احمد الشامى
أقول لكم "فلسطين صامدة": "حكايات من دفتر إطلاق الأسرى»
"فلسطين صامدة": "حكايات من دفتر إطلاق الأسرى»
ابتسامات وضحكات وتلويح بالأيدى وقبلات، مشاهد رسمت علامات الارتياح على وجوه الأسرى الإسرائليين أثناء تسليمهم إلى طواقم اللجنة الدولة للصليب الأحمر في غزة ما يؤكد تلقيهم معاملة إنسانية أثناء إحتجازهم، وكانت بمثابة حكايات من دفتر إطلاق الأسرى ومشاهد للعالم كله تؤكد أن الفلسطينيين يرغبون في العيش بسلام دون حروب ودماء ودمار، ويعتبرمشهد وداع الأسيرة مايا ريجيف بعبارة »باي مايا» التي ردت ردت قائلة: »باي شكرًاً»، مثيراً لوسائل التواصل الاجتماعي في العالم كله، فيما أثارمقطع فيديوأسيرة إسرائيلية حيت مودعيها بقبلة ردود أفعال واسعة، إذ سخرمنها إعلاميون أمريكيون وعلق أحدهم »إنهم لن يتزوجوكي»، لكن ما حدث دليلاً دامغاً على أن فلسطين صامدة وأنها تحارب ليس من أجل الدمار ولكن لأن قضيتها عادلة وترغب في إحلال السلام، بعد 75عاماً من الحصار الذي حرم شعبها من حياة طبيعية، إذ أحيت الأمم المتحدة 29 نوفمبر الجاري، اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تزامناً مع الحرب على غزة، ما يؤكد رغبة المؤسسات الدولية تأكيد التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني وحقه في العيش في سلام وكرامة، ونهاية الحروب والدمار في المنطقة، إنها إرادة الشعب الفلسطيني الذي يقابل التهدئة بالتهدئة وقلب مملوء بالأمل والسلام والرغبة في الحياة، ويتصدى لـ النار بالنار حتى يعلم الجميع أنه لن يفرط في قضيته التي ظلت في وجدان البشرية طوال 75 عاماً وجاءت الحرب الأخيرة لتضع النقاط فوق الحروف ليعرف العالم كله كيف ناضل هذا الشعب بالحجارة والبارود حتى تظل قضيته في ذاكرة العالم ولا تضيع في أدراج المؤسسات الدولية التي تسيطر عليها الدول الكبرى.
»أنا لا أعرف الأسلحة التي ستستخدم في الحرب العالمية الثالثة، ولكن الرابعة ستكون بالعصي والحجارة»، هكذا رد ألبرت أينشتاين، وهو ألماني من أعظم علماء الفيزيا النظرية فى العالم، (1879 ـ 1955)، كانت أبحاثه حول الذرة من أسباب اختراع القنبلة النووية، على سؤال عن أنواع الأسلحة التي ستكون متاحة أمام البشر في الحرب العالمية الثالثة في حال وقوعها، ولذا تسعى كافة دول العالم خصوصاً الكبرى منها لعدم الوصول لهذه المرحلة في الصراعات التي تحدث بالعام الاًن والتي يمكن أن تكون سبباً في تدمير البشرية، وهو ما يحدث في الحرب على غزة حالياً، إذ حذرت غالبية القوى العظمي خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية من توسيع دائرة الصراع واندلاع حرب عالمية ثالثة والتي تختصربالحروف ( WWIII أو WW3) وهي مصطلح أطلق على الصراع العسكري العالمي في حال حدوثه بعد الحرب العالمية الأولى والثانية عام 1945 عقب إنتهاء الحرب التي استخدمت فيها القنابل النووية لأول مرة، لأن صراع من هذا النوع سيكون أضخم من الحروب العالمية السابقة من ناحية النطاق والدمارالشامل ويمكن أن يعيد البشرية إلى حياة بدائية، بسبب تطويرواستخدام الأسلحة النووية في الحرب العالمية الثانية واستخدامها في ضرب اليابان وما تلاها من صراع للتسلح بالقنابل النووية، ما جعل غالبية العلماء والمفكرين وقيادات العالم يتوقعون أنه في حال إندلاع حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها الأسلحة النووية ستكون نهاية العالم وتالياً استخدام العصي والحجارة في حال نشوب حرب عالمية رابعة.
ضحت مصر بأرواح 120 ألف شهيد خلال حروبها دفاعاً عن فلسطين ولذا يعتبر الجيش المصري في مقدمة الجيوش العربية والإقليمية القادرة على فرض السلام في منطقة الشرق الأوسط بسبب ما يمتلك من قدرات عسكرية متطورة وخبرات تمتد إلى مئات السنين، ما جعله يشكل الركيزة الأساسية للأمن القومي العربي، لذا شارك في جميع الحروب التي شهدتها المنطقة دفاعاً عن فلسطين والدول العربية منذ اندلاع الصراع عام 1948 حتى الاًن، إذ خاضت مصرخمسة حروب أعوام 1948 و1956، 1967،1970 ، و1973، كما شاركت القوات المسلحة في حرب عاصفة الصحراء التي أسهمت في تحريرالكويت في عام 1991 وكان الجيش المصري يشكل ثاني أكبر قوة من قوات التحالف الدولي، ولذا كان من الطبيعي أن تسعى لفرض السلام في الإقليم دعماً للاستقرار، ومنذ إندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي لم تتوقف الجهود السياسية والدبلوماسية المصرية لإنهاء هذا الصراع الذي بدأ منذ 75عاماً دون الوصول إلى اتفاق نهائي ينفذ المنطقة من ويلات الحروب واًلامها التي لا تنتهي بل تظل ممتدة للعديد من الأجيال، وهوما دفع الرئيس الراحل أنور السادات إلى زيارة إسرائيل في 19 نوفمبر 1977، لمخاطبة المسئولين في بيتهم "الكنيست" حسب وصف السادات، لإطلاق عملية السلام، إذ التقى بكبار المسؤولين الإسرائيليين بقيادة رئيس الوزراء مناحيم بيجن، وهي الزيارة التاريخية التي قلبت الموازين في العالم ووضعت أسس السلام في المنطقة، والتي أسفرت عن توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر 1978 بعد 12 يوماً من المفاوضات السرية والتي أسفرت عن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
يظل إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام مع جيرانها الحل الوحيد لإنهاء الصراع الذي يعد أحد أقدم النزاعات في العالم وذلك من خلال »حل الدولتين«، الذي بات مطلباً دولياً تسعى غالبية دول العالم خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية ومصروالمؤسسات الدولية إلى إقراراه لبدء مرحلة جديدة من السلام في الشرق الأوسط، وحل الدولتين ليس طرحاً جديداً للسلام بل حل مقترح للصراع العربي الإسرائيلي بديلاًعن مطلب تحرير كامل فلسطين ويعتمد على أساس دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، وهو ما تم إقراره في قرار صادر عن مجلس الأمن رقم 242 بعد حرب 1967 وسيطرة إسرائيل على باقي أراضي فلسطين التاريخية، كما اعتمد بعض الفلسطينيين هذه المبادئ في عام1974 بالبرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، والذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية وقتهاحتى أصبحت فيما بعد مرجعية المفاوضات في اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والاَن صارهذا الحل مطلباً دولياً ولذا لم يعد أمام قادة إسرائيل سوى الجلوس إلى مائدة المفاوضات لوقف نزيف الدماء وإشعال التوتر في المنطقة الذي سيزيد حتماً من انتشار الجماعات الإرهابية خصوصاً أن الصراع على القدس يمتد إلى مئات السنين، خصوصاً أن إسرائيل تسيطرعلى ما نسبته 78% من أرض فلسطين التاريخية، متجاوزة ما خصصته الأمم المتحدة في قرار تقسيم فلسطين عام 1947، أما دولة فلسطين فصارت الدولة الوحيدة في العالم التي لم تنل إستقلالها الفعلي حتى الاًن، بسبب احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية منذ حرب 1967 وتشكل الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية 22% فقط.
وأقول لكم، إن المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتهجيرالفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن ستبوء بالفشل، لأن الدولتين أعلنتا رفضهما لهذا القرار الذي يعنى في حال تنفيذه القضاء على القضية الفلسطينية إلى الأبد، وهو ما أكدت عليه مصر، ما سيؤدي إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة، وهو أمرغيرمقبول لأن تهجيرالفلسطينيين إلى سيناء خط أحمرلا يمكن الموافقة عليه لأنه يعني سياسياً السياسة الدولية تؤكد أن الدولة تتكون من "أرض وشعب وسلطة"، وعندما يتم التهجير لن تكون دولة ما يعني تصفية القضية الفلسطينية التي عاش شعبها 75 عاماً في الحصار منذ النكبة الأولى عام 1948 وتهجير750 ألف فسلطيني من ديارهم إلى غزة وقضاء كل هذه السنوات تحت الحصار الذي صار عنواناً لكفاح الشعب الأبي الذي يدافع عن قضيته بشراسة طوال هذه السنوات ورفض مغادرة أرضه رغم التضحيات التي لا تتوقف يومياً إذ تجاوز عدد الشهداء 15 ألف شخص أغلبهم من النساء والأطفال الأبريا لكنهم لم يفقدوا الأمل لحظة واحدة في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع نت يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
أحمد الشامي
Aalshamy6110@yah00.com