احمد الشامى
أقول لكم «تنمية الأسرة المصرية.. من هنا نبدأ»
«تنمية الأسرة المصرية.. من هنا نبدأ»
بدأت الدولة في مواجهة الزيادة السكانية بأساليب حديثة من خلال منح الأسرالمصرية المزيد من الحوافز لإقناعها بضرورة تقليل تخفيض عدد الأطفال، إذ وقعت أخيراً وزارتا التخطيط والتنمية الاقتصادية والمالية، برتوكول تعاون بشأن برنامج الحوافز المالية بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، إذ ستقوم المالية بإنشاء حساب لصالح المشروع القومي، ضمن حساب الخزانة الموحد، ويحمل رقماً محدداً ويسمى»حساب المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية«، إذ تدخر من خلاله 1000 جنيه سنوياً لكل إمرأة متزوجة لديها طفلان بحد أقصى، ويستحق المبلغ المتراكم لها عند بلوغها 45 عاماً، بشرط التزامها بجميع شروط المشروع والمتابعة الدورية، ويسقط حقها في المطالبة بأية مبالغ مالية في حال إنجابها الطفل الثالث، وسيتم حساب المبلغ المتراكم والمستحق لكل إمرأة متزوجة لديها طفلان على أساس سنها وقت الاشتراك في البرنامج، ويقيني أن هذا الإجراء جاء في الوقت المناسب ويعتبر بداية جيدة لطرح المزيد من الحوافزللأسر، بعد أن تجاوزعدد سكان مصربالداخـل 105.020 مليون نسمة خلال شهريونيو الماضي وفقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ما يعني أن الزيادة قدرهــــا مليــــون نسمة خـلال 8 أشهر و 5 أيام أي نحو 4082 نسمة يومياً و 170 نسمة كل ساعة و ثلاثة أطفال في الدقيقة أي زيادة سكانية بمعدل فرد كل 21.2 ثانية، وهي الأكبر في العالم والتي تجئ في وقت تسعى الدولة لعبورالأزمة المالية العالمية.
تسعى الكثير من الدول إلى وقف قطار الزيادة السكانية لإعطاء الفرصة لإرتفاع معدلات التنمية حتى تكون قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الأطفال، وتعتبر التجربة الصينية لكبح جماح النمو السكاني المتسارع الأشهر في العالم، إذ فرضت عام 1978 سياسة تحظرعلى المواطنين إنجاب أكثرمن طفل فيما أطلق عليه »سياسية الطفل الواحد» ونجحت في تخفيض معدل المواليد بالبلاد وحالت دون ولادة نحو 400 مليون طفل، وتسبب هذا التحول الذي استمرعقوداً أدى إلى زيادة متسارعة في معدلات النو الاقتصادي لتصبح الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم ولذا أعلنت عام 2015 إعلان نهاية سياسة الطفل الواحد وبدأت تشجع المتزوجين على إنجاب طفلين، لكن المجتمع الصيني وصل إلى مرحلة فائقة من النمو الثقافي وبات غير مهيئاً للزواج وإنجاب أكثرمن طفل، وهو ما يؤكد أن الإعلام والثقافة خصوصاً الدينية لهم دورمهم في نشر الوعي في مصربأهمية تغييرالعادات والتقاليد القديمة التي رسخت في عقول الكثيرمن المصريين والتي كانت تزعم أن كثرة الأبناء »عزوة» بل أنهم أصبحوا مسؤولية لا تحتمل خصوصاً في حال سعى الأب والأم لتعليمهم تعليماً مميزاً في ظل الظروف الاقتصادية التي يشهدها العالم من متغيرات وخصوصاً الأزمة المالية.
تصدي الإعلام للموروثات القديمة التي تحس الناس على كثرة الإنجاب صار أمراً حتمياً خصوصاً الأمثال الشعبية مثل مقولة » يغلبك بالمال وتغلبيه بالعيال» وغيرها من أمثال الأجداد التي لم يعد لها مكاناً أو داعماً اقتصادياً في حياتنا، فالحياة صارت أكثر صعوبة ولم تداربمعتقدات قديمة لا وجود لها في عالمنا الحديث والفضاء الإلكتروني الذي ينقل حضارات الأمم والشعوب في ثوان بضغطة زر على الهاتف النقال أو جهاز الكمبيوتر، ويبدو للجميع أن دول العالم التي شيدت حضارات حديثة بدأت بالتنمية الاقتصادية قبل السماح بإنجاب أكثر من طفل، في وقت كشفت تقاريرالمجلس القومي للسكان أن المرأة المصرية تلد 3.5 طفل في المتوسط، وهو معدل أعلى من متوسط الإنجاب في العالم البالغ 2.5 طفل لكل امرأة، ولذا فأن مبادرة تنمية الأسرة المصرية التي تتضمن العديد من أساليب تطويرها حتى يتمكن المجتمع المصري من مغادرة مغارة العادات والتقاليد التي كانت تشجع على كثرة الإنجاب للعمل في المجتمعات الزراعية التي باتت تتعامل باَلات حديثة وليست في حاجة إلى أيدي عاملة كثيرة، وتالياً حان الوقت للتخلص من هذه الموروثات، بعد أن تأكد الجميع أن كثرة الأبناء ليس »عزوة »، وحان الوقت أيضاً لأن تختفي الأمثال أو الأقوال المأثورة التي تشجع على إنجاب المزيد من الأولاد أو استمرارالإنجاب حتى يأتي الولد أو من يطلق عليه ولي العهد، و لا ننسى كلمات الشاعر الراحل صلاح جاهين، البنات ألطف الكائنات، البنت زى الولد، ماهيش كمالة عدد، في الاحتمال و الجلد، مذكوره في المعجزات، والتي شدت بها المطربة سعاد حسني من ألحان كمال الطويل في مسلسل حكايات هو وهي، والذي يمثل عملاً درامياً عبقرياً ناقش قضايا المجتمع والعلاقة بين الرجل والمرأة وأثبت أن البنت تستطيع أن تنجرأي عمل يسند إليها مثل الأولاد وأن كثرة الإنجاب من أجل إنجاب الولد لم يعد لها معنى في العصر العصيب الذي نعيش فيه ويحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة لتعليم الطفل الواحد، ولذا فأن مبادرة تنمية الأسرة المصرية ستسفيد منها الكثير من الأسر المصرية ونستطيع أن نقول من هنا نبدأ.
إن مبدأ منح الحوافز للأسرالمصرية لخفض نسب الإنجاب يستحق التقدير لكنه قد يكون غير كاف لتحقيق الهدف المنشود، ولذا يتعين زيادتها على أن تتضمن مجالات عدة لأننا في حال تحقيق هذا الهدف، سنستخدم مقدرات الدولة كافة في مشروعات التنمية، خصوصاً أن البنك المركزي المصري أخيراً أعلن عن تصاعد الإيرادات السياحية بمعدل 25.7% لتسجل نحو 10.3 مليار دولار مقابل نحو 8.2 مليار دولارإضافة إلى إرتفاع كل من عدد الليالي السياحية بمعدل 26.8% ليسجل نحو 110.5 مليون ليلة وعدد السائحين الوافدين إلى مصربمعدل نحو 10 ملايين سائح وذلك خلال الأشهرالتسعة الماضية، إذ تتبنى مصر خطة طموحة لتعظيم إيرادات القطاع السياحي، من أجل الوصول إلى 30 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2028، في الوقت الذي ارتفع صافي تدفق الاستثمارالأجنبي المباشرفي مصرمسجلاً نحو 7.9 مليار دولار مقابل نحو 7.3 مليار دولار، بعد أن حققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للقطاعات غيرالبترولية صافي تدفق للداخل نحو 8.9 مليار دولار مقابل نحو 9 مليارات دولار لارتفاع صافي الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات جديدة أو زيادة رؤوس أموال شركات قائمة بمقدار 801.7 مليون دولار لتسجل نحو 3.2مليار دولار منها 187.9 مليون دولار مبالغ واردة لتأسيس شركات جديدة وارتفاع صافي الأرباح المرحلة لتسجل نحو 4.2 مليار دولار مقابل نحو 3.7 مليار دولار.
وأقول لكم، إن حجم الصادرات السلعية غير البترولية شهد ارتفاعاً خلال الربع الأول من عام 2023، عنه في الربع الرابع من عام 2022، فيما يخص عدد من السلع المتنوعة تم تصديرها في هذه الفترة، إذ بلغ 8.8 مليار دولاربزيادة تصل لـ11%، وسط توقعات أن تتجاوزالعام الجاري 40 مليار دولار، بجانب صادرات البترول التي قد تصل لـ 13 مليار دولار، وتالياً يرتفع حجم الصادرات إلى 57 مليار دولارالعام الجاري، نتيجة تبني الحكومة برامج لدعم الصادرات المصرية خلال الفترة الحالية، إضافة إلى فتح أسواق جديدة، وأرى أن زيادة دخل الدولة من السياحة والتصديروالاستثمارات إضافة إلى قناة السويس يمكن أن يسهم في زيادة معدلات التنمية خلال الفترة المقبلة والتي يمكن أن تصل إلى معدلات مرتفعة تسهم في أن يجني كل المصريين ثمارها في حال نجحت جهود كبح جماح الزيادة السكانية الكبيرة.
أحمد الشامي
Aalshamy6610@yahoo.com