الجمهورية
احمد الشامى
أقول لكم لماذا لا يفخرون مثلنا..ألا يوجد في مدينتهم شهيد؟
لماذا لا يفخرون مثلنا..ألا يوجد في مدينتهم شهيد؟

حطم الشعب الفلسطيني الباسل جدار75عاماً من العزلة التي بدأت عام 1948 عقب النكبة التي تسببت في طرده من دياره وتحويل نحو 750 ألفاً إلى لاجئين، بعد أن سطربإرادة فولاذية قدرة فائقة على الصمود أمام اًلة عسكرية لاترحم، ليحول رواية مائة عام من العزلة التي نشرها الأديب الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيزعام 1967 وتعتبرمن أهم الأعمال الأدبية العالمية التي تحكي قصة عائلة ناضلت على مدى ستة أجيال من التأسيس إلى النهضة وبناء دولة عصرية،إلى حقيقة وواقع أمام العالم كله بعد أن عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد سنوات من التهميش، نتيجة المظاهرات التي اجتاحت العالم كله تضامناً مع الشعب الذي يعاني مرارة الوحدة والإنكسار منذ 75 عاماً، إذ تصدى لهجوم عبر البر والبحر والجو فاق حد الانتقام إلى الإبادة، ما أجبر دولاً كبرى على السعي لعدم توسيع دائرة الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي وأطلق عليها الفلسطينيون طُوفان الأقصى، فيما وصفها الطرف الاًخر بعمليّة السُّيُوف الحديديَّة، والتي شنَّتها فصائلُ المقاومة رداًعلى «الانتهاكات في باحات المَسْجِدِ الأقصى المُبَارك والاعتداءات على المُواطنين الفلسطينيين في القُدس والضّفّة والدّاخل المُحتَل".
وصل عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 14 ألفاً و854 بينهم 6150 طفلاً، وأربعة آلاف امرأة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ويعني ذلك أن حوالي 69 % من إجمالي الشهداء من الأطفال والنساء، كما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 36 ألفاً، 75 % منهم من الأطفال والنساء، فيما انطلقت الهدنة الإنسانية، الجمعة، مع فتح معبررفح على مدار الساعة ليكون ممراً آمناً يدخل من خلاله الغذاء والمستلزمات الطبية والوقود اللازم لتشغيل جميع المستشفيات والمؤسسات في غزة، فيما طالب المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، بإمداد جميع المستشفيات من الشمال إلى الجنوب بكل المستلزمات الطبية اللازمة لإعادة تشغيل 26 مستشفى وجميع المراكز الطبية التي أخرجها جيش الاحتلال عن الخدمة منذ بدء الحرب، كما دعا إلى إمداد القطاع بالمواد الغذائية الأساسية، وتسيير قوافل الإمدادات الإغاثية العاجلة، وضمان تشغيل المخابز والأسواق والمحال التجارية لتجنُّب وقوع أي كارثة إنسانية، ويقيني أن الشاعر الفلسطيني محمود درويش، لو كان على قيد الحياة لأبدع ديواناً جديداً مثل دواوينه الكثيرة التي تحدث فيها عن عشق فلسطين ونضالها واًخرها ديوانه الذي حمل عنواناً اسم قصيدته التي تزين الديوان نفسه وهو "لماذا لا يشتاقون مثلنا.. ألا يوجد في مدينتهم ليل"، ليكون عنوان الديوان الجديد " لماذا لا يفخرون مثلنا.. ألا يوجد في مدينتهم شهيد"، والتي تعتبر بمثابة رسالة من كل المدن الفلسطينية الصامدة التي ارتقت على أرضها أرواح اًلاف الشهداء وصارت تفتخرأمام كل مدن العالم بتضحياتها من إجل إقامة دولة فلسطينية على حدود يونيوعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إنها قصة كفاح شعب عنيد رفض التهجير وتكرارالنكبة الأولى بنكبة ثانية أكثرقسوة تعني نهاية حلمة في إقامة دولته المستقلة، ستظل حكاية نضاله تروى للأجيال والعالم كله من نكبة 1948 إلى تأسيس الدولة الحديثة ونهضتها، وقتها سينظرالفلسطينيون خلفهم ويتذكرون قصص تضحياتهم وكفاحهم وكيف صمدوا أمام أكبر اًله عسكرية في العالم، ولذا لم يكن غريباُ أن تطالب جميع دول العالم الساعية لتحقيق السلام بالعودة إلى مائدة المفاوضات السياسية وإعادة طرح حل إقامة دولتين إحداهما فلسطينية لوقف هذا العنف وبدء مرحلة جديدة من التعاون والسلام بين جميع دول المنطقة، إذ إن الحل ليس في إبادة الشعب الفلسطيني أوفصيل من المقاومة يطالب بحق الحياة لأمة اًن لها أن تودع حياة العزلة وتبدأ مرحلة جديدة من البناء والعمل والأمل بعد سنوات من الحصار والألم الذي حولهم إلى أبطال، لأن الشعب المحب للحياة قادر على إنجاب ملايين الأبطال، ورغم الخسائر الجسيمة التي تعرض لها الفلسطينيون واًلاف الشهداء الذين إرتقت أرواحهم إلى السماء إلا أن ما تعرض له أبناء الشعب الفلسطيني أصبح حكاية كفاح يشهد لها العالم من خلال المظاهرات التي كست شوارع وميادين العديد من عواصم العالم الحر، بعد أن سقطت الأقتعة التي كانت تسعى لتصوير ذلك الشعب على أنه مجموعة من القتلة الذين يرفضون السلام ويحاولون إبادة الأبرياء.
وأقول لكم، إن وسائل الاتصال الحديثة جعلت القضية الفلسطينية الملف الأهم والأولى بالاهتمام من جانب المنظمات الدولية والدول الكبرى بعد أن تفهم العالم كله أن هذا الشعب تحمل عشرات السنين من العزلة والظلم والحصار لكنه أبداً لم يستسلم ويرفع الراية البيضاء وتمسك بحقه في الحياة منذ النكبة حتى الاًن وضحى بكل شئ من أجل أن يفهم العالم كله الحقيقة حتى يحصل على دولته المستقلة بعد أن أصبح الشعب الوحيد في العالم الذي لم يحصل على استقلاله حتى الاًن، بعد أن صارت قضيته الأولى على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم خصوصاً منصة إكس التي جعلها صاحبها إيلون ماسك نافذة للأراء الحرة في العالم وتبين من خلالها مدى ما يتعرض له الفلسطينيون من كراهية وعنصرية ومحاولات إبادة على مدى 75 عاماً لكنه قاوم حتى انتصر، ليصبح حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة من الحروب وهو ما تم إقراره في قرار مجلس الأمن رقم 242 بعد حرب 1967 ووافق بعض الفلسطينيين على هذه المبادئ في عام 1974 عبرالبرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، والذي عارضته بعض الفصائل وقتها، حتى أصبحت فيما بعد مرجعية المفاوضات في اتفاق أوسلوعام 1993 .

أحمد الشامي
Aalshamy6110@yah00.com
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف