الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم - «ترند وترويقة» تدخلان قاموس اللغة العربية
«ترند وترويقة» تدخلان قاموس اللغة العربية

تعيش غالبية دول الوطن العربي أزهى عصورها خلال الأعوام الأخيرة نتيجة التنمية التي تحققت في ربوعها رغم تعرض بعضها لأزمات وصراعات داخلية، وتسعى غالبية دول العالم إلى الدخول في شراكات مع دوله الناهضة التي استطاعت أن تثبت قدرتها على مقارعة أكبردول العالم الذي يتأهب ليصيرمتعدد الأقطاب، وتُعتبراللغة العربية ركيزة مهمة في التفاهم بين أبناء الدول العربية وأحد أركان التنوع الثقافي للبشرية، وأصبحت من أكثراللغات انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان العالم، وتحتفل البشرية باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشرمن ديسمبر كل عام وهواليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، ولاينكر أحد كيف استفادت الحضارة الغربية من علماء عرب سجلوا نظرياتهم وإبدعاتهم في جميع مجالات العلم، إذ تعتبرالعربية واحدة من اللغات السامية التي نشأت في شبه الجزيرة العربية، والتي تعود أصولها إلى القرن السادس، ومع توسع الحضارة الإسلامية انتشرت اللغة العربية في إفريقيا وآسيا، وبدأت تنتشر أكثر في القرن السابع خلال الفتوحات الإسلامية، التي ساعدت في انتشار اللغة العربية في العديد من دول الشرق الأوسط إلى شمال أفريقيا، بعد أن صارت حافزاً لإنتاج العلوم ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة وأتاحت اللغة العربية إقامة الحواربين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
ولما كانت الدول العربية تستوعب الجديد من الكلمات الحديثة فقد أجازمجمع اللغة العربية بالقاهرة، عدداً من الكلمات المتداولة والرائج استخدامها في حياتنا اليومية في الفترة الأخيرة، وأشهرها كلمة «ترند» وعرّف المجمع كلمة «ترند» بأنها موضوع ساخن جديد يُثارعلى منصّات التواصل الاجتماعيّ، فينتشر بسرعة في فترة زمنية قصيرة، ويهتم به الجمهورُ، ويتداولونه بالحديث فيه والتعليق عليه، ويتبادلون الأخبارعنه بكثرة، وجمعه ترندات، بعد أن اقتحمت اللغة العربية وفرضت نفسها فكان من الضروري أن تتسع قواميسها لهذه الكلمة الجديدة، كما سمح المجمع بإضافة أربع كلمات أخرى إلى قاموس اللغة العربية وهي «ترويقة» و«ترويسة» و«ترهل»، و«ترميز»، كما أجازت لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع كلمة الترويقة وعرفتها بأنها «ما يُؤكل ويُشرب في الصباح على الريق»، وكلمة الترويقة يطلقها حسبما قال المجمع أهل الشام على وجبة الإفطار، كذلك أوضح أنه تم إجازتها لأنها من الفعل «روَّق» حيث يقال: «روَّق الشرابَ أي صفَّاه، والرَّوْق من كل شيء مقدَّمه وكشف مجمع اللغة أن كلمة «ترويقة» على وزن «تفعيلة» وتتميزبكثرة الاستعمال، وبالصحة اللغوية، والاختصاص بدلالة اجتماعية اكتسبتها من ممارسات الناس في حياتهم الاجتماعية وتفاعلاتهم اللغوية اليومية.
وأجاز المجمع كلمة «ترويسة» وتعني كلمة رئيسة أو عنوان رئيسي يُذكر في رأس الصفحة لإبراز مضمون ذي أهمية خاصة، وهي مألوفة في الكتب، والمعاجم، والصحف وذكر المجمع أن ترويسة تعني العنوان وتتضمن اسم المؤسسة ومكانها وما يتصل بها من معلومات خاصة، مثل رقم الهاتف والفاكس ونحوها، مضيفاً أن أصل الواو في الترويسة هو الهمزة، فهي في الأصل «ترئيسة» من الفعل «رأّس»، و يقال رأَّسه عليهم جعله رئيساً وتتميز الكلمة أنها على وزن تفعيلة بكثرة الاستعمال، وبالصحة اللغوية، والاختصاص بدلالة اجتماعية اكتسبتها من ممارسات الناس في حياتهم الاجتماعية، وتفاعلاتهم اللغوية اليومية، وأضاف المعجم أن كلمة «ترهل» أو«تراخ»، وهي تعني ضعف في أداء الواجب، دون أن يكون ذلك ناشئاً عن قلة الموارد أوالإمكانات البشرية وغيرها، بل كثيراً ما يكون مصحوباً بالزيادة فيها كذلك أجاز المعجم الكلمة لأنها في أصلها تدل على الاسترخاء والضعف والاضطراب، وربما كان ذلك مصحوباً بانتفاخ يشبه الورم، وليس عن داء، وإنما هو استرخاء ونزوع إلى الضعف، الدكتورعبدالحميد مدكور، الأمين العام للمجمع، أكد أن كلمة «تِرِنْد» تعدد الرأي حولها ما بين موافق ورافض وحدث الأمر نفسه عند العرض على مجلس المجمع،وبعد مناقشات طويلة ما بين القبول والرفض، تغلب الرأي الذي وافق على تقبلها، وكان من أسباب ذلك أنه لا توجد كلمة واحدة تعبر عن مضمون هذه الظاهرة المركبة، التي ساقتها وسائل التواصل الاجتماعي، وتابع مدكور في بيان صادرعن مجمع اللغة العربية »لوحظ كذلك أن اللغة العربية قد تقبلت قديماً وحديثاً كلمات من هذا النوع، جاءت إليها من الفارسية واليونانية والسريانية وغيرها، ولا بد أنهم ترددوا في أول الأمر لكنهم تقبلوا كثيراً منها، وظهرت الكتب التي تبحث ظاهرة الدخيل»،متابعاً «وقد وجدنا في تراثنا القديم كلمات كثيرة، وتكررهذا في الواقع اللغوي الحديث، ومن ذلك كلمات مثل الكلاسيكية والرومانتيكية، ومن قبلهما الفلسفة والموسيقا «بالألف أو بالياء»، وكذلك أسماء بعض الآلات أو الأدوات كالتليفون والموتوروالميكانيكا وأسماء بعض العلوم مثل «الفيزياء والجيولوجيا والجغرافيا»، وهذه ليست إلا أمثلة قليلة من ظاهرة كبيرة متجددة تؤدي إلى مناقشات طويلة تجعل قبولها مشروطاً بشروط دقيقة تؤدي إلى قبول بعضها ورفض كثير منها في أكثر الأحيان«، كما أجاز المجمع كلمة "الترميز" وهي كلمة تستخدم في مجال الحاسوب والبرمجيات، وتعني إدخال رموز معينة للدلالة على أشياء محددة، بحيث يكون لكل دلالة رمز معين، وقال المجمع أن الترميز مصدر مأخوذ من الرَّمْز أي الإشارة والكلام الخفي، ثم استُعير الرمز في الكلام المحدث لمعني الإشارة الدالة على معنى أو شيء بعينه، ومن هذا المعنى أُخِذَ الترميز، أي عملية تحويل النصوص أوالبيانات إلى رموز وهي ترجمة للكلمة الإنجليزية " coding".
وأقول لكم، إن لغتنا العربية الجميلة ستظل نابضة إلى يوم الدين، إذ احتوى القراًن على العديد من الاًيات التي تؤكد أن اللغة العربية هي لغته وقال الله سبحانة وتعالى "إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"، وقال الإمام الشافعي، "اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد، صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول ينبغي لكل أحد يقدرعلى تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى، وقال أيضاً ما جَهلَ الناسُ ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطو طاليس، وقال أمير الشعراء أحمد شوقي، لغة حباها الله حرفاً خالداً، فتوضعت عبـقاً على الأكوان، وتلألأت بالضاد تشمخ عـزةً، وتسيل شهداً في فم الأزمان فاحذر أخي العربي من غـدر المدى، واغرس بذور الضاد في الوجدان،وقال ابن القيم الجوزية، رحمه الله: وإنما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها"،ويقول ابن الأثير، "اللغة العربية سيدة اللغات".
أحمد الشامي
Aalshamy6110@yahoo.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف