اليوم السابع
عادل السنهورى
كأس العالم للقمامة
كأس العالم للقمامة

الموضوع حقيقي وجاد فعلا، وليس به أو عليه أي نوع من الفكاهة والسخرية، فاليابان أو "كوكب اليابان"- كما يحلو للبعض استخدام هذا المصطلح عند الكتابة عن الدولة الصديقة- قررت تحويل رياضة شعبية تم اختراعها وابتكارها لأول مرة في المدن اليابانية عام 2008 الى مسابقة عالمية أو كاس العالم.

الـ"سبو جومي" هو اسم الرياضة الشعبية في اللغة اليابانية وترجمتها بالعربية "رياضة جمع القمامة".. الحكومة اليابانية بالتأكيد لا تعاني من أزمة حقيقية في استخدام قمامتها وتدويرها وتوظيفها في الصناعات الوطنية، ثم تصديرها إلى الخارج وإلى دول تعانى فى الأساس من أزمة قمامة، تشكل معضلة حقيقية في حياة شعوبها.

ومع ذلك قررت منذ 15 عاما إطلاق لعبة شعبية في الشارع الياباني لجمع القمامة وفرزها، ثم تدويرها أو حرق ما ليس له جدوى. اللعبة تحولت إلى دوري جمع القمامة بين الشعب الياباني وفق لمعايير وضوابط اللعبة. المثير في الأمر أن اللعبة اكتسبت شعبية كبيرة، وتم دمجها ضمن المناهج التعليمية، حيث تتماشى مع الثقافة اليابانية العامة.

ومع تحقيق اللعبة لأهدافها في الداخل رأت اليابان تعميم اللعبة على المستوى العالمي، واستفادة باقي الدول من تجربتها المثيرة، وتنظيم النسخة الأولى لكأس العالم لجمع القمامة، وقررت دعوة 20 دولة للمشاركة في الكأس المقرر انطلاقها في نوفمبر المقبل، ومن الدول المشاركة الولايات المتحدة الأميركية وكندا وجنوب أفريقيا والهند وأندونيسيا وماليزيا وتايلاند والفلبين.

المسابقة تستمر لمدة ساعة واحدة فقط، ويضم كل فريق دولي ما بين 3 إلى 5 لاعبين، يتحتم عليه جمع القمامة وفرزها، وفق ما يمكن حرقه أو إتلافه أو إعادة تدويره.

وسوف يتم منح جمع أعقاب السجائر أعلى النقاط، ومن شروط المسابقة الدولية هو عدم الركض خلال المسابقة، وأخذ القمامة من الممتلكات الخاصة أو المطاعم، أو أماكن تعرض المتسابقين للخطر، كالسكك الحديدية. اللعبة بشكل أساسي تهدف إلى حماية المحيطات من التلوث.

المفارقة في الخبر الذي اهتمت به وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية العالمية وحاز على أكبر قدر من القراءة هو أن اليابان قررت دعوة مصر للمشاركة في هذه الكأس العالمي.

ربما يتعامل البعض، وحسب القول المأثور والمعروف بأن الشعب المصري "ابن نكتة"، بنوع من السخرية والتعليقات الطريفة. لا مانع لكن الدعوة مهمة للغاية وربما تفيدنا في مواجهه أزمة القمامة في مصر والتي مازالت محل بحث للاستفادة منها

ويكفي أن نعرف أن حجم إنتاج مصر السنوي من القمامة عموما حوالي 90 مليون طن، منها 26 مليون طن مخلفات صلبة، أي ما يقرب من ثلث إنتاج مصر من المخلفات، وما يتم تدويره حوالي 20% من الكميات المتولدة.
ويتم تجميع الجزء الأكبر منها بنسبة 58% من مخلفات الشركات العاملة فى القطاع الخاص، ونحو 23% من مخلفات المنازل، و19% من مخلفات القطاع العام. من خلال 3 وسائل لتجميع المخلفات، هي الشركات المرخصة، والطريقة غير الرسمية، وهى «النباشون»، والطريقة الثالثة فى جامعي المخلفات الإلكترونية مباشرة مثل المولات والأماكن التي تجمع المخلفات وفقًا لتصنيفها المخصص.

الحكومة المصرية ومنذ أكثر من 3 أعوام أعلنت أنها تستهدف إقامة 56 مصنعاً متخصصا في إعادة تدوير المخلفات بكافة أنواعها .. ويعمل من هذا العدد حالياً 28 مصنعاً بهدف التخلص الآمن من هذه المخلفات
اللافت في المسألة أن الصين تستورد من مصر أكثر من 12 مليون طن قمامة، نصفها مخلفات بلاستيكية بقيمة 3 مليارات جنيه سنويا. لكن ماذا تفعل الصين بقمامتنا؟ والإجابة بسيطة- كما يؤكد الخبراء- "تعيد تصنيعها ملابس رياضية ولعب أطفال وتصدرها بعد ذلك إلى مصر بأسعار خيالية".

كأس العالم لجمع القمامة في اليابان فرصة حقيقية للاستفادة من كنز وثروة مهدرة في مصر يمكنها توفير مليارات الجنيهات لخزينة الدولة إضافة الى الفوائد البيئية والصحي.. كنز اسمه القمامة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف