احمد الشامى
أقول لكم «طرح شركات الجيش في البورصة»: هل وصلت الرسالة؟
«طرح شركات الجيش في البورصة»: هل وصلت الرسالة؟
جاء قرارالرئيس عبد الفتاح السيسي، بطرح عدد من شركات الجيش في البورصة لدعم الاقتصاد، وتوسيع قاعدة ملكيتها وجذب استثمارات القطاع الخاص، برداً وسلاماً على قلب كل مصري عاشق لوطنه، لأن القيادة السياسية حريصة على الشفافية والعدالة إيماناً منها بسيادة القانون، ولذا فأن هذا التوجه من جانب الحكومة يخرس الألسنة ويسكت الشائعات التي تسعى لتخريب الوطن رغم أن حجم اقتصاد الجيش يترواح بين 1% و1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ينفق العائد منه على تسليح القوات المسلحة لشراء الأسلحة والمعدات، إذ يتم ذلك من الموازنة الخاصة للجيش وليس الموازنة العامة للدولة، ومن قدراته الاقتصادية، والسؤال الاًن هل وصلت الرسالة لمن يدعون أن الجيش يسيطرعلى الاقتصاد ولا يترك لهم مجالاً للعمل؟ فأين هم من التنمية الصناعية والزراعية والتصدير والاستثمار في التعليم والصحة؟ إن السبب المباشر لمعاناة مصرنتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية هو غياب القطاع الخاص عن القيام بدوره في التنمية وإقامة قلاع تكنولوجية لتصنيع السيارات والهواتف النقالة والبرمجيات وأجهزة الكمبيوتر والرقائق الإلكترونية وغيرها من الصناعات المهمة للاستهلاك المحلي والتصدير، فضلاً عن عزوفه عن المشاركة الحقيقية في استصلاح الأراضي والعمل في مجالي الصحة والتعليم، رغم أنه قادرعلى تحقيق مكاسب هائلة من الاستثمارفي هذه المجالات، لكنه البحث عن المشروعات سريعة الربح بعيداً عن هذه المجالات المهمة.
لا يكف رجال أعمال عن الشكوى والإدعاء أن الجيش يستحوذ على الاقتصاد، رغم أن الواقع غير ذلك تماماَ فمجالات الاستثمارمفتوحة على مصراعيها للقطاع الخاص منذ سنوات، ولذا علينا أن نسأل ماذا قدموا لمصر خلال السنوات الماضية؟ فالدولة لا تتوقف عن دعم من يرغبون في الاستثمار، والدليل على ذلك وجود مدينة أو منطقة صناعية أو أكثرفي الكثيرمن المحافظات إضافة إلى الدعم المالي في صورة قروض ميسرة واللوجيستي الذي تقدمه الحكومة لأنها تعلم أن القطاع الخاص قاطرة التنمية في جميع دول العالم المتقدم، فمنطقة صناعية واحدة في الولايات المتحدة الأمريكية يطلق عليها "وادي السليكون" بولاية كاليفورنيا أصبحت منارة الصناعة في العالم ونالت شهرتها بسبب وجود عدد كبير من مطوري ومنتجي الشرائح أوالرقاقات السلكونية، وحالياً تضم جميع أعمال التقنية في العالم، إذ أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية، وتسهم في ثلث العائدات الاستثمارية في مجال المشاريع الجديدة في أمريكا، وهي كلها تابعة للقطاع الخاص وتعتبر قاطرة التنمية في الولايات المتحدة رغم وجود العديد من المناطق الصناعية بها إذ بلغت أرباح شركة جنرال موتورزعام 2014 نحو 155.9 مليار دولار، وأرباح شركة مايكروسفت 83. 86 مليار دولار، واًبل 182.9 مليار دولار في العام نفسه، بينما تزيد قيمة صادرات تايوان من الرقائق الإلكترونية عن 500 مليار دولار سنوياً إذ يمتلك القطاع الخاص أكبر مصنع في العالم، وهو ما تنبهت له الصين منذ سنوات إذ أطلقت يد القطاع الخاص في الصناعة ولذا تأتي في المرتبة الثانية عالمياً من حيث قيمة الناتج المحلي بعد أمريكا التي تحل أولاً، إذ يبلغ حجم الناتج الاقتصادي العالمي 94 تريليون دولار في عام 2021، وشكلت أربع دول فقط وهي الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، واليابان، وألمانيا، أكثر من نصف اقصاد العالم، وكان الناتج المحلي الإجمالي الرسمي وكله من إنتاج القطاع الخاص للولايات المتحدة الأمريكية وحدها أكبر من الناتج المحلي الإجمالي المشترك لـ 170 دولة في جميع دول العالم.
وأرى أن قرارالرئيس السيسي ببدء إجراءات طرح حصص من الشركات التابعة للجيش لتداول أسهمها في البورصة، خاصةً الشركة الوطنية للبترول وشركة صافي، يهدف إلى تعظيم مساهمة جهاز الخدمة الوطنية بشركاته المتنوعة في دعم الاقتصاد، إذ تتمتع الشركات بمقومات كبيرة تؤهلها للمساهمة بفاعلية في عملية التنمية الشاملة التي تسعى إليها، ولذا فأن الشائعات التي تطلقها قنوات الإخوان ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة لهم عن سيطرة الجيش على الاقتصاد لا أساس لها من الصحة، فهي مجرد محاولات للإساءة إلى الدولة، فمجالات الاستثمار في الصناعة والزراعة والتصدير والصحة والتعليم متاحة لكل رجال الأعمال المصريين والأجانب، فهل حان الوقت ليبدأ القطاع الخاص في القيام بمسئولياته تجاه الوطن ليقيم مشروعات كبرى قادرة على إنتاج سلع للتصدير في جميع المجالات بما يدر عملة صعبة تعود بالفائدة على الاقتصاد، في وقت تحتاج فيه مصر لجهود كل أبنائها المخلصين القادرين على إنشاء المشروعات التنموية لتعبر مصر الأزمة العالمية التي ألقت بتبعاتها على العالم كله، فاقتصاد الجيش لا يمثل سوى 2% على أكثر تقديرويتعين عدم خلط الأوراق والبحث عن المشروعات سريعة العائد من جانب عدد من رجال الأعمال التي لا تفيد الاقتصاد كما ينبغي، إنه فكر البحث عن المال لا بناء الدول، رغم التسيهلات الكثيرة التي قدمتها الحكومة خلال السنوات الماضية إلا أن العائد لم يكن مرضياً رغم أن الحكومة أعلنت مراراً وتكراراً واًخرها خلال المؤتمر الاقتصادي عن استعدادها للدخول في شراكات مع القطاع الخاص الذي يظل بعيداً عن توجهات الدولة ويكتفي بالاستيراد وتحقيق الربح السريع وهوما يجب إعادة النظر فيه لإقامة مشروعات قومية كبرى حتى لو كان العائد منها سيتأخر، فتقدم الدول لا يكون بالاستيراد لكن بالتصدير وإقامة القلاع الصناعية والمشروعات الزراعية والدخول في شراكات للتنمية في مجالات التعليم والصحة، فالدولة ليست ساحراً لتقيم كل هذه المشروعات بمفردها.
تمضى السنون وتنقضى الساعات والناس في بلادي يدركون تماماً أنّ مصرأقوى من الأيام، لا تهزها الأنواء ولاتهزمها الأعاصير، ينشدون البناء والتنمية ولا يلقون بالاً بالدعوات المشبوهة لإسقاط وطنهم، يعلمون أن الخونة يسعون لوضع دولتهم على شفير الانهيار، كل مصري عاشق لتراب أرض المحروسة كان يعلم مسبقاً أن دعوات التظاهر في 11/11 التي أطلقها مجموعة من المجرمين والمتواطئين واللصوص لبيع مصرلأسيادهم مقابل حفنة من أورواق البنكنوت، مصيرها الفشل فما حدث في يناير لايمكن أن يتكررلأن التاريخ لا يعيد نفسه يا سادة، فكم تعرضت مصرلمثل هذه المؤامرات طوال تاريخها لكنها ظلت صامدة في وجه من خططوا للنيل منها، فشعبها لا يقبل الضيم أوالهزيمة على يد هؤلاء الحمقى الذين كانوا يظنون أن الشعب من الممكن أن يسيرخلف هؤلاء الأوغاد الذين يعيشون في دول أوروبية يقبضون أثمان بيع أنفسهم لمن يدفع الأموال، ولذا حان الوقت لأن تعيد مصرتقييم علاقتها مع جميع الدول والأشخاص الذين يؤوون هؤلاء المرتزقة أويساعدونهم في التستروالهروب من المسائلة القانونية من أجل شن حرب الشائعات على بلادنا عبرأبواقهم الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي والتي أكدت أن قلوبهم تمتلئ حقداً على الوطن وإنجازاته.
أعترف الاًفاقون بـ "هزيمة 11/ 11" الموجعة التي أفقدتهم توازنهم، تأكدوا أن التاريخ لا يعيد نفسه بعد أن شرعت مصرفي بناء مستقبل جديد لأبنائها، فالشعب لا يزال يستذكرالماضي الأليم، كيف دمرالإرهابيون بلده وأشعلوا فيه النيران والفتن في مؤسساته عقب ثورة 30 يونيو، فسارحطاماً وكأنه تعرض لأهوال حرب لا تبقي ولا تذر، وهذا ما يجعلنا نتساءل كيف صورلهم خيالهم المريض أن الشعب سيمضي خلفهم وينصت إلى دعواتهم الشيطانية؟ إن ثقة الشعب في قيادته السياسية أصبحت حقيقة لا شك فيها ولذا على الجميع ربط الأحزمة والاستعداد لرحلة التنمية التي لا تتوقف من أجل الأجيال المقبلة لإنقاذ اقتصادنا المثقل بالأزمة العالمية حتى نعبرها إلى شاطئ الأمان، ويقيني أن التاريخ سيكتب عن هؤلاء المتأمرين ومحاولاتهم الشيطانية لهدم الدولة ققص فصولها من عار، لن تنسى مصرما فعلوه بها، وسيظل الأبناء وأحفادُهم يروون قصص الخيانة التي لا تتوقف عن هؤلاء المجرمين التابعين لجماعة الإخوان الفاشية الذين بثوا تحريضهم طوال ثلاثة أشهرفي محاولة لتحريك الشعب إلى الميادين، بعد حددوا ساعة الصفر يوم 11/ 11 الذي يتزامن مع عقد مؤتمرالمناخ والذي حضره ما يزيد على 100 رئيس ومسئول من قادة العالم مستغلين الأزمة الاقتصادية العالمية لإثارة الفوضى في الشوارع والميادين، وتالياً القفزعلى الدولة للعودة إلى الحكم بعد أن ثارالشعب عليهم في 30 يونيو وطردهم إلى خارج البلاد، إعتقد الإخوان في الداخل وحلفاؤهم في الخارج أنّ الزمن سيعود إلى الوراء لتكرارما حدث في يناير لكنها مجرد أضغاث أحلام.
لقد بذلت وزارة الداخلية مجهوداً كبيراً في إجهاض مخطط الجماعة بمجرد إطلاق هذه الدعوات، إذ لم يعد للإخوان وجود على الأرض بعد أن فككت كل التنظيمات المنبثقة عنها ولم يعد هناك وجود لما يطلق عليه المكاتب الإدارية التي تقوم بمهام التجنيد والتنظيم وإصدارالتكليفات للأعضاء، وتالياً لم تحدث أي محاولات من جانب الإخوان للنزول إلى الشارع لأنهم يعرفون مسبقاً أن الشعب لن يتقبلهم ويسمح لهم باستقطاب المواطنين لدعوات الخراب، ليتأكد الجميع أن الجماعة أصبحت تراثاً مريراً من الماضي لا وجود لها في الشارع فقط مجموعة من القنوات التليفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تثير الفتنة ومحاولات الوقيعة بين الشعب وقيادته لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، على صخرة الجهود التي يبذلها الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي شيد العديد من المشروعات القومية والاقتصادية والعسكرية، كانت بمثابة رصاصة الرحمة على مؤامرة الإخوان التي أيدتها جهات أخرى بهدف إثارة الفوضى ووقف التنمية مستغلين الإخوان كأداة لتنفيذ هذه المخططات، بعد أن تسلح المصريون بوعيهم لعدم الاستجابة لتلك الدعوات فكان الفشل المسمارالأخير في نعش الإخوان وقدرتهم على الحشد وتنفيذ مخططات التخريب، ما يؤكد أن المصريين تجاوزا مخططات الجماعة الإرهابية إلى المستقبل، فهل يتعظ الإخوان من هذه الهزيمة المذلة ويتوقفون عن الدعوات للتظاهر في وطن لا يعود إلى الخلف.
وأقول لكم، إن مصر العظمى قادرة على الوقوف في وجه التحديات والتهديدات، وكانت زيارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن لمصر للمشاركة في مؤتمرالمناخ ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، تأكيد على فتح صفحة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية، بعد أن تأكدت واشنطن بأهمية دورمصرالإقليمي وأنه لا استقرارفي الشرق من دون مصر القادرة على أن تكون رمانة الميزان في المنطقة باعتبار جيشها عمود الخيمة لتوفير الحماية للدول العربية، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في كلمته أمام مؤتمر المناخ إن مصر هي "أم الدنيا" وهي أكثر مكان مناسب لانعقاد قمة المناخ كوب 27، متمنياً أن تجعل هذه الزيارة العلاقات أقوى من الماضي بين القاهرة وواشنطن، مثنياً على جهود الرئيس السيسي والوساطة والجهود المبذولة لوقف القتال في قطاع غزة العام الماضي، فضلاً عن سعي الرئيس السيسي لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، فيما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه نظيره الأمريكي، جو بايدن في مدينة شرم الشيخ على عمق العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، مضيفاً أن مصرأطلقت إستراتيجية لحقوق الإنسان ولديها لجنة للعفو الرئاسي للنظر في القوائم التي تستحق الإفراج، كما أطلقت أيضا مبادرة للحوار الوطني، وأرى أن ما قاله الرئيس السيسي يؤشر إلى أن مصرتشيد الجمهورية الجديدة بفكر واعِ وقلب مفتوح للتعاون مع جميع دول العالم.
أحمد الشامي
Aalshamy610@yaho0.com