احمد الشامى
أقول لكم العاصفة «دانيال»:«مسافة السكة فعلاً وليس قولاً»
العاصفة «دانيال»:«مسافة السكة فعلاً وليس قولاً»
يبدوأن مقولة «الحزن هو الوحيد الذي يولد كبيراً ثم يصغر» صحيحة إلى حد كبير، فالزلزال الذي ضرب المغرب والعاصفة الاستوائية «دانيال» التي حصدت أرواح الاَلاف في ليبيا بينهم مئات المصريين أدمت القلوب وتسببت في خسائر مالية وأضراراً ضخمة في تركيا واليونان وبلغاريا، وباتت تشكل تهديداً لدول عربية أخرى، وخلفت جراحاً ما كان لها أن تندمل، لولا توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للحكومة والأجهزة المعنية في الدولة بإتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتقديم الدعم والمساندة للأشقاء في ليبيا والمغرب، وشهد الرئيس اصطفاف معدات الدعم والإغاثة والمساعدات الإنسانية للأشقاء في ليبيا والمغرب موجهاً القوات المسلحة بتقديم الدعم الفورى والإغاثة الإنسانية، جواً وبحراً، للأشقاء فى الدولتين، حيث أقامت القوات المسلحة معسكرات إيواء بالمنطقة الغربية العسكرية للمتضررين من أشقائنا الليبيين الذين فقدوا ديارهم، جراء الإعصار والفيضانات، بالتزامن مع تجهيزحاملة الطائرات الميسترال للعمل كمستشفى ميداني لعدم تحميل الأشقاء فى ليبيا أية أعباء.
إن ما تبذله القوات الموجودة في ليبيا والمغرب يعتبرأقصى جهد للتخفيف من آثارالكارثة الإنسانية، ويقيني أن مصر الكبيرة، التي ترفع شعارمسافة السكة لحماية أشقائها العرب في الحرب والسلام، وجهت ثلاث طائرات نقل عسكرية من قاعدة شرق القاهرة الجوية متجهة إلى ليبيا محملة بكميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، تشمل كميات من الأدوية والمستلزمات الطبية المقدمة من وزارة الصحة والسكان، وهو ما يعد ترجمة لفلسفة الدولة المصرية في الوقوف بجانب الأشقاء العرب عند الشدائد، بإعتبارها على قدر المسؤولية الوطنية تجاه المنطقة ودعم وحماية العرب في مقدمة أولوياتها ولا تحيد عنه أبداً رغم الظروف الاقتصادية العالمية التي تلقي بظلالها على مصر، لكنه دورها التاريخي الذي لا ينساه إلا كل ناكرللجميل ولا تنتظراللطف من أحد، ليتأكد للجميع أن شعارمسافة السكة فعلاً وليس قولاً وتأكيداً على رغبة مصر دعم الأشقاء في جميع الدول العربية في أزماتهم رغم الظروف التي تمر بها.
وجاءت الكارثة الإنسانية في المغرب وليبيا بعد أيام من إنعقاد قمةالعشرين في الهند في وقت مهم إذ يتحضرالعالم لإطلاق تكتلات اقتصادية جديدة في عالم متعدد الأقطاب، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وعدم الاستقرارفي النظام الدولي والحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين، والذي شهد انعقاد قمة بريكس قبل القمة بأيام ولذا كان من الطبيعي انضمام الاتحاد الإفريقي إلى هذه المجموعة تمهيداً لانضمام المزيد من دول القارة السمراء التي تحقق نمواً غير مسبوق، وألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمة مصر في أعمال الجلسة الافتتاحية للقمة الثامنة عشرلقادة المجموعة، والتي وجه عبرها العديد من الرسائل المهمة، إذ دعا إلى دمج اقتصاديات الدول النامية مع الاقتصاد الدولي،إضافة إلى إعادة النظر في المنظومة الخاصة بقضايا المناخ والطاقة والبيئة ومعالجة إشكالية ديون الدول النامية، التي باتت تتخذ أبعاداً خطيرة، نتيجة ارتفاع أعباء خدمة الدين، ما يتطلب سرعة اتخاذ قرارات حاسمة تحول دون اندلاع أزمة ديون عالمية، مضيفاً أنه في إطار مواجهة أزمة الغذاء أعلنت مصر استعدادها لاستضافة مركز عالمي لتخزين وتداول الحبوب بالتعاون مع شركاء التنمية وهو ما يدعو لاتخاذ خطوات حاسمة إزاء التحديات، التي تحول دون التعافي الاقتصادي وبلوغ التنمية المستدامة من خلال ضمان العمل على سد الفجوة التكنولوجية الكبيرة بين الدول، ويقيني أن كلمتي الرئيس خلال القمة دعت إلى التعاون بين جميع دول العالم ونقل التكنولوجيا للدول النامية فضلاً عن مساعدتها في التخلص من الديون التي تكبل مشروعات التنمية، ولذا فأن الدعوة لدمج اقتصاد الدول النامية مع الاقتصادات الكبرى صارحتمياً لإنطلاق هذه الدول إلى المستقبل حتى تصبح قادرة على الاسهام في بناء حضارة إنسانية عالمية ولا تكون عبئاً على البشرية.
إن إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، استعداد مصرلاستضافة مركزعالمي لتخزين وتداول الحبوب يؤكد الرغبة في حل هذه الأزمة التي تفاقمت بعد إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ما أدى إلى معاناة الكثير من دول العالم خصوصاً النامية، ولذا حان الوقت لتدخل شركاء التنمية للتصدي لهذا التحدي، وهو ما تدعمه روسيا التي أكدت أن جميع الشروط تنطبق على مصر لتصبح مركزا للحبوب الروسية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بما يسهم في مواجهة أزمة الغذاء العالمية، كما أن انضمام مصر لمجموعة بريكس يسهم في إقامة هذا المركز التي ستستفيد منه جميع دول العالم خصوصاً الأفريقية التي تعاني من نقص الغذاء رغم إمتلاكها مساحات شاسعة من الأرض الصاحة للزراعة ومياة الأمطار، كما أن رؤية مصر 2030 ركزت على دعم التصنيع الزراعي بهدف زيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية من خلال الارتقاء بعناصر الجودة وتهيئة المنتجات المصنعة للتصدير، وإقامة قرى إنتاجية متخصصة في صناعات قائمة على المنتجات الزراعية فضلاً عن التوسع في استخدام التكنولوجيا في التنمية الزراعية بهدف استنباط أصناف جديدة تتحمل الجفاف وملوحة التربة ودرجة الحرارةرورفع كفاءة الري الحقلي في أراضي الوادي والدلتا من خلال خطوط أنابيب بلاستيكية بدلًا من المساقي أوإنشاء نقاط تجميع ومرافق تخزين للسلع الاستراتيجية: بهدف بناء شبكة لتجميع المحاصيل الزراعية وتخزينها في مواقع استراتيجية تغطي جميع أنحاء الجمهورية.
وأقول لكم، إن مصرتسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادها شاملة عبرجميع المسارات، وتعتبر السياحة أحد أهم روافد زيادة الدخل القومي، ولذا تحرص الحكومة على تشييد المزيد من المشروعات التي تؤكد عظمة الحضارة المصرية القديمة، ومنها المتحف المصري الكبير الذي أصبح جاهزاً للافتتاح وتطويرمنطقة الأهرامات بما يحقق التكامل والربط مع الخط الرابع لمترو الأنفاق فضلاً عن تطويرالمناطق المحيطة بالمتحف والطرق المؤدية إليه، والتي تتضمن طريق الفيوم، ومنطقة الرماية، ومدخل شارع الجيش، إذ تجرى أعمال زراعة النخيل والأشجاروالمسطحات الخضراء، وأعمال تنسيق الموقع التي يجرى تنفيذها لإضفاء المظهر الجمالي على تلك المناطق، ويأتي ذلك بالتزامن مع تنفيذ مشروع تطوير الهوية البصرية على الطريق الدائري الذي يستهدف إحداث نقلة حضارية بالمنطقة مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد حدثاً ضخماً سيجذب الاهتمام عالمياً وضمن خطة الدولة لتحسين الرؤية البصرية وإبراز العناصر الجمالية لمحيط المتحف المصرى الكبيروالطرق المؤدية إليه لتفتح اَفاق جديدة أمام السياحة في مصر لوضعها في المكان اللائق بها.
أحمد الشامي
Aalshamy6110@yahoo.com