احمد الشامى
أقول لكم «الأرقام لا تكذب»: «السياحة تنتعش .. والطروحات تزدهر»
«الأرقام لا تكذب»: «السياحة تنتعش .. والطروحات تزدهر»
لا يبنى مجد الأمم إلا على دماء الشهداء الذين ضحوا من أجل بناء الوطن، بعد أن وضعت الحرب على الإرهاب أوزارها الذي ظل أخطرالتهديدات التي تواجه الدولة منذ ثورة 30 يونيو، وأعلنت الانتصارنتيجة التكاتف بين الشعب والجيش والشرطة الذين تصدوا بشراسة لعنف جماعة الإخوان وتنظيمتها الدموية عبرمواجهة أمنية وفكرية، بدأت مرحلة التنمية الشاملة التي واجهت تحديات كثيرة نتيجة قلة الموارد وصغر مساحة الأرض الزراعية، ولذا تأكدت الدولة أن تطويرالسياحة وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال إفساح المجال للقطاع الخاص الطريق إلى تحقيق التنمية السريعة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على العالم كله، وجاءت الأخبار السعيدة قبل أيام عندما أعلنت وزارة السياحة أن مصراستقبلت في النصف الأول من العام الجاري 7 ملايين سائح، وهو ما يعد الأعلى في تاريخها خلال هذه الفترة، وسط توقعات بأن يصل العدد إلى 15 مليون سائح بنهاية عام 2023 وهو رقم لو تعلمون عظيم، ستسهم عوائده في مواجهة أزمة النقد الأجنبي التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية، وموجة التضخم العالمية، وقدرت نمو عدد السياح القادمين إلى مصرفي العام المقبل بنحو 18 مليون سائح، بعدما سجلت مصرأعلى معدل للسياحة في عام 2010 إذ بلغ 14.7 مليون سائح، ومن حسن الطالع، أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أعلنت عن انطلاق الدورة الأولى من مهرجان العلمين، الذي سيسهم في تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، إذ يستهدف مليون سائح وإدراج المدينة على خريطة السياحة العالمية من خلال الفاعليات الثقافية والفنية من خلال مشاركة نجوم كبار من أنحاء العالم سيشاركون في المهرجان الذي سيستمرلمدة شهر ونصف الشهر، ولذا هناك عدد من القواعد لبناء الدول.
القاعدة الأولى تقول، إن لغة الأرقام لا تكذب، لكن إعلام الجماعة الإرهابية ينشرأرقاماً م مُضللة حتى يشعر المواطنون بالإحباط، في الوقت الذي بدأت فيه السياحة تنتعش لتدرعملات أجنبية على خزينة الدولة، بدأ برنامج الطروحات الحكومية الذي أعلنت الحكومة عنه ويستهدف تحصيل 2 ملياردولارمن خلال طرح عدد من الأصول التي تمتلكها الدولة للشراكة مع القطاع الخاص يزدهر، إذ أعلنت الحكومة أخيراُ عن التخارج من 32 شركة لصالح القطاع الخاص بانتهاء النصف الأول من العام الجاري بقيمة نحو 2 مليار دولار، وبالفعل تم تحقيق عقود مع القطاع الخاص بإجمالي 1.9 مليار دولار، هي قيمة تخارج الدولة من عدد من الشركات، تم تنفيذها بالفعل، منها حصيلة دولارية بقيمة 1.6 مليار دولار، والباقي سيتم تحصيله بالجنيه المصري، وخلال الفترة المقبلة سيتم الإعلان عن مجموعة أخرى تتجاوز المليار دولار، إذ إن ملف الطروحات أصبح مرتبط بوثيقة سياسة ملكية الدولة التي تم الإعلان عنها لتجاوز أزمة النقد الأجنبي، في الوقت الذي عملت فيه الحكومة على دعم قطاع السياحة، إذ تجاوزنا 7 ملايين سائح خلال النصف الأول من العام الجاري لأول مرة، ونستهدف 15 مليون سائح بنهاية العام الجاري، كما أن وضعت الحكومة خطة لأن تزيد عائدات السياحة بمعدل 20% كل عام، بالتزامن مع تزايد ايرادات قناة السويس والتي حققت 9.4 مليار دولار بنهاية العام المالي 2023، بالتزامن مع زيادة تحويلات المصريين بالخارج، وإعلان البنك المركزي عن أوعية إدخارية دولارية لتشجيع عودة تحويلات المصريين الدولارية بنسبة كبيرة، وتعزيز الصادرات السلعية وتخصيص ما يقرب من 30 مليار جنيه لدعم أعبائها خلال الفترة القادمة، فضلاً عن صرف 10 مليارات جنيه لدعم الصادرات، وحققت الصفقات التي تمت في إطار برنامج الطروحات الحكومية خلال الفترة الأخيرة 1.741 مليار دولار.
القاعدة الثانية في بناء الدول، أن الأعمال العظيمة لا تتم بالقوة لكن بالمثابرة وقوة الإرادة والمواجهات الصعبة تبني الأمم القادرة على عبور الأزمات مهما كانت، ولذا فأن من بين الطروحات التي أعلنت عنها الحكومة ترسية زيادة رأس المال كحصة أقلية في الشركة الخاصة بمجموعة من الفنادق المملوكة للدولة في إطار تحالف مصري أجنبي ما أدى لزيادة رأس المال بنسبة 37% من الشركة بحصة قيمتها 700 مليون وستنعكس زيادة رأس المال في شكل تطوير ورفع كفاءة عدد من الفنادق، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي زيادة عدد السائحين ضمن هدف الوصول إلى 30 مليون سائح سنوياً، والطرح الثاني يتمثل في طرح حصص في 3 شركات تراوحت النسب بين 25 و30% بقيمة صفقات 800 مليون دولار، والطرح الثالث يتمثل في طرح 31% من إحدى الشركات لمستثمر استراتيجي، بقيمة 241 مليون دولار 60% منها بالدولار و40% بالعملة المحلية، إضافة إلى طرح حصتين من شركتين والتي تم إعلانها من قبل، في الوقت الذي تخطط فيه الدولة للتحرك على مدار السنوات الثلاث المقبلة في كافة المسارات لزيادة الصادرات السلعية بنسبة 20% في السنة، والسياحة بـ 20%، وتحويلات المصريين بالخارج بنسبة 10%، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 10% وحصيلة قناة السويس بنحو 10% سنوياً، وخدمات التعهيد والخاصة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة 10%، بهدف زيادة حصيلة الإيرادات الدولارية بنحو 70 مليار دولارخلال السنوات الثلاث المقبلة، لتتمكن الدولة بحلول عام 2026 من أن تصل الإيرادات الاجمالية للدولة المصرية من العملة الصعبة إلى حدود 191 مليار دولار، بينها 88 مليارا صادرات سلعية، و 20 ملياراً إيرادات سياحية و45 ملياراً تحويلات المصريين بالخارج، و13 مليار دولار استثمار اجنبي مباشر، و 17 ملياراً عائدات قناة السويس وقطاع الخدمات البحرية التي تم التوسع فيها، ونحو 9 مليارات دولار من خدمات التعهيد، إذ تُعد مصر مركز عالمي لصناعة تكنولوجيا المعلومات والخدمات القائمة عليها وكذا الخدمات المُعتمدة على الابداع التكنولوجي وتعتبر موطنًا للشركات متعددة الجنسيات والرائدة عالمياً المتخصصة في تقديم خدمات تعهيد نظم الأعمال وتكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم.
القاعدة الثالثة، أن القادة يفكرون ويبحثون دائماً عن الحلول التي تسهم في عبورأوطانهم للأزمات مهما كانت صعوبتها، وتجئ زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، قريباً لأنقرة بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان، في 27 يوليوالجاري، بحسب وسائل إعلام تركية، والتي تعتبرالأولى له منذ شغل منصب رئيس للجمهورية، بعد أيام فقط من إعلان الدولتين رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء، إذ رشحت مصر السفيرعمرو الحمامي سفيراً لها في أنقرة، فيما رشحت تركيا السفير صالح موتلو سفيراً لها في القاهرة تنفيذاً لقرارمن رئيسي البلدين بهدف تأسيس علاقات طبيعية بينهما من جديد، كما تعكس عزمهما المشترك على العمل نحو تعزيزعلاقاتهما الثنائية لمصلحة الشعبين المصري والتركي وسط عالم يموج بالتقلبات والصراعات والتكتلات الجديدة، إذ تسعى الدولتان إلى تعزيزالعلاقات التجارية بين البلدين تزامناً مع تطوير العلاقات السياسية التي يتوقع أن تشهد طفرة ترسم خريطة طريق جديدة للتعاون التاريخي بين الشعبين وعلى القواسم المشتركة بينهما، والتي انطلقت منذ القرن السادس عشر الميلادى واستمرت ما يزيد على 400 عام من التعاون ما يسهم في تنشيط العلاقات الاقتصادية، وتدفق الاسثمارات التركية إلى مصر من خلال تأسيس مشروعات مشتركة بالتزامن مع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الدولتين.
سجل حجم التبادل التجاري بين الدولتين وفقاً لإحصائيات اقتصادية تركية، خلال عام 2022، نحو 9.7 مليار دولار بعد أن سجلت الصادرات التركية لمصر نحو 4.5 مليار دولاربينما تجاوزت الصادرات المصرية لتركيا 5 مليارات دولار وتالياً يميل الميزان التجارى لصالح القاهرة وهو مؤشر إيجابى ودليل على قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ سيسهم ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في إطار تنفيذ قرار رئيسي البلدين إلى مزيد من التعاون في إطارعلاقات طبيعية من جديد لمصلحة الشعبين خصوصاً في ظل توقعات أن يشهد ملف تسليم الإخوان الهاربين في تركيا إلى مصرتطوراً جديداً وهذا ما ظهرجلياً في رفض الحكومة التركية منح الجنسية والإقامة للداعية المصري وجدي غنيم، الموالي للإخوان، ما اَثارتساؤلات حول مستقبل الإخوان في إسطنبول، وأرى أن التقارب بين البلدين سيكون بمثابة ضربة قاصمة لعناصر التنظيم الإرهابي بعد أن ظهروجدي غنيم ظهرفي تسجيل مصور نشره على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، قال فيه إنه حزين بسبب رفض السلطات التركية طلبه في الحصول على الجنسية الذي تقدم لها منذ تسعة أعوام، أن السلطات التركية رفضت تصريح الإقامة الذي طلبه على أمل أن يتحرك بحرية ويتلقى العلاج، مضيفاً "لن أتمكن من العيش هنا بعد الآن، وحالياً أبحث عن بلد جديد لأعيش فيه"، ويقيني أن وجدي غنيم سيكون البداية وسيلحق به في الهروب الكبير الكثيرمن عناصر الجماعة الإرهابية خصوصاً من يعملون في إعلام الشائعات والفتن خصوصاً أن السلطات التركية ترى أن غنيم وغيره من أعضاء الجماعة المقيمين لديها شخصيات عنيفة ومريبة فضلاً عن أنها مثيرة للجدل، ولذا تسعى لتصفية الإخوان على أراضيها.
القاعدة الرابعة، أن التقارب بين أي دولتين لابد أن تكون له ثمار، ولذا فالتقارب المصري التركي سينعكس سلباً على أعضاء الجماعة في تركيا الذين تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية وتصريح الإقامة منذ فترة، خصوصاً بعد رفض طلب وجدي غنيم وعدد من عناصر إعلام الفتنة مثل هشام عبدالله وحسام الغمري بسبب اطلاق الشائعات وإهانة شعب مصر، فضلاً عن أن بعضهم متهم في قضايا عنف في مصر، كما أن وجدي غنيم الملقب بـ"خطيب الإخوان" سبق أن أثار أزمة دبلوماسية بين تركيا وتونس عام 2017 عندما انتقد البرلمان التونسي والرئيس التونسي آنذاك قايد السبسي في مقطع مصور نشره على "يوتيوب"، وفي عام 2017 قضت محكمة مصرية على وجدي غنيم وبعض أعضاء الإخوان بالإعدام بعد إدانتهم بإنشاء ما يسمى "خلية وجدي غنيم" للقيام بأعمال إرهابية في مصر، وهو ما سيجعل العلاقات المصرية التركية تشهد تطوراً كبيراً بعد أن قطعت تركيا ومصرخطوات كبيرة في عملية إعادة العلاقات بينهما.
وأقول لكم، إن العلاقات بين مصر وتركيا دخلت مرحلة التوهج عندما أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهنئته بفوزه في الانتخابات الرئاسية واتفقا على "رفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء"، وفي فبراير الماضي اتصل الرئيس السيسي هاتفياً بأردوغان تضامناً مع أنقرة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا، وكل ذلك عقب المصافحة بين الرئيسين خلال المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطرنهاية العام الماضي، ولذا من المتوقع أن تفرض تركيا قيوداً على الجنسية وتصاريح الإقامة لأعضاء الإخوان في ظل التفكير في سحب الجنسية التي حصل عليها أعضاء التنظيم، إذ إن رفع العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة وقرار تعيين سفراء زاد من مخاوف الإخوان في شأن مستقبل وجودهم في إسطنبول، بحيث بدأ بعضهم يفكر في اللجوء إلى بلدان أخرى، بينما سيضطرآخرون للعمل في سرية حماية لأعمالهم المشبوهة فيما عملت تركيا على وقف الدعاية السوداء وإطلاق الشائعات ضد قيادات الدولة في مصر من جانب وسائل الإعلام وقنوات الإخوان في إطار التقارب مع القاهرة منذ 2021، وأعلنت قناة "مكملين" الفضائية، إحدى القنوات الثلاث التابعة لجماعة الإخوان التي تبث من إسطنبول في 2021 أنها ستوقف بثها نهائياً من تركيا، كما دعت السلطات التركية إلى وقف البث من أراضيها بشكل كامل، أو وقف البث الاستفزازي ضد مصر من قبل القنوات الموالية للإخوان التي تسهم في بث الفتنة ضد مصر، وجاء ذلك بسبب عدم الامتثال لـ"اتفاق أخلاقيات الإعلام" المعمول به في تركيا، وهو ما يؤسس لبدء علاقات سياسية واقتصادية جديدة بين الدولتين.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com