احمد الشامى
أقول لكم «الرئيس أمام قمة بغداد 2»: مصر عوناً للعراق في إعادة الإعمار
أقول لكم
«الرئيس أمام قمة بغداد 2»: مصر عوناً للعراق في إعادة الإعمار
يكتب المنتصرون العاشقون لأوطانهم التاريخ، لايخافون في الحق لومة لائم، أو شائعة خائن، يحملون المشكلات فوق أكتافهم مهما كانت صعوبتها ولا يدخرون جهداً لحلها، من السعودية إلى أمريكا ومنها إلى الأردن شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في ثلاث قم دبلوماسية مهمة خلال الساعات الماضية، يناقش الملفات الشائكة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط عموماً ومصر خصوصاً ويعرض موقفنا ورؤى التعاون والشراكات مع جميع دول العالم الساعية إلى البناء والتنمية والاستقرار، وأمام قمة «بغداد للتعاون والشراكة« التي عُقدت بالأردن بحضورممثلي الأردن والعراق ودول الجوار بالإضافة إلى مصر وفرنسا تحدث الرئيس بوضوح في العديد من الأزمات ووجه رسائل لشعوب دول المنطقة خصوصاً العراق داعياً إلى العمل الثنائي والتكاتف للانتصار في الحرب على الإرهاب الذي تسبب في تراجع معدلات التنمية بالمنطقة العربية خصوصاً في العراق التي واجهت الفكرالمتطرف والعنف، وويلات صراعات وحروب طويلة الأمد فى سياق لم يخل من تدخلات خارجية على نحو أثقل كاهل العراقيين وارتدت آثاره إلى كل شعوب المنطقة، مؤكداً أن سيادة العراق وأمنها وعروبتها واستقرارها خطوط حمراء، إذ لا يمكن العبث في هويتها، وأن مصر ستكون عوناً للعراق في إعادة إعمارها من أجل استعادة مكانتها التاريخية، ودورها العربى والإقليمى الفاعل، من خلال استكمال الاستحقاقات الدستورية، وكانت رسائل الرئيس واضحة إذ دعا إلى العمل المشترك وصولاً لمرحلة جديدة من الشراكة من خلال تعزيز العمل فى أطرالتعاون الثنائى، أو المتعدد، كآلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن.
حدد الرئيس خلال كلمته أمام المؤتمر، خطة بناء وتنمية دول المنطقة التي عانت من ويلات الصراعات والخلافات مستلهماً التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب الذي عانت منه خلال العقود الماضية، مؤكداً أن تحقيق الاستقرارالكامل له متطلبات لا غنى عنها تبدأ بتعزيز دورالدولة الوطنية الجامعة وتمكين مؤسساتها من الاضطلاع بمهامها فى حفظ الأمن، وإعلاء سيادة القانون، والتصدى للقوات الخارجة عنه، وصون مقدرات وثروات الشعوب، وهوما سيوفرالمناخ المناسب، لدفع الاقتصاد والتنمية المستدامة، ويقيني أن كلمات الرئيس جاءت بمثابة رسالة تحذير لكل من تسول له نفسه التدخل في الشئون الداخلية للعراق أو محاولة طمس هويته العربية، إذ إن العراق دولة عربية عريقة تشهد الأيام أنها كانت دائماً ولازالت تمثل دعماً وسنداً لأمتها العربية وكثيراً ما قدمت المساندة لكافة الشعوب العربية طوال تاريخها الطويل، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن تترك وحيدة في أزمتها الحالية وسط صراعات داخلية لا تتوقف ما قد يؤدي إلى تقسيمها في ظل محاولات البعض إثارة النعرات الطائفية كمقدمة لتفتيتها أو السماح لقوى خارجية بالتدخل فيها وهو ما ترفضه مصر وتحرص على عدم تنفيذه حفاظاً على وحدة دولة العراق وتاريخها إذ تشمل حالياً أراضي حضارة بلاد ما بين النهرين القديمة، التي نشأت بين نهري دجلة والفرات، إذ تأسست المملكة العراقية الهاشمية كأول كيان عراقي بموجب الاتفاقية البريطانية العراقية 1922، حتى قيام الجمهورية العراقية عام 1958 وتولى حكم الجمهورية عدة رؤساء كان آخرهم صدام حسين للفترة 1979-2003، وفي هذه الفترة وقعت الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الثانية، وقد خلع صدام حسين في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003، وفي أعقاب الغزو حصل تدهور سياسي للوضع وإضطرابات طائفية في الفترة 2006-2007، حيث كان العراق على شفا حرب أهلية، وفي عام 2011 غادرت القوات الأمريكية البلاد، وبدأت الصراعات تندلع في البلد العربي حتى صارت أكثر استقراراً الاًن.
إن الرئيس لا يتوقف عن توفير كافة السبل لتطوير الاقتصاد، وجاء قانون إنشاء صندوق تابع لهيئة قناة السويس لتنميتها في هذا الطريق، لكن مصر التي تتعرض لشائعات لا تتوقف طالت القانون الذي وافق عليه مجلس النواب والمقدم من الحكومة لتعديل قانون هيئة قناة السويس، بهدف إنشاء الصندوق الذي يهدف إلى المساعدة على تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة، التي تحدث نتيجة أي ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية، إلا أن إعلام جماعة الإخوان الإرهابية لم يتوقف عن بث الشائعات لتسميم أفكار المواطنين بأن هذا الصندوق سيفتح الباب لبيع قناة السويس، ونسى هؤلاء الاَفاقون المرتشون أن هذا القانون يسعى لتمكين الهيئة من القيام بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك إسهام الصندوق بمفرده أو مع الغير، في تأسيس الشركات أو في زيادة رؤوس أموالها والاستثمار في الأوراق المالية، كما يستهدف القانون تمكين الصندوق من شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها في وقت حققت القناة عوائد في العام الماضى بلغت 6 مليارات دولار، ارتفعت في العام الجارى إلى 7 مليارات و932 مليون دولار، ويتوقع في العام المقبل تحقيق عائد يزيد على 8 مليارات دولار، ولذا فأن الأموال المودعة في الصندوق ستسهم في جذب الاستثمارات، وتنمية الموارد، وإقامة مشروعات وشركات تسهم في تنمية واستثمارعوائد القناة وليس بيعها كما يروج البعض، وعلى الجميع أن يفرق بين القناة نفسها والهيئة، إذ إن القناة ممر مائي ملاحي عالمي وتعتبر بمثابة كنز مصرالأول الذي استشهد خلال حفره 120 ألفاً من أجدادنا بسبب المرض والجوع والعطش ولا يمكن لأي شخص التفريط فيه، أما الهيئة والصندوق المزمع إنشاؤه فهو يستهدف الاستثمار وهو ما تسعى إليه جميع دول العالم.
يحرص الرئيس السيسي، على متابعة كل ما يدور فوق أرض مصر من شأنه أن يسهم في تنمية البلاد وجاء اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمهندس محمود مصطفى وزير قطاع الأعمال العام، قبل أيام للاطلاع على خطة إصلاح وتطوير شركات قطاع الأعمال العام، وحسن إدارة الأصول التابعة لها، ووجّه الرئيس بمواصلة جهود تطويرشركات قطاع الأعمال العام بكافة مكوناته، بما في ذلك تأهيل وتدريب القدرات المهنية والفنية، في ضوء أهمية وقيمة قطاع الأعمال العام في المساهمة في عملية التنمية الشاملة، وبما يمتلكه من أصول عديدة ومتنوعة على مستوى الجمهورية تستوجب حسن إدارتها واستثمارها كموارد مملوكة للدولة، بما يعظم المردود الناتج عنها لصالح الاقتصاد الوطني، وكثوابت أساسية لصون المال العام، وأرى أن قطاع الأعمال يمكن أن يكون شريكاً إستراتيجياً للقطاع الخاص في تطويرالشركات العامة والخاصة وإقامة قلاع صناعية حديثة قادرة على إحداث نقلة نوعية في الإنتاج الصناعي المصرى قادرعلى النفاذ للأسواق العالمية، وكذلك الاستثمار في زيادة مساحة الأراضي الزراعية بما يسهم في زراعة الكثير من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية خصوصاً القمح، فضلاً عن التصدير والدخول في مجالي الصحة والتعليم لتقديم خدمات جديدة تتواكب مع التقدم الذي تشهده هذه المجالات خلال السنوات الأخيرة.
إن مصرتتأهب لعبورعنق الأزمة الاقتصادية العالمية خلال الأسابيع المقبلة عقب موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر قرض بقيمة 3 مليارات دولار ضمن برنامج يمتد لـ 46 شهراً، ما يتيح لها الحق في الحصول على تمويلات إضافية أخرى بقيمة 14 مليار دولارمن شركاء إقليميين ودوليين وتالياَ تحسين الوضع الاقتصادي نتيجة ضخ المزيد من الاستثمارات الأجنبية بعد تأكد رجال الأعمال من قوة ومتانة الاقتصاد المصري بفضل موافقة الصندوق على القرض والتي تعتبر بمثابة »شهادة ثقة« وعبور مصر إلى عام 2023 بقدرات جديدة تتصدى لمحاولات الهيمنة والسيطرة من جانب الاقتصادات الكبرى على الدول الناشئة، إذ ستحصل مصرعلى قرض اًخربقيمة مليار دولار من الصندوق من ضمن 30 مليار خصصها لمساعدة الدول التي تأثرت اقتصادياً بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتحتاج إلى سيولة مالية على أن يسدد خلال 20 عاماً بفترة سماح 10 سنوات، ولم يكن غريباَ أن يوصي البنك الدولي الحكومة بتعزيزشبكات الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة الأكثرإحتياجاَ وهو ما تنتهجه الدولة بالفعل في ظل البرامج الرئاسية التي تعلن عنها الحكومة كل عام مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة وغيرها من المبادرات في المجالات كافة، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى المضي قدما في إصلاحات اقتصادية هيكلية من شأنها أن تعيد التوازن إلى السوق وثبات سعر صرف العملات الأجنبية وسط عالم يعاني من اضطرابات اقتصادية عالمية كبيرة، فضلاَ عن وضع خطط تقود الدولة لنموشامل بقيادة القطاع الخاص وصولاَ إلى خفض التضخم وتعزيز الحوكمة والشفافية ما يساعدعلى تلبية احتياجات ميزان المدفوعات وتقديم الدعم للموازنة.
تضمن بيان البنك الدولي أشادة كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة ورئيسة المجلس التنفيذي للبنك، بالاقتصاد المصري، مؤكدة أنه اتسم بالصلابة وأظهرمرونة في مواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد بدعم البرامج السابقة من الصندوق حتى حقق إنتعاشاً في العام الماضي، وأرى أنه يمكن القول إن أهمية القرض جاءت من توقيت الحصول عليه إذ يعتبر بمثابة وسيلة مرورمن عنق الأزمة التي بدأت مع تفشي جائحة كورونا قبل ثلاث سنوات وإمتدت حتى الاَن نتيجة إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إذ سيسهم في التحول إلى نظام جديد لسعر صرف مرن للجنيه يمكنه من إمتصاص الصدمات الخارجية وبناء جمهورية جديدة قادرة على الاستغناء عن الإقراض والاعتماد على اقتصاد وطني منتج يتيح مساراً تنازلياَ للدين العام وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وفتح الطريق أمام إقامة المشروعات الاستثمارية الوطنية لتحقيق الاستقرارالاقتصادي تحت ظل التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن ودعم من تشديد السياسة النقدية مقدماً خصوصاً أن سياسات مصر الاقتصادية اتسمت بالحكمة والإصلاحات الهيكلية نتيجة الدعم الذي حصلت عليه من البرامج السابقة ومساندة القيادة السياسية لحزمة الإصلاحات كانت بمثابة عوامل مهمة لتخفيف لتحقيق أهداف البرنامج المدعوم من الصندوق، إذ من المتوقع أن تتخذ مصر عدداً من التدابير التي تتضمن توسيع نطاق التحويلات النقدية من المصريين في الخارج، فضلاً عن تقديم المزيد من الدعم لبرامج برنامج تكافل وكرامة لتغطي خمسة ملايين أسرة إضافية، وتعميم نظام التأمين الصحي الشامل، فضلاً عن تقديم الدعم للأسرالأكثر إحتياجاً خصوصاً حملة بطاقات التموين.
وضعت الدولة العديد من الخطط لتدعيم القطاع الخاص ليقود قاطرة التنمية وهذا ليس جديداً لكنه بات طريقاً لا مفر منه للوصول إلى الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التقدم الشامل ولذا تشكل وثيقة سياسة ملكية الدولة خطوة مهمة على مسارالإصلاح، إذ تنظم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص عبرالأنشطة الاقتصادية المختلفة وتعزيزسياسة المنافسة وتحسين العمليات المرتبطة بالتجارة، كما تعزز قدرة القطاع الخاص على المساهمة بشكل أفضل في النمو الاقتصادي والمساعدة على توفير فرص عمل أمام الأعداد المتزايدة من السكان، خصوصاً أن جانباً كبيرا من القروض سيضخ في الأسواق وتالياً يمتص الطلب الكبير على العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، ما يخفض من قيمة ارتفاعه المبالغ فيه في الأسواق الموازية وسيعيد للجنيه قيمته وتوازنه كما سيدعم سد العجز في الحساب الجاري وميزان المدفوعات، ويساعد على حماية الجنيه من المزيد من الانخفاض. أمام العملات الأجنبية والعربية.
وأقول لكم، إن مصر الناهضة تسيربخطى سريعة في طريق التنمية ولن يوقفها أحد، إذ تحرص مصر على الاهتمام بالتعليم والصحة والصناعة والتصدير لرفع معدلات النمو الاقتصادي وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية من أجل القضاء على الفقر، ووضعت الدولة استراتيجية للتنمية المستدامة حتى تصل ثمار التنمية إلى جميع المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم من خلال القضاء على الفقر وتطويرالتعليم والصحة والخدمات الأساسية من خلال تحديث القرى عبر مبادرة حياة كريمة، إذ يتم توصيل المياه والصرف الصحي،الكهرباء ، المواصلات، وتوفير المسكن الملائم لجميع المواطنين، فضلاً عن تطوير البنية التحتية الرقمية وعبور ما خلفته الأزمات العالمية المتعددة والمتزامنة مثل جائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية والصراعات الأخرى التي من نتائج أدت إلى تراجع معدلات التنمية في غالبية دول العالم، لكن مصر سارت في الاتجاه الصحيح لتحقيق أهداف التنمية ويقيني أنها نجحت في ذلك إلى حد كبير.
أحمد الشامي
Aalshamy610 @ yah00. com