناء كلمته خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الـ 36 قبل ساعات ، إذ أكد إن الأجيال التي كانت موجودة ما بين عامي 1967 حتى 1982 عانت من ظروف قاسية الكثيرمنهم غير موجود الآن بيننا ولم يتوقف نمو البشرومطالبهم، لكن مصر الكبيرة الصامدة استطاعت أن تنتصروتقف مرة أخرى على قدمها من أجل مستقبل ومقدرات البلاد، فالتحديات والعدائيات التي تواجه مصرستظل موجودة ولن تنتهي في حياة أي أمة، لأن حياة الأمم تاريخ لا ترتبط بين يوم وليلة ولا بعام أوعامين أو ثلاثة أو عشرة أعوام، فما تحققه مصر من إنجازات ستستمر أثاره الطيبة خلال السنوات المقبلة، بعد أن انتصرت على الفقروالجهل والتخلف وتسعى تلجاوزالأزمة الاقتصادية العالمية بالعمل المخلص من أجل وطننا الغالي الذي تحاربه قوى الشروتبث سمومها في شرايين الوطن لإفقاد المواطن الثقة بالقيادة والمؤسسات، لكن تظل القوات المسلحة رم الوطنية والبسالة والإقدام وحصن الوطن، بفضل العلاقة الفريدة بين الشعب والجيش التي ستظل أمراً مقدساً، ولا يمكن أن ننسى تحية أرواح الشهداء الذين منحونا حياتهم ليحيا الوطن الذين غيروا الواقع من الهزيمة إلى النصر بالرؤية المتكاملة بعيدة المدى والتخطيط العلمي وتوفير آليات وعوامل النجاح، لأن الأجيال الحالية تعاصرأحداثاً وتداعيات هائلة أمنية وسياسية واقتصادية يشهدها العالم بأسره.
شدا المصريون بأغاني العبور، لتصدح الفنانة سعاد حسني بكلمات الشاعرأحمد فؤاد نجم " دولا مين ودولا مين.. دولا ولاد الفلاحين..دولا الورد الحر البلدي..يصحى يفتح إصحي يا بلدي..دولا خلاصة مصر يا بلدي.. دولا عيون المصريين"، وتحتفل مصروالقوات المسلحة بالذكرى التاسعة والأربعين على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، ذلك اليوم الذي قاتل فيه المصريون بشراسة الأسود من أجل استراد سيناء الغالية على قلب كل مصري عاشق لوطنه ساعياً لبناء دولة جديدة قادرة على مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه الدول العربية منذ عشرات السنين، فكان النصرالذي أعاد لمصر ريادتها بحكم موقعها الجيوسياسي، بعد أن تعرضت للإحتلال عشرات السنين لكنها لم ترفع راية الاستسلام ظلت عصية على الأعداء، الذين حاولوا على مدار التاريخ الاستيلاء على ثرواتها فخاض الجيش المصري 955 معركة طوال التاريخ كانت البداية انتصارأحمس على الهكسوس الذين حاولوا إحتلال وطننا عبرسيناء البوابة الشرقية لمصر التي تعتبر الحصن المنيع لحماية وطننا من كل غادر وشاهدة على الانتصارات، واَخرها ملحمة أكتوبر المجيدة.
لم تقل معركة معركة السلام التي خاضتها مصرمع إسرائيل ضراوة عن الحرب، فقد وقعت معاهدة السلام عام 1979 لتعود سيناء كاملة إلى مصروتبدأ بعدها معركة التنمية لسيناء الثرية بمقومات طبيعية لا مثيل لها في العالم لتتويج بطولات أبناء مصروتضحياتهم الغالية لحماية الأرض والعرض، واليوم يمر 49 عاما على النصر الذي سار نبراساً يضئ الطريق للمصريين جيلاً بعد جيل، لأن حرب أكتوبرلم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ بل كانت عبوراً من اليأس إلى الرجاء وإختباراً حقيقياً لتضحيات الشعب الذي حول الإنكسار إلى إنتصاربفضل رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كان محمد العباسى من أبناء محافظة الشرقية أول من رفع علم مصر على أرض سيناء، ليسطر الشاعر العبقري صلاح عبدالصبورقصيدة عنه بعد أن عاد لمصر رزيتونها، وفيروزها، وعرضها وأرضها، إذ كتب " تمليناك حين أهل وجهك قوق الشاشة البيضاء وجهك يلثم العلما وترفعه يداك لكي يحلق في مدى الشمس حر الوجه مقتحما"، إنه النصر الذي عبرعنه شعراء مصر بكلماتهم العذبة لتتحول إلى أهازيج لازالت باقية رغم مرور السنوات وكأنها بالأمس القريب، ليسلم جيل أكتوبر الراية لجيل 30 يونيو ليخوض حرباً ضارية ضد الإرهاب الذي أنتشر سنوات طويلة في أرض الفيروز قبل أن تقضي مصر عليه بتضحيات أبطال الجيش والشرطة وتبدأ بعدها معركة التنمية في أرض الفيروز التي صارت نموذجاً للتنمية الشاملة وأصبح لمصر درع وسيف وجيش قادر على المواجهة بأحدث الأسلحة في العالم.
ظلت معدلات التنمية في سيناء بطيئة حتى عام 2014، إذ تسارعت وتيرة التعميربعد أن تم إنشاء خمسة أنفاق إضافة لنفق الشهيد أحمد حمدي، لتعود سيناء عملياً إلى حضن الوطن ما أسهم في زيادة المشروعات، إذ إنطلقت الدولة لتقديم الدعم لأهالي أرض الفيروز وتطوير الخدمات المقدمة لهم، وكانت البداية بإنشاء مدن جديدة في بئر العبد ورفح والإسماعيلية الجديدة، إضافة لتشييد تجمعات تنموية في شمال وجنوب سيناء للأهالي، من خلال السماح لكل مواطن بتملك 5 فدان مستصلحة إضافة إلى منزل في قلب تجمع كامل للمرافق والخدمات، وتجمعات أخرى بالقرى الأكثر احتياجاً وهي عبارة عن مزارع تنموية يزرع فيها النخيل والزيتون، ويسهم القطاع الخاص في معركة التنمية خصوصاً في مجال السياحة، إذ تحولت مدينة شرم الشيخ إلى أفضل منتجع لاستقبال السياح في العالم طوال العالم بعد أن كان يوجد بها فندق واحد فقط، لكنها الاًن مدينة عالمية بكل المقاييس ومقصد للسائحين طوال العام بعد استقبلت استثمارات ضخمة خلال السنوات الثمان الماضية فصارت عاصمة المدن المطلة على البحر الأحمربعد أن أقامت الدولة بنى تحتية حديثة قادرة على التعامل مع التطور التكنولوجي في العالم.
أن استثمارات بقيمة 700 مليار جنيه لتنمية سيناء ومدن القناة منذ عام 2014 حتى الاًن، إذ تم تدشين 3 مراكز لخدمة المستثمرين بتكلفة 206.4 مليون جنيه لخدمة أكثر من 8800 شركة، فضلاً عن إطلاق 8 مشروعات ومناطق صناعية على خريطة الاستثمار الصناعي، بالإضافة إلى تمتع سيناء ومدن القناة بـ 275 فرصة استثمارية على الخريطة الاستثمارية، كما أسهم إزدواج قناة السويس والمنطقة الاستثمارية بها في زيادة معدلات التنمية، ونفذت مصر مشروع زراعة 1.1 مليون فدان منها 239 ألف فدان مساحة منزرعة حتى نهاية مارس 2022، كما تم إنشاء 18 تجمعاً زراعياً بإجمالي 2122 مستفيداً، إنها مصرالتي لا تعرف المستحيل، استطاع جيشها أن يفقد العدو توازنه خلال ست ساعات فأصبحت الأكاديميات العسكرية العالمية تدرس حرب أكتوبر من حيث التخطيط والخداع وطريقة التنفيذ التي أثبتت أن المفاجأة كانت في المقاتل المصري الذي اقتحم المانع الرهيب «خط بارليف» وتميزت بالتكتيك العسكري والمناورات الفنية التي تمت على أرض المعركة، لتسترد مصر فرحتها بعودة سيناء بعد ثورة 30 يونيو بعد أن أصبحت جزءاً لا يتجزء من الوطن وشاهداً على التنمية وإنطلاق مصر إلى الجمهورية الجديدة.
وأقول لكم، علينا أن نتذكر الاًن ما قاله الرئيس الراحل محمد أنور السادات في خطابه التاريخي بعد حرب أكتوبرأمام مجلس الشعب فى 16 أكتوبرمن عام 1973، إذ جاءت كلماته معبرة عن طبيعية الشعب المصري والمستقبل الذي ينتظره مشدداً : "عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامنا إلى جيل سوف يجئ بعده، منكسة أوذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا هاماتها مرتفعة عزيزة سواريها وقد تكون مخضبة بالدماء ولكن ظللنا نحتفظ بوعودنا عالية في السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة"، وأرى أن الرئيس السادات كان يعلم أن مصرستظل تحارب الأعداء على كل الجبهات حتى لو كان الثمن هو الدم، لكنه القدرالذي إختارمصر لتدفع الثمن لإستعادة الكرامة والأرض العربية وأن تظل تدافع عن أمتها مهما كانت التضحيات، ولذا يمكن القول أن ما واجهته مصر خلال السنوات الأخيرة من إرهاب منظم كان مخططاً في محاولة لإسقاطها من أجل تحقيق ما فشلت فيه قوى الشر والاستعمارمن الإستيلاء على المنطقة وخيراتها وتقسيمها، لكن مصر بقيادة الرئيس السيسي وجيشها الصامد وشرطتها الوطنية أفسدت كل المخططات وعادت لتقف على قدمين ثابتتين لتشيد الجمهورية الجديدة، حتى نسلم أعلامنا لجيل جديد حتى لو كانت مخضبة بالدماء لكن الأهم أن تكون هاماتها مرتفعة كما فعل جيل أكتوبر.
ا . أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com