الوطن
لؤي الخطيب
لا تنمية بدون استقرار.. لا خير بدون أمان

بلسان مصري مبين يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة بغداد للتعاون والشراكة، دعم مصر الكامل لترسيخ الأمن والاستقرار في العراق.. هي ليست رؤية حصرية على العراق، بل هي سياسة مصرية اتبعتها القاهرة تتمركز حول ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة -أي دولة- واعتبار الاستقرار بوابة لكل خير يمكن أن يأتي للأمة، أي أمة.

التاريخ والواقع يؤكدان دقة هذه الرؤية، فما رأت أي دولة في منطقتنا خيرًا قط وهي تعاني ويلات الاضطراب وانهيار مؤسسات الدولة.

ولو نظرنا في الواقع المصري، سنجد الرؤية تتحقق بحذافيرها، يتجلى ذلك في مفارقة بسيطة:

في غضون شهور فقط وبسبب الاضطرابات التي حدثت في مصر خلال أعوام 2011 و2012 و2013، انهار الاحتياطي الأجنبي إلى 13 مليار دولار في بدايات 2013 هبوطا من نحو 36 مليار دولار عام 2011.. أي فقدان ما يقرب من 23 مليار دولار ودون أزمة عالمية..

بينما 3 أعوام من كورونا وتأزم سلاسل الإمداد والتوريد والأزمة الروسية الأوكرانية، خفضت الاحتياطي من 45 مليار دولار إلى 33 مليار دولار، أي أننا فقدنا 12 مليار دولار فقط..

تخيل أن الاضطرابات الداخلية أقوى وأشد تنكيلا من الأزمة العالمية!

تقول منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، إن مصر شهدت في أول 9 أشهر من عام 2022 أعلى نسبة نمو في صادرات الغاز المسال ضمن الدول العربية، بزيادة نصف مليون طن عن نفس الفترة في العام السابق..

استطاعت مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي عام 2018 بسبب اكتشافات الغاز ولا سيما حقل ظهر، ومن ثم بدأت تصدير الفوائض..

لم يكن لأي من ذلك أن يحدث لولا وجود مؤسسات مستقرة استطاعت التخطيط وضمنت الاتفاق وتنفيذه مع الشركات الأجنبية..

في مطلع الأسبوع، افتُتح مركز التصنيع الرقمي في مصنع المحركات بحلوان، التابع للهيئة العربية للتصنيع.. يكفل المركز لمصر توفير احتياجاتها بشكل شبه كلي من الطلمبات، بعد أن كانت نسبة الاكتفاء الذاتي نحو 10%.. ما يعني خفض فاتورة الاستيراد وفتح المجال أمام التصدير مستقبلا..

يبدو بندا بسيطا

لكن هذا المركز يأتي ضمن سياسة توطين مستمرة تقوم على تنفيذها الدولة المصرية خصوصا عبر مبادرة "ابدأ" لإحلال المنتج الصناعي المحلي محل الواردات..

عشرات الشركات الدولة اتفقت مع الدولة المصرية خلال الأسابيع الماضية على ممارسة نشاطها محليا.. وكل ذلك تحت مظلة التوطين..

لماذا أتينا إلى هنا؟

دعني أذكرك.. نحن نتحدث عن أهمية استقرار مؤسسات الدولة.. هل يمكن لدولة مضطربة أن تفكر في سياسة مثل التوطين؟ هل يمكن للشركات الأجنبية أصلا أن تضخ أموالا في دولة غير مستقرة؟

في مصر والعراق وسوريا وليبيا والسعودية والإمارات والولايات المتحدة وروسيا وجنوب إفريقيا.. وكل دولة على كوكب الأرض، لا تنمية بدون استقرار، لا خير بدون أمان.. الحفاظ على مؤسسات الدولة واجب وطني..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف